الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليس مع الايمو ، وليس مع العنف أيضاً

اسماء محمد مصطفى
كاتبة وصحفية وقاصّة

(Asmaa M Mustafa)

2012 / 3 / 10
حقوق الانسان


أصبح الايمو حديث الناس في الشارع والفضائيات ، حتى باتت الحقيقة تختلط علينا بين الكم الهائل من الأخبار المتضاربة بين ماقيل عن تصفية عدد كبير منهم من قبل جماعات دينية متشددة مجهولة ، وإنكار الجهات الأمنية لوجود حالات قتل ، وبين ماقيل من أن الايمو مصاصو دماء وعبدة شيطان وشاذون جنسياً ، اومجرد مراهقين يتبعون موضة في المظهر ويسمعون موسيقى صاخبة لاأكثر ، وهي صرعة ستأخذ وقتها وتنتهي مثلما انتهت صرعات سبقتها كالبريكية وغيرها ، وبين ماقيل أيضاً أن تسليط الضوء على هذه الظاهرة الآن يحدث بهدف إشغال الناس عن القضايا الأهم التي تدين الحكومة والبرلمان ، او إن هناك جهات إرهابية تستهدف بث المزيد من الرعب والفوضى بين الناس من خلال استغلال هذه الظاهرة بمايخدم مصالحها .
وأنشق الناس أنفسهم الى شقين ، بين رافض للتدخل في حريات الآخرين في المظهر منددين باستهداف المراهقين في حين أن مصاصي الدماء الحقيقيين الذين يعبدون نيران المفخخات ويحرقون العراقيين بها يجوبون في شوارعنا بحرية من غير أن يردعهم أحد ، وبين مؤيد لقتل أولئك المراهقين لأنهم يرتكبون أفعالاً خارج الدين ، من غير أن ينتبه الى أن المرجعيات الدينية نفسها حرمت قتل الايمو لأن التعرض الدموي لهم يهدد التعايش السلمي في البلد .
المؤسف أن بعض وسائل الإعلام لاسيما الفضائيات قد تكون مبالِغة في ما أوردته عن الايمو ، والمؤسف أكثر أن ثقافة العنف والقتل تعشعش في نفوس الناس لاسيما بسطاء التفكير ، حيث لاحظنا عدداً من الناس يشجعون على قتل أفراد الايمو وقد صدقوا كل ماروجته وسائل الإعلام من أنهم شواذ ويستحقون القتل ومن غير أن يتأكدوا من حجم الحالة او الظاهرة ، وهم في الحقيقة قد يكونون مجرد مراهقين أعجبتهم ملابس الايمو واكسسواراتهم حالهم حال البريكية تعبيرا عن رفضهم الواقع او شعورهم بالفراغ او اللاجدوى من جراء الظروف المضطربة في العراق .
وهنا نسأل :
كل فعل غريب عن تقاليد مجتمعنا ، أيستحق عقابه بالرجم او القتل باسم الدين أم إن هناك معالجات سلمية نفسية يمكن أن تتبناها مؤسسات تربوية واجتماعية وإعلامية لتقف على أسباب الانحراف السلوكي وتوفير الأرضية المناسبة لعلاجها قبل استفحالها ؟
في العراق نعاني موضوعة العنف التي يشجعها الناس أنفسهم !! وهذا ناجم عن التنشئة المغلوطة في عدم تقبل الرأي الآخر وتنصيب الفرد نفسه وصياً على سلوكيات الغير ، كما إن تشجيع العنف ناجم أيضاً عن غياب سلطة القانون وهيبتها ، بحيث أن الفرد بات لايؤمن بأهمية القانون في معالجة الأوضاع التي تهدد أمنه.
إن الأسئلة التي تطرح نفسها هنا : أيستحق المراهقون من مقلدي الايمو أن يجري إعدامهم او اغتيالهم او حتى ممارسة الضغوط عليهم لتغيير مظهرهم ؟!! أم تتطلب الظاهرة القيام بحملة توعية لهم لئلا ينجرفوا الى ماقيل عن حقيقة الايمو العالمي ، فضلاً عن وضع الحكومة في دائرة الإتهام كونها مسؤولة عن توفير الأمن وفرص العمل لاحتواء الشباب الضائع حتى يفكر بمستقبله على نحو إيجابي بدلاً من حالة الفراغ التي تؤدي به الى التعبير عن يأسه وإحباطه بالتقليد الأعمى للموضات وسواها .
إن أهمية التوعية لاتقتصر على احتواء أفراد الايمو ، بل مؤيدي قتلهم أيضاً الذين يجدون القتل الحل الأمثل للقضاء على الظواهر الغريبة حفاظاً على تقاليد المجتمع ودينه ، ذلك إن من المهم توعيتهم بأن الخطأ لايعالج بخطأ أكبر ، وأن العنف لايولد إلا العنف ، وإذا أسلمنا بوجود شاذين جنسيا ً من مقلدي الايمو ، وهذا مايستنكره الكثيرون ويؤيد البعض التصفية الجسدية حلاً له ، فإننا يجب أن لانحرق الأخضر بسعر اليابس ، وإذا كان هناك ايمو شاذ جنسياً ، فلأن لديه ميلاً الى الشذوذ سواء أكان ايمو أم لم يكن ، وقد لايكون بقية الايمو شاذين وإنما مجرد مقلدين للايمو في الملابس والاكسسوارات ، ولربما جذبتهم معنى كلمة الايمو إذ تعني الحساس او العاطفي او المتهيج .
ولايخفى علينا أن المراهقين ينجذبون بحكم مرحلتهم العمرية الى تقليد الصرعات حتى من دون أن يفهموها ، كما إن هناك معالجات نفسية للحالات الشاذة ينبغي لها أن تأخذ مكانها في مجتمعنا قبل أن ينجرف أكثر مع قوانين الغاب ، فضلاً عن أن الأسر ينبغي لها أن تعرف كيف تحافظ على أبنائها من الانجراف الى الصرعات الدخيلة ، من خلال متابعتهم والاستماع الى همومهم ومشاكلهم ، لتكون معهم أولاً بأول حتى تتمكن من حمايتهم وقت الخطر.
ويقع على أصحاب الاختصاص في علمي النفس والاجتماع دراسة هذه الظواهر من ناحية الأسباب ووضع المعالجات لها ، ويتبنى الإعلام طروحاتهم كقوة توعوية للمراهقين والشباب من جانب ، وللتحفيز على نبذ اللجوء للعنف للتخلص من حالة او ظاهرة من جانب آخر ، فضلاً عن توعية الناس ليحافظوا على أبنائهم ، وعدم خلط الأوراق عن جهل ، ذلك إن ثمة عنفاً يعشعش في عقول الناس وقلوبهم أخطر من ايمو المراهقين ، متجاهلين أن الايمو قد يكون في العراق مجرد صرعة تقليد لاأكثر وستنتهي كما انتهت صرعات سبقتها ، لذا ينبغي لنا أن لانكون مبالغين في ردود أفعالنا ضدها .
وأخيراً نقول إننا تابعنا ردود أفعال بعض الناس ، بينهم مختصون ، بشأن موضوع الايمو ، وسنحاول عرضها لاحقاً ، لكن أظرف وألذع رد فعل جاء من باب شر البلية مايضحك أن الايمو موجودون في العراق منذ القدم ، لكن يقال إنهم يقودون سيارات مصفحة في الوقت الحاضر!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمة المياه تهدد حياة اللاجئين السوريين في لبنان


.. حملة لمساعدة اللاجئين السودانيين في بنغازي




.. جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية في ليبيا: هل -تخاذلت- الجن


.. كل يوم - أحمد الطاهري : موقف جوتيريش منذ بداية الأزمة يصنف ك




.. فشل حماية الأطفال على الإنترنت.. ميتا تخضع لتحقيقات أوروبية