الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطر الربيع العربي

امجد محسن القريشي

2012 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


جاء الربيع العربي محملا بالبشائر والآمال الكبيرة لدى الثوار فاتحا أبواب الحماس لدى الشعوب المكبوتة والمعدومة واشتعلت الجماهير الغاضبة تطوف الشوارع محطمة كل القيود والمصاعب متحدية العوائق الكبيرة في مسيرتها ، تقدم قرابين الشهداء تلو القرابين في سبيل الحرية والوطن ، وانه لشيء ٌ عظيم يُفتخر به في بلادنا العربية المغلوب على أمرها ، وأنا مع هذا الغضب والحماس وافتخر به جدا ومع هذا الوعي العربي الصاعد لكني لا اسميه بالثورة لان الثورة الحقيقة هي الثورة التي تنقل الإنسان من حال ٍ إلى آخر وتغيره تغييرا جذريا وشامل وهذا التغيير لا يتم بتغيير سلطة الدولة وأجهزتها ، وإنما يجب أن تغير الإنسان من أعماقه ، وهذا لم يتم بتغيير نظام الدولة فحسب ، وإنما يجب أن يرافقه تغيير في فكر الإنسان ، وثقافته والثقافة هنا ليست بنية فوقية فحسب ، وإنما الأساس الشامل الذي يوجد كل شي ، وينطلق منه .
ونحن الشعوب العربية لازلنا نعيش حياة البداوة ، والثقافة التقليدية الموروثة ، ثقافة الطبقات القديمة والثيوقراطية الإقطاعية – البرجوازية وقوتها السائدة في المجتمعات ورموز الشعوب العربية ، وخطرها الكبير على الوطن العربي برمته ، وهذا كله نتاج المجتمع .
فالربيع العربي لم يغير شيء سوى انه يستبدل نظام بنظام آخر لا يختلف عنه بشيء وربما يكون اسواء منه بكثير ، حيث المخاطر التي تحيطه من طائفية وتقسيم وصراع طبقي وإرهاب ، وهنا يكمن خطر الربيع العربي في ظل هذا كله ، إضافة إلى التدخلات الخارجية وأجهزة مخابراتها المنتشرة في كل البلاد ، كما رأينا في تونس ومصر وليبيا واليمن حيث لم يحدث شيء سوى تغيير نظام بنظام آخر، وأنا هنا لست ُ بصدد الدفاع عن الأنظمة المستبدة ولا ضد الرصاصة ، وإنما الرصاصة والفكر والكلمة يجب أن يسيران بخط متوازي ، من أجل الحفاظ على دماء الشهداء وتضحياتهم ولا تذهب مع الريح ، وهنا يبرز التسأل الأهم في كل ذلك ، من هو الذي يبني الآخر ؟ الدولة تبني المجتمع أم المجتمع هو الذي يبني الدولة ؟
المجتمع بالتأكيد هو الذي يبني الدولة ونظامها وبالتالي هنا تكمن المشكلة الأساسية في الوطن العربي ، مشكلة المجتمع وثقافته ، وإن قُدر للعلمانية اليوم في المجتمع العربي أن تكون في موقع السيادة فأن نشؤ ثقافة ديمقراطية جديدة يتطلب زمنا طويلا في بناء مجتمع ناشئ مثقف يستطيع حماية البلاد .
فعلى الشعوب أن ترسم طريقها وتحدد مصيرها برؤية عميقة ودقيقة لمجتمعها وثقافتها ، بعيدا عن الثيوقراطية التي تنهش البلاد وتدمرها
والربيع العربي إذا لم يسير بطريق الديمقراطية الحقيقة سيكون نقمة على جميع شعوب الوطن العربي في ظل الأفكار والثقافات السائدة والطائفية والتدخلات الخارجية ، وهنا يكمن خطر الربيع العربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استعدادات دفاعية في أوكرانيا تحسبا لهجوم روسي واسع النطاق


.. مدير وكالة المخابرات الأميركية في القاهرة لتحريك ملف محادثات




.. أمريكا.. مظاهرة خارج جامعة The New School في نيويورك لدعم ال


.. إطلاق نار خلال تمشيط قوات الاحتلال محيط المنزل المحاصر في طو




.. الصحفيون في قطاع غزة.. شهود على الحرب وضحايا لها