الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قلادة حرب

دلال جويد
(DALAL JWAYYED)

2012 / 3 / 8
الادب والفن


10 أعوام فقط

ورأيت أسرة بيضاء كثيرة ينام عليها رجال يئنون......معلمتي كانت ترتدي الزيتوني وتعطيني علبة لا اعرف ما بها... اقدمها للجنود الجرحى......كنت ارتجف خوفا فلم أكن قد رأيت اسرة بيضاء ينام عليها رجال يئنون.....انسحبت إلى لا ادري اين.......القاعة تتسع.....المعلمة تبتعد وأنا اعود الى الوراء فقطرات الدم على الشراشف ترعبني......ارتطمت بسرير خلفي.......ينام عليه رجل عملاق.....اكبر بكثير من سنوات عمري العشر........قال من هناك؟ لم اتنفس صمتٌّ....... ولم يرني.... فقد كان بلا عينين.....شظيتان مكانهما..... لم يكن يئن....... كان كل شيء أكبر من الألم..........



13 عاما

ورأيت.......جنودا يطلّون برؤوسهم من سياج الايفا العسكرية.... غاضبين متربين حواجبهم معقودة بشدة....... كنت ابتسم لهم معتقدة أن ابتسامتي ستخفف ويلات الحرب..... ربما سخروا من بلاهتي...... لكن جنديا أسمر غمز لي بعينه.....فغطيت وجهي هاربة....هي المرة الأولى التي أرى فيها رجلا يغمز لي.



17 عاما

ورأيت علبة زجاج فارغة......لم تكن فارغة....كانت مثبتتة في الطين......طابوق وأحجار احيطت بها..... تعلمت من الموت الكثير في مدينتي......انها شاهدة جندي قضى غريبا ولم يجد جثمانه طريقا الى اهله......... كانت الحرب تشتعل بكل سنوات العمر...... لا فرق بيننا وبين الموتى...نساكنهم في المدينة القتيلة........ فضول أصاب ابنة الثانوية...... قرأت الاسم "جاسم محمد علي مواليد 1963ـ بابل" اعدتُ علبة الزجاج الى مكانها......لكنها لم تعد............. طاردتني في احلامي كلها.



20 عاما

ورأيتني ارتدي ثوب أمي الاسود...... المآتم كثيرة والسواد واجب مقدس...... رجال كثيرون اقتحموا الدار من كل مكان دخلوا...أمي كانت تصرخ بنا كونوا قريبين مني... ايقظتنا وهي تصرخ ارتدين عباءاتي..... كانت تخاف على البنات........ وتموت رعبا على الاولاد.....سألوا عن اخي البكر فبكت امي وقالت هو جندي لم نره منذ شهور.....جروا الاصغر ابن الخامسة عشر..... تشبثت امي باذيال الضابط توسلت به انه فتى صغير لا يعرف شيئا.......كنا نبكي بصمت بينما يحدق الوحوش في وجوهنا..... بعد أن افرغت امي كل توسلاتها.. دفعوا أخي اليها وقالوا سيأتي الكبير ونأخذه.......... لن أنسى ابدا توسلات امي...قررت أن لا أنجب طفلا...... لكني عاقبت نفسي............ وصرت أما كأمي........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ذكريات شعر
قاسم العكيلي -- ( 2012 / 6 / 30 - 12:02 )
كانت الاهات لها معنى وحينها كنا نعرف من نلعن بايمان --- ترى من سنلعن اليوم انها ماساتنا الجديدة

اخر الافلام

.. اختيار الناقدة علا الشافعى فى عضوية اللجنة العليا لمهرجان ال


.. صباح العربية | نجوم الفن والجماهير يدعمون فنان العرب محمد عب




.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان