الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المقاومون والممانعون وجهاً لوجه أمام الثورة السورية

بدرالدين حسن قربي

2012 / 3 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


انتهى أمر المقاومين والممانعين ومن معهم من أحزاب عروبية وقومية ومنظمات رديفة فلسطينياً وعربياً في شأن الثورة السورية إلى الاصطفاف مع حليفهم النظام السوري من الأيام الأولى معتبرين معركته معركتهم باستثناء حركة حماس التي نأت بنفسها عن هذا الموقف معتبرة الثورة أزمةً وشأناً داخلياً سورياً لاترى مصلحة فلسطينية في التدخل فيه.
ولئن التقى رأي جميعهم على مامفاده أن الثورة السورية مؤامرة خارجية بخلاف الثورات العربية الأخرى، تستهدف إسقاط النظام الأسدي، والذي طالما أنها تستهدفه فهي تقدم خدمة جليلة لإسرائيل وأمريكا للسيطرة على المنطقة. وأن المجلس الوطني السوري المعارض وضع نفسه في حلف واضح مع أمريكا وحلفائها، يستهدف خنق المقاومة اللبنانية وكسر التحالف مع إيران، بل وإن هيئاته التنسيقية نظمت جُمَعا مطالبة بالتدخل الدولى وحظر الطيران، فضلاً عن اختيارها الصدام ورفضها الحوار مع نظام الأسد الذي أعلن على السوريين الحوار والإصلاح.
وفي الرد على مثل هذه الحجج، يمكن القول أن إرهاصات الثورة وأسبابها باتت معروفة، فاعتقال أطفال درعا التسعة عشر ووحشية تعذيبهم، والمواجهة الدموية للمظاهرات الأولى، لم تكن بالتأكيد بتدبير أمريكي أو إسرائيلي، بل هي طبيعة نظام أمني قمعي معروفة للجميع، وأن موقف المقاومين وحلفاءهم وشبيحتهم كان محسوماً ضد الثورة السورية ومطالبها من الأيام الأولى، وما يستعينون به من كلام عن المجلس الوطني الذي تشكل متأخراً سبعة أشهر، وعلى فرض صحته لاقيمة له البتة، طالما أنهم وضعوا الثورة في خانة التآمر والمؤامرة من البداية وبدون مجلس بعد. أما عن رفض المعارضة للحوار واختيار الصدام، فما من أحد في العالم إلا ويعلم أن السوريين المعتّرين راهنوا كثيراً جداً على وعود الإصلاح، ونشف ريقهم وهم يطالبون، وأن من اختار الصدام والحل الأمني هو النظام نفسه الذي أراق دماء الآلاف من مواطنيه فضلاً عن عشرات الآلاف من المعتقلين، والذي أنتج بدوره معارضةً مسلحة ظهرت بعد أربعة أشهر من بداية الثورة لاعلاقة لها بالمظاهرات والاحتجاجات أصلاً، لأنها في حقيقتها من ضباط النظام وعسكرييه ممّن تربّى في ثكناته وتدربّ على أسلحته، وإنما أخلاقهم وشرفهم منعهم من أن يخونوا قَسَمَهم ويقتلوا شعبهم، فانشقّوا عنه ولمّا يخطر ببال النظام بعدُ أن ينادي إلى الحوار، ودعا إليه بعد أن أسال الدماء كالأنهار، وبعد أن مشت مراكب الثورة بإذن ربها وفاته القطار.
ومن ثمّ، فإن موقف المقاومين وحلفائهم وشبيحتهم ينتهي إلى أنهم لايرون في معاناة السوريين وقهرهم وإذلالهم من قبل نظامهم الديكتاتوري المستبد الدموي الفاسد مما تسبب في انفجار بركان ثورتهم شيئاً مذكوراً، طالما أن النظام على سندانه تتكسر المشاريع الأمريكية الإسرائيلية، بل يصبح عدم القبول به والثورة عليه فعل خياني بامتياز، أما استحواذه على السلطة والثروة قرابة أربعين عاماً ممثلاً بأسرة الأسد وقراباته قمعاً ونهباً وإن احتاج ذلك إلى قتل الآلاف وتشريد مثلهم واعتقال عشرات الآلاف فهو فعل وطني، وأن كرامة السوريين عندهم وحريتهم نَسْياً مَنسياً.
وعليه، فإن مشهد المقاومين والممانعين الجدد في وجه الثورة السورية يتلخص بأنهم قوم من طراز فريد من مقاومي النخبة وحلفائها، أعفَوا أنفسهم لأصالةٍ فيهم من أية مسؤولية أو دور عروبي أو إنساني في الإسعاف والعون والإغاثة مهما كان قَدْره. ومن ثم فلئن كان هؤلاء الناس يجدون أنفسهم في خندق واحد يحاربون مع النظام السوري مايسمونه تمرداً أو معارضةً مسلّحة هي في أصلها من صنع النظام نفسه، ولهم في ذلك مبرراتهم المرفوضة أو المقبولة لافرق، أفلا يجدون ومعهم أنصارهم أن عليهم بعض المسؤولية الواجبة من آثار مروءة وشهامة، وبقايا نخوةٍ وأخلاق تجاه سوريين ممن آووْهم ونصروهم حباً ومروءةً أيام الاعتداء الصهيوني على لبنان، وأسكنوهم قلوبهم بدوافع من نخوتهم وشرفهم، وغطّو عليهم بأهداب عيونهم ضيوفاً مكرّمين معزّزين في مضافاتهم ومساكنهم ومزارعهم رغم آلاف أعدادهم وعوائلهم، أم أن هؤلاء المقاومين يرون التخلي عمن قُتل بريئاً وقد بلغ عددهم بالآلاف غير الجرحى والمصابين هو الواجب، بل بلغت النذالة ببعضهم أن يضايق اللاجئين بإقامتهم وحركتهم وأمنهم متناسياً أبسط بدهيات الضيافة وأخلاقياتها رغم أنهم لايتكلفونه شيئاً.
وصل المقاومون والممانعون من كل أصنافهم وألوانهم وبلدانهم إلى حال من النذالة تنكروا فيها لا إلى الثائرين المسالمين ولا إلى المعارضة المسلحة بل إلى الناس العزْل المسالمين البسطاء ممن يُقتلون للترويع والترهيب أطفالاً ونساءً وشباباً وشيوخاً من الذي وصل حالهم إلى أن يقولوا: مقاومتكم تذبحنا وممانعتكم تقتلنا، اللعنة عليكم وعلى أصلكم، فتحرير فلسطين لايكون بذبحنا وقتلنا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: الكوفية الفلسطينية تتحول لرمز دولي للتضامن مع المدنيي


.. مراسلنا يكشف تفاصيل المرحلة الرابعة من تصعيد الحوثيين ضد الس




.. تصاعد حدة الاشتباكات على طول خط الجبهة بين القوات الأوكرانية


.. برز ما ورد في الصحف والمواقع العالمية بشأن الحرب الإسرائيلية




.. غارات إسرائيلية على حي الجنينة في مدينة رفح