الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بوق مرزوق

هفال زاخويي

2012 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


" بوق مرزوق ...زورق رزاق مقلوب ...قدري قاد بقرنا "

هذه الجمل كانت درساً في المرحلة الأولى من دراستنا الإبتدائية ، لم نكن نفهم هذه الجمل ، بل كنا نضحك بطفولية مفرطة عندما كان معلمنا في الإبتدائية المرحوم ( اوراها- مسيحي من مدينة زاخو) يقول وبصوت عال جداً (بوووووق مرزوووووق) ،وكنا نردد وراءه ، ونضحك ونغرق في الضحك، كان يلقي علينا الدرس بطريقة محببة ،لانصدق في اليوم الثاني كيف نصل الى المدرسة لكي نستمع اليه ونردد وراءه... الصف الدراسي كانت فيه صورة واحدة مقززة ومخيفة ... صورة (احمد حسن البكر) ، ... أحد التلاميذ معنا وهو الآن في جوار ربه سأل المعلم (اوراها) : ما معنى بوق مرزوق : رد استاذنا وبالللغة الكردية (بوق) يعني (بوريزان) وهذا اسم البوق بالكردية ... اما مرزوق فهو اسم رجل . كان الصف الدراسي جميلاً رغم برودته القاسية وجدرانه المتشققة ومقاعده العتيقة المتهرئة وملابسنا الرثة وعصا الأستاذ (سعيد الحاج صديق) مدير المدرسة الذي كان يضرب بقسوة كل من لا يسعى للنجاح ...نعم كل شيء كان جميلاً باستثناء صورة (أحمد حسن البكر) لم تكن تروق لنا رغم طفولتنا...لم نحب تلك الصورة وصاحبها أبداً ... كان اسم مدرستنا (زوزان) أي (المرابع الجبلية) وكانت (مدينتنا زاخو) مدينة صغيرة جميلة آنذاك رغم أحزانها ولعقها لجراحها ... لم يكن فيها مرزوق ولا بوق... الآن (زاخو) قرية كبيرة...! نعم مدننا قرى كبيرة... وفيها أبواق!
رحل معلمونا اوراها وكريستو وداوود وهم الآن في ضيافة ربهم...هاجر معلمنا غريب صالح حامد الى اوربا وهو معلم الرياضة صاحب العينين الزرقاوتين ...شقيقته (كردستان) استشهدت في عام 1974 برصاص الأمن البعثي في مدينة دهوك ... الملا عثمان معلم التربية الدينية كان قاسياً للغاية ، ويضربنا بقسوة... احمد الحاج خالد كان معلماً رحيماً بنا ... ما زلت أتذكر محياه ... أتذكر كيف ضربتني أمي في يوم ماطر أبيت فيه الذهاب الى المدرسة لأنها اعطتني خمسة وعشرين فلساً (نصف درهم) وأنا طلبت منها (خمسين فلساً) وما ان رفضت هي ...رفضت انا الذهاب الى المدرسة ،فضربتني وقادتني الى المدرسة لتسلمني الى المدير سعيد الحاج صديق ليضرب هو بعصاه الرفيعة(غصن رمان) يديي الصغيرتين الناعمتين.
سرقتني الذكريات لأسردها على قرائي ... لكني إضطررت اضطراراً في لحظات وجدانية الى سردها ...

عودة الى بوق مرزوق:
نقاشات معمقة جرت وتجري بيني وبين اصدقاء اعلاميين وكتاب ومهتمين ، وحتى إتصالات هاتفية حول هذه المسألة ، أقصد (بوق مرزوق) وحقيقة انا بصدد كتابة مقال مطول ومفصل حول الموضوع ، لكني الآن اكتفيت بما دونته في هذا المقال فلنا خوض في الموضوع وبعمق.
كبرنا وكبرت معنا المآسي... كل مضى الى غايته ... واصطدمنا ببوق مرزوق وهو يمجد طاغية حكمنا بقوة الحديد والنار ، سرق طفولتنا وهشم شبابنا ، وساهم (الأبواق) في تحطيم طفولتنا ، أبواق عبارة عن جيوش من أشباه الشعراء وأنصاف المثقفين وأرباع الصحفيين ، جميعهم كانوا في خدمة (الطاغية) ، مرازيق بالجملة بأبواق رخيصة صاخبة أصبحوا آلة إعلامية مدمرة ، تسببوا في إضاعة ( لاخبر لا جفية لا حامض حلو) وأحلوا محلها ( إحنا مشينا للحرب) ، وأنسونا (يا عشكنا) ليلصقوا بذاكرتنا (منصورين بعزتنا) في وقت فقدنا فيه حتى انسانيتنا بأسم الوطن وبتأثير (بوق مرزوق ).

أبواق ومرازيق :
رحل الطاغية ولي نعمة الأبواق ،لكنه ظل يطارد طفولتنا ، يطارد براءتنا، يحطم أحلامنا ، يدمر ألعابنا ، ومن خلال دعمه الفائق لـ (المرازيق اصحاب الأبواق) جعلنا ننسى (الدعبل) و(الختيلان) و (شرطة وحرامية) و (التوكي) ليعلمنا (الكلاشينكوف) و (الترباس وبيت الترباس) و (استرح ... استعد) ، وكانت الأبواق تمجده ، فكل بوق يحلم بمكرماته ويكذب ويضحك في ذات الحال عليه ، لقد صنع منه الأبواق طاغية ما بعده طاغية... وها هم يصنعون الطغاة من جديد.
أبواق اليوم هم انفسهم أبواق الأمس ... مخادعون كذابون منافقون دجالون بشتى تصينيفاتهم وتلاوينهم ...يخدمون السلاطين الصغار ، يصنعون طغاة جدداً بائسين ، انها صناعة الديمقراطية العراقية العرجاء التي فشلت في كنس بقايا الطاغية من النفوس ...هؤلاء المرازيق لديهم قدرة فائقة في التأقلم مع الأوضاع ،يتقنون النفخ في الأبواق بسرعة عجيبة ومذهلة كيفما ارادها الطغاة .


الديمقراطية العرجاء :
مكائد وتكالب وتهافت وغدر وخيانة ... وفساد وقصور وأرصدة ، وضحك على الذقون ، والتفاف على القانون ، ومزايدات بأسم (الوطنية) التي فاق الطاغية الأكبر عليهم في شعاراته بأسم الوطنية الجوفاء ، وتبقى الأبواق تتكاثر ولا خندق مقدس لديها ، فهي بالإضافة الى فن التبويق تتقن فن تغيير الخنادق مع تغير الطغاة ، وهذه الأبواق الآن تساهم في صنع الديمقراطية الجديدة في عراق الطغاة ، بعدما انتهى عراق الزعيم الأوحد!

من الثورة الى الثروة:
سحقاً لكل الثوار الذين يتحولون الى تجار عند وصولهم للسلطة ... إنهم لصوص الثورات ... لكن زوارقهم من ورق كزورق رزاق ... ستغرق بمجرد أن تتبلل برشات من الماء...آنذاك فالمرازيق من أصحاب الأبواق على أهبة الاستعداد للتهكم بهم !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - جميل استاذ هافال ان تكتب كعراقي ولكن ماذا عن
الدكتورصادق الكحلاوي ( 2012 / 3 / 9 - 23:31 )
منذ زمان طويل ربما اكثر من عام لم اقراء لك استاذ هفال
لاادري بسبب كسلي وعيوني التي باتت لاترى الا لماما
ام بسبب انك اصبحت مقلا لان الخطوط الملونه اصبحت تتكاثر عندكم وعندنا
احييك بحرارة واتمنى ان تكثر ولاباءس ان اشاكسك كثيرا
انا من المتعودين على صحبة اخوتنا الاكراد منذ نهاية الاربعينات
ومن اصحابي كاكا عزي-رسول-وحتى بهاءالدين نوري وخسرو ودارا
كل شئ كان يخطر ببالنا الا كوننا لسنا من امة واحده-لسنا عراقيين
زكنا نضحك من كل قلوبنا-اما في السنوات الاخيره فقد صدمت هذا التقوقع الكردي
مصحوبة باللاعراقية
وانا خصوصا ممن انعمت المصادفات عليه بان يولد في الثلاثينات في خانقين حيث امم الدنيا كلها في هذه المدينة الصغيرة النظيفة الشديدة الحلاوة بكل شئ من الكوبري الى البساتين الى اللغات المتعددة التي ترطن بها وانت تمشي لربع ساعة فقط دون ان يخطر بالبال ان هذا احسن من ذاك او اسوء لانه من لغة او عرق حتى اننا لم نكن نعرف او نذكر اسماء القوميات او النحل والملل
اقول هذا وقد افرحني كلامك عن مرزوق والبوق ولو انني من خريجي-القراعة الخلدونية
والبكر وو الطاغوت ولكن كلمة عن الصغار العفاريت المحليين قتلة سردشت عث


2 - شكرا استاذ صادق
هفال زاخويي ( 2012 / 3 / 10 - 12:56 )
شكراً لتعليقك استاذ صادق...لكني لا اكتب بنفس قومي ولا افكر بذاك المنطق...لقد كتبت مقالي بشمولية ولا استثني احدا من الابواق ولا استثني احد من التجار لصوص الثورات ولست ابدا بصدد الكتابة عن فرد واحد بالذات ...لست متقوقعاً لا قوميا ولا دينيا ولا ايديولوجياً ...ويبدو انك لا تطلع على ما اكتب لذا من حقك ان تعلق بطريقة مغلفة ببعض التعصب القومي...شكرا


3 - أمة عراقية ياسيد كحلاوي !!!؟
خويندكار فريد ( 2012 / 3 / 11 - 04:57 )
ألأستاذ هه فال ألمحترم , تحية طيبة لك ولقرائك , أأذن لي بالرد على تعليق ألأخ الكحلاوي , في محاولة متواضعة , أراها ضرورية لوضع بعض النقاط على بعض الحروف . لأقول :- أن مفهوم ألأمة لدى البعض من - المثقفين - تعرض للتسطيح القاتل ولغايات متعددة ( بعضها ولشديد ألأسف يندرج في خانة أن أغلبهم لايعدون كونهم أبواقا لمرزوق ألقومي الشوفيني الفاشستي ) ألذي ذهب به الحقد على ألآخر المختلف الى أقصى التطرف , لحد أرتكاب جرائم الجينوسايد . فهؤلاء مازالوا (تعاميا أو عميا ) ينفخون في ذات القربة الفارغة التي نفخ فيها منظري القوجية من ساطع الحصري الى البكري مرورا بمئات - الضاربين بقبضتهم الهواء - لغاية منحطة تتمثل في أركاعنا وسلب هويتنا وثقافتنا وكل عناصر صيرورتنا كأمة كردية تعرضت لأقسى أشكال التنكيل منذ (الفتح ألعربي ألأسلامي اللامبارك ) في الثلث ألأول من القرن السابع الميلادي حتى هذه الساعة . لاحظ معي سيد هه فال , أن هؤلاء يلعنون سايكس وبيكو ليل نهار لتقسيم أمتهم -شعوبهم - الى كيانات سياسية متفرقة !! ألا أنهم في ذات الوقت يعتبرون تقسيم أمتنا الكردية بين أربعة كيانات سياسية ومنها العراق المسخ عملا


4 - تكملة
خويندكار فريد ( 2012 / 3 / 11 - 05:23 )
مقدسا , وملعون من يحاول النيل من قدسية - وحدة التراب العراقي -الذي هو أفراز لذات ألأفكار ألأستعمارية السائدة بعد أنتصار الحلفاء في الحرب الكونية الاولى , والتي أصبح الكرد ضحيتها النازفة دما ودمعا وقهرا وعذابات الى يومنا هذا . فتعليق الاخ الكحلاوي على مقالتك تعبير صارخ عن عبثية ألأدعاء المغرض في كوننا ( أمة عراقية ) لأن آلية تشكل ألأمم معقدة ترتبط بأسباب ذاتية وموضوعية , لامجال للتفصيل فيها في هذه العجالة . فبمجرد معرفته بأرومتك الكردية , فهو يستكثر عليك أن تنتقد -وفق فهمه هو - مرازيق بغداد وأبواقها , دون أن تصب غضبك على الكرد , بعبارة أخرى فأن لسان حاله يقول - لاوعيا - لايصح للكردي ألعراقي أنتقاد أية ظاهرة سلبية في بغداد , من دون أن يقترن ذلك بذكر سوءات كردستان , وألا فأن ذلك يصنف ضمن محاولات التشهير والنيل من العروبة .أي أننا ( أمة عراقية ) بشروطهم هم والتي تعني أن يركبوا ظهورنا الى أبد ألآبدين , كما كانوا يفعلون منذ قرون .أكرر تحيتي ودام قلمك


5 - الأخ خويندكار
هفال زاخويي ( 2012 / 3 / 11 - 11:27 )
اخي الأعز خويندكار
أشكر توضيحك الجميل ...واشكر فهمك واستيعابك لما يدور...اقبل عينيك...ودمت بعز


6 - الحقيقة
على عبدالكريم عبداللة ( 2012 / 3 / 12 - 11:00 )
تحية طيبة وتقدير عالى لقلمكم العراقى الواعى وماذكرتة فى مقالك هو عين الحقيقة مرت علينا أيام وسنين ونحن فى نفس القاع تنتهى أزمة وندخل من جديد فى أزمة أخرى . أحى فيك الروح الوطنية المخلصة وأتمنى لك التوفيق فى عملك الشريف مع خالص مودتى وأحترامى لكم


7 - الابواق تتناسب مع مستوى الفقر
نارين شيخ شمو ( 2012 / 5 / 21 - 09:55 )
قرأت مقالك بإهتمام, تذكرت حديث بعض الزملاء الأعلاميين وانا اصور معهم فلم قصير حول واقع الاعلام في العراق, بعضهم أكد ان الاعلام مصدر رزقهم, والغالبية ذكرت انها مضطرة للعمل وفق سياسة مؤسساتها , وهنا نحصل على نتيجة تعيسة - لا يوجد في العراق اعلام مستقل- , بل كل ما نشاهده من القنوات وما نقرأه من الصحف تعمل لخدمة أحزابها وتبقى خدمة المواطن رداء من شاش مفضوح المادة, ,
و لا اخالفك, يوجد ابواق مملوءة البطن ايضاً ولسان اصحابها ينازل اربطة قادة العراق وتزمر في محافل الديمقراطية ومراسيم المواطنة.. دمت بود استاذ هفال

اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!