الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الفلسطينية بين خيار الحماسة و منطق العقل

نزار جاف

2005 / 1 / 15
القضية الفلسطينية


منذ ذلک الاقتياد الاجباري وأنا تلميذ في الابتدائية لمشاهدة فلم عن عمر أبن الخطاب خصص ريعه " کما قيل " للمقاومة الفلسطينية ، وأنا أسمع و أقرأ و أتابع کل مايتعلق بالشأن الفلسطيني . وأتذکر مختلف المراحل المريرة و الصعبة التي مرت بها تلک القضية العادلة ، ولاسيما مرحلة أيلول الاسود في الاردن عام 1970 و مرحلة الاجتياح الاسرائيلي للبنان في الثمانينات ومانجم عنه من تداعيات و مرورا بالقصف الاسرائيلي لمقر منظمة التحرير الفلسطينية في تونس ، فضلا عن الکثير من الاحداث المأساوية التي تخللت کل تلک المراحل التي لست في صدد الحديث عنها فمعظمها معروفة ، لکنني أرغب في طرح موضوع طالما أحببت المجاهرة به في سياق منفصل و مستقل لا کما کنت أستطرد في سياق موضوع آخر ذو صلة . الجانب الاکثر حضورا في ذاکرتي بشأن القضية الفلسطينية هو ذلک البعد الحماسي الذي رافق " ولايزال" هذه القضية ، الحماس في الاناشيد و الکتب و الصحف و حتى الابناء ! ورغم أهمية البعد الحماسي في أذکاء جذوة النضال لمقارعة العدو و نصرة القضية ، لکن الحماس حين يبلغ مستويات إستثنائية و غير مألوفة فأن ذلک کفيل " شئنا أم أبينا " بتحديد و تقليل دور العامل العقلي في تسيير و دفع القضية ، وقد لانغالي إذا قلنا إن الافراط في الحماسة يقود بصورة طبيعية الى الغرق في بحر العواطف مما يعني في النتيجة إقصاء العامل العقلي و إنهاء دوره في توجيه القضية تماما . ولم يکن عامل الحماسة دائما في خدمة القضية الفلسطينية ذاتها وإنما وببالغ الاسف وظف بإتجاهات و سياقات هي أبعد ماتکون عن تلک القضية ، خصوصا حين تدخلت النظم العربية الشمولية في خلفيات القضية و جعلتها " قميص عثمان " الذي رفعته و ترفعه کلما ضاقت بها الامور لإلهاء الجماهير العربية عن حقيقة واقعها المرير تحت ظل حراب الاستبداد الشمولي . لقد کان إستغلال النظام العربي الرسمي للقضية الفلسطينية من أجل ذاتها و لضمان بقائها السلطوي لا من أجل معاناة شعب مصادر وطنه بل إنني أجد هذا الامر ينطبق تماما على ما قاله" علي إبن أبي طالب" في جيش معاوية إبن أبي سفيان حين رفعوا المصاحف على الرماح " کلمة حق يراد بها باطل" . بماذا خدم الزعيق العروبي ـ الناصري للقضية الفلسطينية ؟ و ماذا قدمت لجنة القدس المنبثقة عن دول المؤتمر الاسلامي للقدس ؟ أين صارت دعوات التحرير المنطلقة من بغداد و دمشق و القاهرة و جدة و الخرطوم وحتى طهران ؟ ألم يثبت الزمان إنها مجرد فقاعات و بالونات دعائية تم تسويقها لغايات ميکافيلية بحتة ! إذ لاتحرير و لابطيخ ! ولاأعتقد أن تسويق القضية الفلسطينية بالحلة الاسلامية سوف يخدم المسار السياسي ـ التأريخي للقضية وإنما سوف يزيدها مشاکلا و تعقيدات هي في غنى عنها خصوصا وإن دهاقنة و أساطين هذا السياق الجديد مدعومين من أکثر النظم الشمولية إستبدادا و تعنتا سواءا في طهران أو جدة ! وقد جاءت الانتخابات الرئاسية الفلسطينية لتؤکد للعالم أجمع المدى الرفيع و الراقي للديمقراطية الفلسطينية وخلوها من کل أشکال الدکتاتورية التي تلف العالم العربي و الاسلامي على حد سواء وهي بذلک تسدد أنفذ سهم الى الجسد الواهن للنظم الشمولية على أمتداد الساحة العربية ـ الاسلامية وتثبت في ذات الوقت أن الفلسطينين قد سلکوا الطريق الاصح و الاضمن للوصول الى حقوقهم المشروعة وبصراحة کاملة و من دون لف أو دوران ماکان يتم هذا لو تجرى محادثات أوسلو مع الاسرائيلين و التي کانت " بسلبياتها و إيجابياتها " أفضل من کل الوعود الخاوية و الدجالة لأخوان الدم و العقيدة ! وواقع الامر أن إتاحة الفرصة لخيار العقل الذي يقوده السيد محمود عباس أفضل بکثير من خيارات طهران و العواصم العروبية التي تؤدي في نهاياتها الى مجموعة أنفاق لاتنتهي أبدا، أحسنها أسوءها !

کاتب و صحفي کوردي
مقيم في المانيا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو