الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار المصري والانتخابات الرئاسية ...

محمد السعيد أبوسالم
(Mohamed Elsaied Abosalem)

2012 / 3 / 9
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



ونحن على مشارف انتخابات الرئاسة الأولى بعد "سقوط" المخلوع مبارك, وبرغم أن لنا الكثير من الملاحظات حول سقوطه من عدمه, لأننا كما ظهر لنا بعد 11 فبراير أن مبارك كان مجرد واجهه عسكريه ترتدي المدني يخبئ خلفه العسكر كحكام لهذا الوطن, ربما لم نعرف قوة النظام من سهولة "سقوط" مبارك الوهمية, وكان من الطبيعي أن تنفض الميادين محتفلة بظفر النصر المبين, وبدأت الصراعات "الغبية" التي أشعلها العسكر بين التيارات السياسية, ليكون هو الهالة الظاهرة للشارع عن الثورة, فتتسع الفجوة بين الشارع والسياسة أكثر, أو ليكون من السهل إلصاق التهم للثوار لأن التيارات أصبحت تهاجم التحرير حين يكون تجمعه يأتي على مصالحها, والحالة الاقتصادية المتدهورة التي لم تتغير من عهد المخلوع, أو حتى من عهد السابق له الذي بدأه السادات بالانفتاح الاقتصادي, ومعه بدأت سياسة النظام الرأسمالي تأخذ منحى ما تمليه عليه الإمبريالية الغربية, والنظام العسكري هو عبد لها من ذلك الحين, وأصبح مع تقدم السنوات يمثل جزء من الطبقة البرجوازية في المجتمع, وبذلك أي تغير سيصيب النظام سيكون هو ضحيته أيضاً, وهذا هو الواقع الذي نعيشه حالياً, نظام سقطت رأسه وهمياً يتقمص دور الحرباء ويريد أن يتقمص عباءة الإسلاميين, فهي الأقرب له, فلن يجد أفضل من الإسلام السياسي يحتوي الرأسمالية ويقدرها, بل ويجعلها أشد قسوة من الصورة الحالية لها, وربما ما نعيشه الآن من حاله متدهورة هو تهيئه للعصر القادم, وبالطبع لن يكون الإسلام السياسي وحده ومعه بعد أحزاب اليمين الليبرالية كشكل من أشكال الإرضاء للشعب, فهي مثله لا تميل إلى تغير النظام, بل فقط "تلميع" قيود الاستغلال والعبودية, وربما المتابع للأحداث في مصر سيجد اليسار مُهمش تماماً من حسابات العسكر والليبراليون ....

في بداية الأمر ومع الاستفتاء الذي جاء ليقيس مدى التغير في وعي الشارع بعد 11 فبراير, وكانت النكسة للثورة والفوز للإسلاميين والعسكر والفلول, فالاستفتاء الذي تم استخدامه العسكر قائلين -بأنه كان على تواجده من عدمه- والشعب وافق عليه, والإسلاميين من اتجاه آخر بأنه -كان استفتاء على إقامة شرع الله- والاثنين لم يكونا مدرجين فى ورقة الاستفتاء, ولكن المقصد من ذكر الاستفتاء هو لتوضيح قوة النظام الذي استطاع بمساعده الإسلام السياسي والفلول في تحريك الشارع ليقول "نعم" دون فهم السبب ولكن تنفيذاً لأمر من حمى الثورة أو للقريب من السماء ... تذكرنا للاستفتاء يجعلنا نتذكر أحداث مسرح البالون ومذبحة ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وإستاد بورسعيد ووزارة الداخلية, ولكن مع كل هذه الملامح التي تظهر للمتابع كالشمس, إلا إن القوى السياسية قامت بالتعبئة للبرلمان والانتخابات بالرغم من المذابح, بل كانت تزامناً معها, والمصيبة أنهم جميعاً كانوا يتعاملوا معها "كتكتيك" لتحريك الثورة, أو "لاستمرار الثورة" من خلال البرلمان ..! وكانت النتائج بالنسبة لنا متوقعه تماماً, بل تعدت حتى توقع أكثر المتشائمين فينا, وهذا لم يكسر من كبرياء المشاركين الذين لم يعترفوا بخطئهم في ترك الميادين والمشاركة في الانتخابات, وكما نرى جميعاً ونتابع الإباحية السياسية في مجلس الشعب, وما يقوم به "أصحاب الشرع" من تسفيه للشعب وكسر إرادته ...

وعلينا أيضاً أن نذكر الإضرابات العمالية التي توسعت دائرتها, فالعمال الآن يقودوا نضالهم وتجربتهم بأيديهم, حتى بعيداً عن اليسار الذي لا أجده يحاول مساعدتهم أكثر مما يحاول "الصعود" على حركتهم, قد يتفاجأ البعض من هذا التعبير ولكنه حقيقي وواقعي, فاليسار يريد ان يصنع لنفسه إنجازات والفاعلين به عدد قليل, وهذا العدد بعينه يريد أن يقود التيار بل ويطمع فى قيادة الثورة كلها, فهو يعتبر العمال سلاحهم فى معركته, بالرغم من أن الواقع يقول أن الوعي هو سلاح الطبقة الكادحة لتقوم الثورة الاشتراكية ومنها لديكتاتورية البلوريتاريا, وبالطبع على هؤلاء الفاعلين أن يقوموا بدورهم فعلياً فى التوعية الطبقية ليقود العمال صراعهم الطبقي الذي لا يجدوا من يؤطرهم ويوعيهم عنه .. واليسار بأحزابه كلها وحركاته يستمتع بالانزواء والبقاء بعيداً عن الآخر, بل هناك حالات استقطاب يقوموا بها على بعضهم .! وكل حزب من اليسار المصري يعُد نفسه "الحزب الثوري" ولكنها مجرد شعارات واهنه, لا أساس لها واقعي يظهر هذا, بل أن وحدة اليسار يعتبره البعض محض هراء وحماقة أيضا ..

نعود إلى سبب كتابتي لهذا المقال وهو انتخابات الرئاسه ومدى قدرة اليسار على خوضها من عدمها .. ربما الآن وبعد هذه المقدمة الطويلة لتبين لماذا أنا مع موقف الرفض لخوض اليسار للانتخابات, سيكون أمامي تحليل اليسار الحالي, ونحن الآن لدينا 2 مرشحين يساريين وثالث "مخلط", الاثنين هما الرفيق أبوالعز الحريري والثاني هو المحامي خالد على و"المخلط" هو الأستاذ حمدين صباحي -المخلط ليست إلا وصف لانتماء الأستاذ حمدين الذي لا يمكن تحديده, فبعض الأحيان يقول انا ناصري ويؤيد الإخوان وهذا فعله أكثر من مره, الأولى كانت فى الاستفتاء حين اتصل بلجان دعمه يخبرها أن تعبئ ل"نعم", والثانية اشتراك حزبه "حزب الوطنية الجمعاء" فى قائمة الحرية والعدالة- بالطبع كلنا يعلم أن المحامي خالد علي سيجد تأيد من اليسار الراديكالي, والرفيق أبوالعز الحريري من اليسار عامة, والأستاذ حمدين لن نجد له مؤيدون من اليسار إلا قليل جداً, لأن حتى التيار القومي والناصري ليسا مؤيدين بالكامل له لما بينهما من صراعات حول "الأيديولوجية الناصرية" وموقفه من اتفاقية كامب ديفيد وإسرائيل, ولكن هناك فئه محسوبة على اليسار ستصوت له ..
وهكذا وكما نرى فاليسار وزع بيده دمه على القبائل, حتى لم يفكر في اختيار مرشح والاتفاق عليه وينقذ اليسار نفسه من معارك داخليه ستزيد من اهتزازه وتضعفه أكثر في الشارع ...
لكن سمعنا من جديد أن من يخوض الانتخابات يخوضها كشكل من أشكال "التكتيك" ولتحريك الشارع للثورة القادمة, ولكن كان يمكنه اختيار واحد فقط ليفعل هذا .! ولكن الحقيقة هو إن كل واحد يريد أن يقود الثورة من خلال خوضه انتخابات الرئاسة, فتأتى القيادة له, ولكن أي واحد منهم ..؟!! وهل الشارع سيعرف بهذا الاستغلال الذي يتعرض له .؟
او هل لليسار فرصه للفوز "وهذا لا يمكن واقعياً" لأن هناك اتفاقات على شخص بعينه هو الحصان الأسود "العسكري" ليفوز بهذه الانتخابات, وان تعدد الشخصيات المشاركة في الانتخابات هو وسيله لها لتجعل الشارع يستوعب النتيجة التى ستكون بفارق بسيط بين المرشحين, فسيقتنع الشارع بأنه وصل من خلال "الديمقراطية" والديمقراطية كلمه تتبنى معنى الطبقة المسيطرة على وسائل الإنتاج, وفى حالتنا هم البرجوازية فهل ستسمح البرجوازية بوصول رئيس يساري ..؟ او الإمبريالية الغربية بهذا ..؟
ثم لدينا ما هي صلاحيات الرئيس في ظل اكتساح إسلامي ومجلس عسكري قوى وهذا ظهر فى المواجهات السابقة, فهو لديه القدره على تغيب الشارع وجعله يرى الضحية على إنها قاتل ...؟

أناشد اليسار ألا يخوض هذه الانتخابات "الفخ" الذى يريد المجلس العسكري من القوى السياسية المشاركة فيها لتنفصل من جديد عن الميادين, وتكون جزء من مسرحية الديمقراطية المزيفة, التى رأيناها بعد البرلمان ... وان يقوم بدوره الطبيعي مع الطبقة الكادحة فى توعيتها طبقياً ويقودا معاً الصراع الطبقي, فلا ثوره بدون صراع طبقي .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 200 يوم على حرب غزة.. ماذا جرى في «مفاوضات الهدنة»؟| #الظهير


.. مخاوف من اتساع الحرب.. تصاعد التوتر بين حزب الله وإسرائيل| #




.. في غضون أسبوع.. نتنياهو يخشى -أمر- الجنائية الدولية باعتقاله


.. هل تشعل فرنسا حربا نووية لمواجهة موسكو؟ | #الظهيرة




.. متحدث الخارجية القطرية لهآرتس: الاتفاق بحاجة لمزيد من التناز