الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الدستور.. رسالة من شباب ١٨٧٩ (٣)

رفعت السعيد

2012 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ونمضى لنطالع وثيقة شباب مصر التى أعدوها عام ١٨٧٩ لتكون دستوراً لمصر، وكما لاحظنا فى كتابة سابقة ولأن المشكلات التى تحدثت عنها الوثيقة لم تزل راسخة فى قلب مصر فإننا سنكتشف أن شباب الزمن الماضى قد اكتشفوا حلولاً هى ذاتها، ويا للدهشة، ما نحتاجه اليوم. ونقلب صفحات الوثيقة الدستورية التى وضعوها، ونقرأ فيها «لم يبق فيما نظن ما يمنعنا من سن قانون شورى (دستورى) يكون من أحكامه توزيع السلطة وتحديد شروط كل من الحاكم والمحكوم، وليس فى نيتنا الزعم بأننا ننظم لائحة تتضمن هذا القانون الأساسى، إلا أنه لابد لنا من أن نبين بعض المبادئ الملازمة لأفكار العموم وآرائهم، التى يجب أن يُبنى عليها أساس نظام حكومتنا العتيدة، ونتوقف أمام هذه العبارة فهى تماماً ما نادينا به بعد رفض البعض شعار الدستور أولاً، وهو ضرورة وضع وثيقة تحدد التوجهات الأساسية للدستور المنشود، وإذ نواصل قراءة الوثيقة الشبابية المقدمة منذ ١٨٧٩ نجد فيها أننا نرى أنه يجب أن ينطوى القانون الأساسى على المبادئ الآتية وهى:

ألا يكون شخص رئيس الحكومة مقدساً وأن تحدد حقوقه.

أن توزع السلطة إلى إجرائية (تنفيذية) ونيابية (تشريعية) وقضائية.

أن يكون الوزراء مسؤولين أمام الخديو وأمام السلطة النيابية.

أن تحصل المساواة بين عموم المصريين أمام القانون، وأن يؤهلوا إلى الاستخدام فى أى مصلحة أو وظيفة كانت فى الحكومة بدون فرق بينهم بسبب من الدين والأصل. (إنه مبدأ المواطنة نفسه بالتفسير الصحيح له). أن تحصل المساواة فى توزيع الضرائب والرسوم على كل فئة من الشعب حسب اقتدارها وتمكنها. (إنها فكرة الضرائب التصاعدية ذاتها).

أن تصان الحرية الشخصية بمعنى ألا يوقف أحد أو يقبض عليه أو يسجن أو ينفى إلا بمقتضى القانون وتعريفه وأحكامه.

أن يصان المنزل وتراعى حرمته إلا فيما يبيحه القانون. أن تصان حرية الأديان وتراعى بالعدل والمساواة.

أن تعطى الحرية التامة الحقة للمطبوعات والاجتماعات العمومية، إلا فيما إذا صارت هذه الحرية سبباً أو مدرجة للإخلال بالقانون أو النظام.

ألا يعزل القضاة من مناصبهم لأجل مسمى. ألا يصير تحصيل ضريبة إلا بمقتضى القانون.

أن يراعى استقلال السلطة النيابية وتحدد حقوقها وواجباتها وامتيازاتها، وحرية البحث والمفاوضة لها.

أن تراعى حرية الانتخابات.

وبعد هذه الأسس التى لم نزل اليوم نطالب بوضعها لتكون أساساً للدستور المرتقب نجد أن وثيقة شباب ١٨٧٩ تقول الشىء نفسه «تلك هى المبادئ العمومية التى نرى وجوب إثباتها ومراعاتها فى القانون الأساسى، أما المبادئ الأخرى التى ليست إلا تفصيلاً لهذه فتسن لها نظامات خصوصية تثبتها وتوجب مراعاتها وحفظها.. وذلك فى مسائل مثل: تحديد الانتخاب وشروطه، وتنظيم مجلس الحقانية، ومسؤولية الوزراء وغيرهم من أرباب الحكومة، وتوسيع دائرة التهذيب العمومى، وحرية التعلم، وحرية المطبوعات والاجتماعات، وحرية الأديان.

وإذ نواصل مطالعتنا لهذه الوثيقة نجدها تناقش- ويا للدهشة- ما نناقشه الآن نفسه فتسأل: «وربما سأل سائل: هل يجب تشكيل مجلسين لذلك، أم يكتفى بمجلس واحد فقط؟» وقد نرى أن أهلية الأهالى فى الحال الراهنة تستصوب الاكتفاء بمجلس واحد هو مجلس النواب. مع أننا لو طالعنا أحوال البلاد التى تشكل فيها مجلس واحد لرأينا أنه نشأت عن ذلك مصاعب ومتاعب شتى، وأن حصر السلطة القانونية (سلطة التشريع) فى مجلس واحد كان سبباً لتقوية الظلم والظالم وتوطين أركان الاستبداد، فإذا راعينا هذه الأسباب نرى أنه من اللازم تشكيل مجلس نواب ومجلس سناتو (شيوخ) يقتسمان السلطة التشريعية ويكون للسناتو دون سواه السلطة فى محاكمة الوزراء، ومع هذا وبالرغم من تفضيلنا تشكيل مجلسين فإننا نصرح أننا يوم يقرر أهل الخبرة والدراية ومن هم أكثر اختباراً منا فى أحوال البلاد أنه لا يمكن تشكيل مجلسين فإننا لا نتأخر عن اتباع آرائهم، ثم إن برنامج الدولة وكل قانون يتعلق بالضرائب وتحصيلها يتعين أن يصدر بهما قرار من مجلس النواب أو من المجلسين. كذلك فإن وظيفة الوزارة ووكالة الوزارة تمنع من الحصول على النيابة، أما الوظائف الأخرى فهى وإن كانت لا تمنع من صلاحية أربابها لحصولهم على النيابة إلا أنهم إذا وقع ذلك فإما أن يستبقوا الوظيفة فلا نيابة لهم، وإما أن يقبلوا النيابة فلا وظيفة لهم».

ومهما أطلنا وإذ نقرأ نكاد أن نشعر أننا نستعيد ما يجب أن يكون مواد مؤسسة للدستور الجديد بما يؤكد أنه أساس راسخ فى الوجدان المصرى منذ مائة وثلاثين عاماً وأكثر، ولكى يستطيع شبابنا أن يفرضوا أسساً كهذه يتعين عليهم السعى الجاد لتوحيد كل القوى الوطنية والديمقراطية والليبرالية والتيارات التى تؤمن بالدولة المدنية الحديثة والتى تحمى حقوق مواطنيها جميعاً على قدم المساواة، بغض النظر عن الدين أو الجنس أو الوضع الاجتماعى، وأن تتوحد جهود هذه القوى جميعاً لفرض إرادة مصرية موحدة تحمى دستور مصر من أن يكون أداة لهيمنة تيار بعينه، يريد أن يصادر الدستور الجديد لصالحه ولتأكيد طموحاته فى السيطرة على مصر ومستقبلها.

إن توحد هذه الجهود يوم جمعة الكرامة قد أوضح إمكانية عزل القوى التى استعلت على الجميع بما حققته من نتائج الانتخابات وحاولت أن تنفرد بفرض إرادتها على مصر ومستقبلها.

فلننهض لبناء هذه الكتلة، فما كانت كل الكتابات السابقة عن وثيقة شباب ١٨٧٩ إلا استدعاءً لشبابنا لكى يعدوا وثيقة مماثلة مستندين إلى قوى شعبية متعددة الاتجاهات موحدة الهدف وقادرة على فرض إرادة مصرية وطنية ليبرالية تؤمن بالمساواة التامة بين مكونات الوطن والعدل الاجتماعى.

فلنبدأ.. وفوراً








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو