الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اندغام الذات في الطبيعة في -ابتهالات في العشق- للشاعر نورالدين بلكودري.

مصطفى لغتيري

2012 / 3 / 10
الادب والفن


غالبا ما تفتتن الدواوين الأولى للشعراء بالتعبير الرومانسي في الكتابة ، فالذات و هي محفزة بدافع البوح عما وقر فيها من انفعالات و عواطف ، تجد في الاتجاه لرومانسي ضالتها ، فتنسحق في الطبيعة معجما و دلالات و صورا شعرية ، لذا نجد في بواكير الشعراء كل ذلك حاضرا بمقدار .
و لا تشذ المجموعة الشعرية الأولى " ابتهالات في العشق " للشاعر نورالدين بلكودري عن هذه القاعدة المثلى ، إذ أن المتلقي سرعان ما يجد نفسه منغمسا في أجواء رومانسية ، اتخذت من قطبي الذات و الطبيعة أداة لتصريف هواجسها و أحلامها و تأملاتها . الذات في هذا الديوان حزينة هائمة عاشقة متولهة ، يقول الشاعر في قصيدة "جدول الحب":
سيأتي يوم يتحطم فيه الجدار
و تتعرى الصور
أبقى وحيدا كما كنت
أذرف الدمع
أقرأ ذكرياتي صحبة القمر
إنها ذات مثقلة بالهموم تراود أحلاما زئبقية لا تكاد تستقر على حال ، تهوى الصباحات الجميلة ، و تهيم في الليالي التي تسعفها في إعادة ترتيب فسيفساء الذات على إيقاع الأمل ، يقول الشاعر في قصيدة" دموع":
أنا المهجور منذ الأزل
أهوى جنون الأمل
أهوى الصباحات
التي تأسرني
أعشق ضوء الشمس
الذي يعشقني
أين الليالي التي تسكرني
بلا خمر بلا كأس.
و يتابع الشاعر بوحه في نفس القصيدة ، يلقي بتساؤلاته الملامسة لشغاف القلب ، المتمرغة في عمقها العاطفي و الوجداني ، يقول الشاعر:
- هل همسات الصبح تحييني؟
-هل عذابات الليالي تسحرني؟
أنا المجنون عشقا بالأمل.
أنا المسكون بدمع الأمس.
- أين الحب الذي يسكنني؟
- أين الرايات البيض؟
و وجه أمي الذي يسكنني.
و لا تكتمل هذه السمفونية العاطفية دون اندماغ في الطبيعة ، التي كان حضورها المعجمي متألقا و دالا بذاته عن هذا الانسجام ، الذي تولد في نفس الشاعر مع مكونات الطبيعة المختلفة ، يقول الشاعر في قصيدة "الحسد المنهوك":
عند ذاك الغروب
أهديت عمري للمطر
لأعانق الشوك إلى أبد الدهر
عند ذاك الغروب
أخذت المشعل
نفضت غبار الزمن.
و حتى حينما يعشق الشاعر امرأة ، فإن معادلها الموضوعي لن يكون سوى أحد مكونات الطبيعة ، و جمالها الأخاذ ، يقول الشاعر في قصيدة " سيدة المقام":
كنت زهرة ياسمين
أيقظت الوجع المنسي
أيقظت الخيبة و الحنين
شيدت برج العشق بدمع الوهم.
و في قصيدة " أميرة العشق" يعزف الشاعر على نفس الوتر ، إذ يقول:
حبيبتي كوني حديقتي
و نزهتي
و محرابي المقدس.
و حين تغيب الحبيبة و تنأى بها صروف الزمان ، فلن يجد الشاعر التعويض المناسب سوى في الطبيعة ، فهي المبتدى و المنتهى ، و إليها يؤوب كل حزين ، أعياه عشق الحبيب و تنائيه ، يقول الشاعر في قصيدة "دمع ينتحر":
بيني و بينك وصل و إن رحلت
ترسلين باقات شمع زاهر
ترتدين عباءة الذكرى
في يمناك هداياي
زهر ، رمان
برتقال الأمس
يسراك تلوح للعطر الهارب
عله يحن.و حين ينخرط الشاعر في حوار شفيف مع الحبيبة ، التي تبحث عنه ، يفاجئنا بأنه أبدا لم يكن يبحث عنها ، فهي ليست سوى رمز للوطن و الذاكرة بل و للقصيدة كذلك ، يقول الشاعر في قصيدة " خنجر في القلب":
أنا لا أبحث عنك
كنت الوطن
كنت الذاكرة
أنا لا أبحث عنك
أبحث عن قصيدتي الأخيرة
و أفتح بعدها أبواب العزاء
إنه النفس الرومانسي يعبر عن نفسه بقوة و ألق ، حيث الذات و الطبيعة تتبادلان الأدوار ، و تنغمسان في اجواء شفافة ، عابقة بالعشق و الأمل و الحياة ، حتى و إن أخطأت طريقها أحيانا و انغمست في الكآبة و الحزن و الحنين إلى النهاية الحتمية ، اقصد الموت او الانتحار ، فكل ذلك يهون من أجل أ تنكتب القصيدة ، التي لم تخلف وعدها مع الشاعر ، فأتت طيعة مطيعة ، حتى و إن استعصت ذات حين ، يقول الشاعر:
أسأل عن قصائدي
و الحنين
تجيبني صفحة
تنبعث من الفؤاد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حفيد طه حسين في حوار خاص يكشف أسرار جديدة في حياة عميد الأد


.. فنان إيطالي يقف دقيقة صمت خلال حفله دعما لفلسطين




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز -ديدي- جسدياً على صدي


.. فيلم السرب للسقا يقترب من حصد 28 مليون جنيه بعد أسبوعين عرض




.. الفنانة مشيرة إسماعيل: شكرا للشركة المتحدة على الحفاوة بعادل