الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفصل السابع الارهاب البعثي وهروبي الثاني من الوطن

سعاد خيري

2012 / 3 / 11
سيرة ذاتية


الفصل السابع
الارهاب البعثي وهروبي الثاني من الوطن
خرجت من الامن في 26/6/1979, وانا لا استطيع المشي . فلجأت الى بيت سعاد ابنة زكية وكانت خارج الوطن. وكانت زكية ترعى الجميع . ورغم وضعي الصحي كانت الرقابة الامنية مشددة عن طريق بشرى ابنة زكية!! فقد تغلغل البعث في اعماق العوائل الوطنية , في حين كانت وزوجها قبل مجيء البعث يساعداننا عند الشدائد, حتى كنا نخفي وثائقنا عندهم. ولكن مجيء البعث واغراءه للكثيرين ولاسيما الشابات الطموحات الى حياة البذخ والتحلل ويعمل على تكبيلهن بسقطات وحتى جرائم لا يمكنهن التحرر من تبعاتها الا بالرضوخ لارادة سلطتهم. فكانت لا تفارقني الا عند النوم. شعرت بان حضورها اليومي الينا وطول الوقت الذي تقضيه معي واسئلتها الكثيرة عن توجهاتي ومشاريعي المقبلة هو مهمتها الامنية. واخذت احذر منها وفي احد الايام جاءتني برسالة شفهية حسب تعبيرها من احد الرفاق الذين كانوا يعملون معي وعضو منطقة بغداد للحزب الشيوعي يطلب مقابلتي , عن طريق اخته وهي صديقتها , وهي على استعداد لتنظيم هذه المقابلة وتوصيلي بسيارتها!! قلت لها ليس لي اي علاقة به!! وليس لدي ما اخبره او اساعده به!! والحت دون جدوى فقد قدرت انها كانت تنصب لي فخا وفق ما طلب الامن منها. وتاكدت من ذلك بعد سنوات والتقيت بالرفيق واخبرني بانه لم يطلب ذلك ولم يفكر به اطلاقا!! واحتطت منها كثيرا فحرضت شروق ابنة سعاد على طردي من البيت بحجة ان امها خياطة والزبائن سيخافون من وجود شيوعية مطاردة في البيت !! فانتقلت الى بيت زكية حيث يعيش الشهيد سعدون وعائلته. وفي مطلع اب ذهبت الى بيتي لاعده للعودة مع بدء السنة الدراسية الجديدة. كان البيت في وضع مزر بعد تركه ثلاثة اشهر واعانتني زكية على تنظيفه ولكنني لم انتقل اليه كليا لانني كنت اضيق ذرعا بالمراقبة البوليسية التي اتخذت من حديقة البيت مرتعا لها في الليل. وزارني في بيت زكية الشهيد صفاء الحافظ ليطمأن على اوضاعي وسلمني ايجار البيت عندما علم بنيتي العودة الى البيت وحبذها . واتفقنا على ان اسلمهم الالة الكاتبة التي كانت بحوزتي.
وفي تموز/1979 قاد صدام الانقلاب ضد البكر وانفرد بالحكم بعد ان قام بمجزرة بشعة ضد قادة حزب البعث وشملت الاعتقالات اقارب واصدقاء من قتلهم بتهمة التأمر!! وبقيت بغداد بدون حكومة لمدة يومين واصيبت كل اجهزتها بالشلل والرعب!! واخبرتني بشرى بان صدام صور المجزرة على اشرطة فيديو!! وعرضها على جميع اجهزة الحزب , باعتبارها محاكمة !! ولتكن عبرة لكل من تسول له نفسه التأمر عليه!!
وكم تألمت لخلو الساحة من اية قوة وطنية منظمة تستطيع ان تنقذ الشعب والوطن مما سيواجهه من كوارث على يد جلاد الشعب بعد انفراده بالسلطة!!
امضيت ما يقرب من الشهر في بيت زكية مع سعدون وعائلته وكان في منتهى الكرم واللطف وزوجته نازك شابة مرحة وبناتها الثلاثة مبعث بهجة وكنت اخوض مع سعدون الاحاديث عن الاوضاع العامة وعن كيف يتدبر عمال المطابع الشيوعيون امورهم في ظل الاوضاع الصعبة !! فحدثني عن تعاونهم فمن يجد عملا منهم يقتسم اجوره مع الاخرين!!
وفي احدى المرات التي كنت في بيتي زارتني مساء امرأة رقيقة ولطيفة وقالت بحذر وقلق , انني من الحزب ومكلفة بتسليمك هذا الجواز وبعد اسبوع احجز لك بطاقة سفر الى سوريا بسيارات شركة نيرن!! ارجوك اخفي الجواز بسرعة !! فرجاء التي دلتني على بيتك جاءت معي وتريد رؤيتك!! فذهبت على عجل لاخفاء الجواز في غرفة مجاورة لغرفة الجلوس. والتقيت برجاءوبعد لحظات جاء يحيى فرحا يركض, ماما عندنا جواز وجدته في الغرفة !! امتقع وجه المرأة . وعرفت رجاء سبب مجيء المرأة وبذكائها الصحفي تجاهلت الموضوع وطمأنتني انها تعرف هذه المرأة وهي والدة الصحفي والكاتب القدير زهير الجزائري.
اتخذت كل الاجراءات لابقاء الامر سرا وحاسبت يحيى على فعلته واوصيته ووداد بكتمان الامر حتى عن عمتهما وسعدون. والتزما بذلك على اكمل وجه. ونقلت بعض الحاجيات علنا الى البيت وملات الثلاجة بالمواد الغذائية ولكي اطمئن رجاء على بقائي قبلت منها ما جلبته من مواد غذائية تكفي لشهر.
وفي تلك الفترة زارتني الشهيدة عائدة ياسين وقالت سندبر سفرك الى الخارج مع الاطفال عن طريق كردستان!! فساوزني القلق , اي الطريقين ساسلك!! وبمن ساستعين!! ولم تطل حيرتي فقد جاءتني ام زهير يوم 20/اب/1979 ومعها بطاقة السفر والموعد 22/اب واكدت بانها ستراقب سلامتنا حتى تحرك الباص.وصادف يوم 21/اب يوم عيد الاضحى وذهبنا كعادتنا في كل عيد الى بيت عمتهم زكية ولعب الاطفال كعادتهم مع احفادها واتفقنا على زيارة ابنها مأمون لتهنئتهم بالعيد وباطلاق سراح ابنهم الشهيد نصير, في اليوم التالي. وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل ايقظت سعدون واخبرته بعزمي على السفر الى سوريا وسالته , هناك عرض اخر للسفر عبر كردستان فما رايك , قال الطريق المباشر افضل . وطلبت منه ان اخرج من بيته بسيارته وكانني عائدة الى بيتي وتركي في مكان بعيد لاخذ سيارة اخرى توصلني الى محطة نيرن للسيارات, صيانة له ولعائلته.
وفي الصباح اخذ سعدون زوجته واطفاله لمعايدة اهلها, وفي فترة الانتظار ساعدني يحيى على صبغ شعري باللون الاسود وفي تزيين وجهي ولبس ملابس تلائم هويتي في الجواز المزور , قروية اردنية !!. فلبست جلابية جميلة وربطت راسي بمنديل وردي ووضعت الاساور في معصمي وبدوت كقروية في العيد!! والبست يحيى دشداشة بعد ان حلق شعره صفرا ليبدو اصغر ففي الجواز كان عمره عشر سنوات في حين كان في الثانية عشر وبدأت شواربه تظهر . وبعد قلق ممض جاء سعدون وكان ممتقع الوجه من شدة القلق والصراع الذي يعانيه فضلا عن خطورة المجازفة!! واخيرا اخذنا بسيارته الى منطقة بعيدة واوقف تاكسي قائلا للسائق , ارجوك اوصلهم الى كراج سيارات النيرن فقد تعطلت سيارتي وحان وقت سفرهم!!
وصلنا متاخرين وقد تحركت السيارة التي كان من المفروض ان نكون فيها. ولمحت ام زهير من بعيد وهي تحيني وتطمئنني . ما اروع تلك المرأة الشجاعة وهي تجازف بحياتها لتنقذ الاخرين الذين حتى لم تراهم من قبل!! ونادوا باسمي المستعار ولم انتبه فنبهني يحيى وكان علينا وفقا للجواز ان نتحدث بلهجة اردنية. وقال المشرف سنضطر الى وضعكم في في المقعد الاول والثاني . قلت هذا افضل لاسيما وان الاطفال لا يتحملون حرارة جو بغداد وسنمضي العيد في سوريا . واحتللنا مواقعنا ورجل الامن يتوجه الى داخل السيارة عدة مرات ليتاكد من عدم وجود هاربين. وبعد ان يلقي نظرة خاطفة على المواقع الامامية كان يدقق النظر على الاماكن الخلفية لانهم لا يتوقعون ان يجرأ الهارب على الجلوس في المقاعد الامامية. وتحرك الباص وتنفسنا الصعداء. ولكن بعد قليل اخذت امرأة تجلس قرب يحيى تتحدث معه وتسأله هل تصلي!! فتلافيت الموضوع بالحديث معها وقلت لها اننا متعبون لاننا لم نستطع النوم في الليلة الماضية بسبب الحر. وانشغلنا بوداد حيث بدأ انفها ينزف . وتظاهرت بالنعاس لانني لا اجيد اللهجة الاردنية وكنت اتحدث بالمصرية التي تعلمناها من الافلام المصرية . وانزلونا للاستراحة في حديثة فجمعت وداد بعض الحصى لتحتفظ به اعتزازا بتربة الوطن. ولاحظت احد المسافرين في المقاعد الخلفية كان يراقبنا وعندما لاحظ ابتعادنا عنه ابتسم.
مرت عدة نقاط تفتيش دون ان ينزلوني والاطفال من السيارة وفي طريبيل اخر محطة تفتيش قال رجل الامن ينزل الجميع عدا الاردنيين . فقد كان صدام في تلك الفترة يتقرب من الملك حسين فهدأ قلقنا ولكن طال الانتظار وعاد الجميع عدا المرأة التي تحدثت مع يحيى وعلمنا فيما بعد ذلك بظهور اسمها مع الممنوعين من السفر!! واخيرا عادت وعبرنا الحدود فتنفس الجميع الصعداء وعمت الفرحة وتقدم ذلك الرجل الذي بقي يراقبنا طول الطريق, مهنئا بالسلامة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - طلب توضيح رجاء ...
سردار -العراق ( 2012 / 3 / 11 - 18:42 )
تحياتي الى المناضلة والكاتبة ..المحترمة ..رغم احملة الشرسة للنظام الصدامي نلاحظ الشيوعيون لازالو يقيمون ويجولون وخاصة المكسوفين منهم وكانهم ينتظرون المشنقة حسب الدور او السرة بالعراقي !! اليس هذا غريبا وتضحيات لا لزوم لها ؟ ..ارجو من الكاتبة ان تلط الضوء وتكشف ما تعرفها عن المجزرة الت طالت المناضلين الشيوعيين العسكريين والت كانت بتمثيلية معدة لتبرير فك الاتباط في الجبهة مع الحزب السيوعي واسماء الضحايا الذين اعدموا واظنهم كانو اكثر من عشرون شيوعيا ..مع تقديري .

اخر الافلام

.. مظاهرة أمام وزارة الدفاع اليابانية رفضا لشراء طائرات مسيرة م


.. عادل شديد: مسألة رون أراد تثير حساسية مفرطة لدى المجتمع الإس




.. دول غربية تسمح لأوكرانيا باستخدام أسلحتها لضرب أهداف داخل رو


.. ما دلالات رفض نصف ضباط الجيش الإسرائيلي الاستمرار بالخدمة بع




.. أهالي جباليا يحاولون استصلاح ما يمكن من المباني ليسكنوها