الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة قانونية: المعالجة القانونية لمراقبة العملية الانتخابية

فلاح اسماعيل حاجم

2005 / 1 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


باصدارها للانظمة (5-10) تكون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق قد قطعت شوطاً كبيرا على طريق التحضير لاجراء واحدة من اهم الممارسات الديمقراطية واكثرها خطورة في التأريخ الحديث لبلدنا على الاطلاق. ومع ان ما ينتظر المفوضية من خطوات لاحقة سوف لن يكون اقل اهمية من اصدار تلك الانظمة؛ الا انه يمكننا القول بأننا نمتلك الان ما يمكن ان نطلق عليه المرتكزات الاساسية التي لا يمكن بأي حال ان تجرى بدونها اية انتخابات حقيقية. ان اهمية الانظمة الصادرة عن المفوضية العليا لا تكمن في احتوائها على آليات اجراء الانتخابات المرتقبة فحسب؛ بل ولانها ستصبح واحداً من المصادر المهمة للتشريع الانتخابي العراقي اللاحق والذي يراد له التأسيس لحياة سياسية ديمقراطية سليمة ووضع اللبنات الاولى للتداول السلمي للسلطة.
ان استعراضا سريعاً للانظمة الصادرة عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق تبين بوضوح بان نشاط المفوضية اشبه ما يكون سباقاً مع الزمن اذ لم يتبق على الوقت المحدد لاجراء الانتخابات سوى ما يزيد قليلا عن الشهرين وهي فترة ربما تعجز خلالها اعرق الديمقراطيات في العالم من انضاج انظمة تؤمن انتخابات عامة ونزيهة وخصوصاً في ظل ظروف بالغة التعقيد كألتي يعيشها وطننا في الوقت الراهن. ان اغلب المختصين في مجال القانون الدستوري ذهبوا الى تعريف العملية الانتخابية على انها مجموعة الخطوات التي تبدأ باعلان موعد الانتخاب وتنتهي باحصاء الاصوات واعلان نتيجة الاقتراع. وليس هنالك من اختلاف على ان تلك المهمات تعتبر من الاختصاصات الحصرية للاجهزة الانتخابية حيث تقوم فروعها الدنيا بعد البطاقات الانتخابية ورفعها الى الهيئات الاعلي فيما تنحصر مهمة هرم تلك الاجهزة بالتدقيق والتحقق من صحة تلك النتائج ومن ثم اعلانها ببيان رسمي. ان مهمة احصاء الاصوات والكيفية التي تتم بها تعتبر ذات اهمية استثنائية اذ ان على دقتها يتوقف مصير العملية الانتخابية بكاملها؛ وليس غريباً على التجارب الانتخابية لدول اسيا وافريقيا وامريكا اللاتينية وحتى في بعض الدول الاوربية ان يكتشف المراقبون بطاقات انتخابية اكثر من العدد المثبت في قوائم الناخبين المسجلة رسمياً؛ ولذا نرى ان اغلب التشريعات الانتخابية ذهبت الى وضع انظمة وتعليمات تفصيلية ليس للاطلاع على كيفية فرز الاصوات فحسب بل ولمراقبة كامل العملية الانتخابية؛ ومن هنا ذهبت تلك التشريعات الى وضع انظمة تفصيلية وآليات محددة لتسهيل مهمة الرقابة. هذا بالاضافة الى اشتراطها (التشريعات) على ان تتم عملية التصويت من ثم احصاء اصوات الناخبين بحضور ممثلين عن الاحزاب السياسية والمرشحين؛ فالقانون الانتخابي السويدي؛ على سبيل المثال؛ تناول بالتفصيل كيفية التعامل في حال احتواء المغلف الانتخابي على اكثر من ورقة اقتراع؛ او في حالة وضع الناخب علامة التصويت امام اكثر من حزب في القائمة....الخ من التفاصيل الدقيقة. اما القانون الانتخابي الفرنسي فقد ذهب الى اعتبار البطاقات الانتخابية لاغية في حالة احتوائها على اية اشارة عدا تلك التي تنص عليها التعليمات الانتخالبية. بالاضافة الى ذلك ولغرض التأكد من سلامة احصاء البطاقات الانتخابية يبيح القانون الفرنسي امكانية الحضور ليس فقط لممثلي الاحزاب والمرشحين وانما لمن يرغب من الناخبين ايضاً مؤكداً على ترتيب مكان الاحصاء بالشكل الذي يمكن الناخبين من مشاهدة العملية بسهولة. اما في الحالة العراقية فقد حصر نظام رقم (5) لسنة 2004 الصادر عن المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق مهمة المراقبة بالفرق العراقية والدولية مشترطاً تسجيلها المسبق لدى المفوضية العليا مستبعداً اية امكانية لقيام الناخبين (الافراد) بمهمة المراقبة (القسم الثاني؛ 2-2 و 2-3). وبهذا الخصوص لابد من الاشارة الى ان قرار المفوضية كان صائباً اذ ان السماح للافراد بمراقبة سير العملية في الظرف العراقي الغير طبيعي بالاضافة الى غياب التقاليد الانتخابية في مجتمعنا قد يؤدي الى عرقلة الانتخابات ان لم نقل افشالها بالكامل. اما بخصوص اشراك الكيانات السياسية المساهمة في العملية الانتخابية بمراقبة سير الانتخابات فقد منح النظام رقم (6) لسنة 2004 الكيانات السياسية " حق تسمية وكلاء لمراقبة كل اوجه العملية الانتخابية " مشدداً على ان " المفوضية لا تعتمد الأ الوكلاء المعتمدون حسب الاصول والمرشحين من الكيانات السياسية الذين تتاح لهم مراقبة العمليات الانتخابية." (الخطأ القواعدي من الاصل). ومثلما اشترطت المفوضية العيا قبول فرق المراقبة على التزام مراقبيها بقواعد السلوك الصادرة عن المفوضية العليا اجازت لنفسها " سحب اعتماد اي وكيل من وكلاء الكيانات السياسية الذين يخرقون قواعد السلوك هذه.". هذا من جهة؛ ومن جهة اخرى فان النظام رقم (5) آنف الذكر وضع جملة شروط لعمل المراقبين الانتخابيين ربما يبرز من بين اهمها شرط الحماية الذاتية بالنسبة للفرق الرقابية؛ فقد نصت الفقرة 3-1 من القسم الثالث (شروط عمل المراقبين الانتخابيين) على عدم" مسؤولية المفوضية عن امن المراقبين الانتخابيين واتصالاتهم وصحتهم ووسائل نقلهم وسلامتهم أو اي دعم يقدم لهم" وبذلك تكون المفوضية قد خالفت الكثير من التشريعات الانتخابية التي تؤكد على تقديم الدعم المطلوب لتسهيل مهمة المراقبين سيما وان بعضهم سيحمل صفة مراقب دولي. وربما كان الوضع الامني وضرورة قطع الطريق على الطارئين سبباً في تشديد الشروط المذكورة حيث اشترطت الفقرة 3-4 "على كل مراقب انتخابي ان يوقع بطاقة اعتماده عند الاستلام . وعلى المراقبين ان يحملوا وسائل بديلة للتعريف بهويتهم....".
عند الحيث عن مراقبة العملية الانتخابية ودور الفرق الرقابية لابد من الاشارة الى ان انظمة المفوضية العليا المستقلة ذات العلاقة كانت حريصة على تأمين استقلالية الاجهزة الانتخابية؛ حيث اكدت (الانظمة) على منع اية علاقة مباشرة بين الفرق الرقابية والوكلاء والاجهزة التابعة للمفوضية؛ وهذا ما يمكن استخلاصه من الفقرتين 3-5 و 3-6 من النظام الخامس (مراقبوا الانتخابات) ومثيلاتهما من النظام السادس (وكلاء الكيانات السياسية) حيث تم التأكيد على عدم جواز "....التدخل في العملية الانتخابية. ولهم ان يلفتوا انتباه اعضاء المفوضية, بمن فيهم المسؤولون الانتخابيون ؛ او المدير العام التنفيذي او مجلس المفوضين؛ الى قضايا يريدون اثارتها ؛ ولا يكون اعضاء المفوضية ملزمين بالتحرك في ضوء تعليقاتهم." (الخطأ القواعدي من المصدر).
ان تواجد فرق رقابية ووكلاء للكيانات السياسية في مراكز الاقتراع لا يلغي امكانية المراقبة من قبل الاجهزة الانتخابية ذاتها؛ حيث اكدت الفقرة 2 من القسم الثالث لقرار سلطة الائتلاف المؤقتة رقم 92 حول مفوضية الانتخابات العراقية المستقلة على ان " ...... المفوضية مخولة صلاحية اتخاذ كافة التدابير الضرورية طبقا للفصل الثاني من قانون الادارة للفترة الانتقالية ؛ من اجل مراقبة وادارة انتخابات صادقة وموثوق بها في جميع ارجاء العراق.".
من الامور المثيرة للانتباه في الانظمة آنفة الذكر هو خلوها من اية اشارة الى وسائل الاعلام ودورها في تغطية العملية الانتخابية والشروط التي من المفروض على تلك الوسائل الالتزام بها؛ لكن التصريح الاخير للناطق الرسمي باسم المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية توحي بأنه سيكون للصحافة متسع من الحرية لتغطية العملية الانتخابية؛ وربما سيكون من المهم جدا ان يصار الى اصدار تشريع خاص لمعالجة هذه العملية الحساسة خلال التحضير لانتخابات اجهزة الدولة الدائمة. وهنا ينبغي الاشارة الى ان الصحافة بكافة اشكالها تلعب دوراً رقابياً متزايداً وتُعتمد في الكثير من الاحيان في التأثر على خيار الناخب حتى اثناء فترة التصويت. وفي جميع الاحوال لابد من التأكيد ان المفوضية العليا المستقلة للانتخابات العراقية قامت بجهد كبير نأمل ان يتعزز بنجاح اكبر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دول عربية تدرس فكرة إنشاء قوة حفظ سلام في غزة والضفة الغربية


.. أسباب قبول حماس بالمقترح المصري القطري




.. جهود مصرية لإقناع إسرائيل بقبول صفقة حماس


.. لماذا تدهورت العلاقات التجارية بين الصين وأوروبا؟




.. إسماعيل هنية يجري اتصالات مع أمير قطر والرئيس التركي لاطلاعه