الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايمو ظاهرة من ظواهر التمرد على الواقع الاجتماعي المزري !!؟

ماجد لفته العبيدي

2012 / 3 / 11
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نشرت الصحف ووسائل الإعلام اللاخبار المتواردة عن الجرائم البشعة التي ارتكبت بحق العديد من الشابات والشبان من يطلق عليهم (شباب الايمو)، ومحاولة التحريض عليهم من قبل بعض الحركات السياسية الدينية والمسئولين الحكوميين باعتبارهم من عبدة الشيطان ومصاصي الدماء.
وقد استنكرت بعض الفعاليات والشخصيات الاجتماعية والدينية تلك الجرائم البشعة، وإدانتها واعتبرتها تطبيقا لشريعة الغاب البعيدة عن الشرائع السماوية والقوانين الإنسانية، وقد أقدمت احد المليشيات الإرهابية المتهمة في عمليات الاغتيال البشعة (ضرب رأس الضحية بالطابوق وسحق جمجمته )، على نشر قوائم احتوت على أسماء كانت أشبه بنعوت يطلقها السكان في مدينة الصدر على شبان وشابات ينتمون لظاهرة (الايمو)، وذيلت تلك القوائم بتهديدات بالقتل إذا لم يتوقفوا عن ممارساتهم التي تعتبرها تلك الجهات (قذارة تدنس المدينة) .
إن هذه القوى الإرهابية لم تكلف نفسها العناء لدراسة ظاهرة الايمو وتتبع منشأها، والتي تعتبر Emotive Driven Hardcore Punk واحد ة من ظواهر الاغتراب الرأسمالية، وهي اختصار لمصطلح بالانكليزية والذي يعني ذو نفسية حساسة ، وقد أخذت هذه الظاهرة في الانتشار بين الشباب المراهقين من سن 12 إلى 17 سنة وهي واسعة الانتشار في بلدان أمريكا اللاتينية .
وجزء من طقوس جماعة الإيمو، يجرحون رسغهم، ولهم ميول انتحارية، ويعانون من الاضطرابات النفسية والعزلة.. ويعاني أغلبهم من الكآبة التي تجعلهم يرون الأجزاء المظلمة من الحياة، والتي تدفع بعض منهم إلى الانتحار الفردي، والانتحار الجماعي في بعض الأحيان.
إن التعامل مع جماعة ( الايمو ) بطريقة عدوانية واعتبارهم منبوذين في المجتمع ومحاصرتهم اجتماعيا تدفع الغالبية منهم إلى الانعزالية والانطوائية، والى الإدمان و تعاطي الحبوب التي تسبب الكآبة للهروب من الواقع الاجتماعي، وان ظهور هذه الحركات في البلدان الطرفية الشرقية ذات المستوى المتدني من التطور الاجتماعي، يلازم التطور الرأسمالي المشوه وناتج طبيعي له، و على الرغم من تصادم هذه الحركات مع مستوى التطور الاجتماعي وواقع الثقافة الشرقية، إلا أنها تلاقي انتشارا واسع بين المراهقين في البلدان العربية والإسلامية بشكل خاصة في مصر والسعودية ولبنان، بفعل انتشار ثقافة العولمة الرأسمالية عبر وسائل الإعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي .
إن الشبيبة العراقية التي تعيش تحت طاحونة الاقتصاد الرأسمالي الحر، تعيش إشكاليات جدية على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي والإنساني ، وتظهر الأرقام مدى عمق الأزمة التي يعاني منها المجتمع العراقي ومنهم فئة الشباب التي تشكل أكثر من نصف المجتمع .
حيث تذكر آخر إحصائيات وزارة التخطيط إن البطالة تشكل نسبتها 15 بالمائة من القوى العاملة، في حين تشير التقديرات إلى إن البطالة الناقصة (العمل بساعات قليلة) قد يتجاوز إل 30 بالمائة. و يقدر البنك الدولي نسبة البطالة بحوالي 39 بالمائة، وتصل نسبة البطالة في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً إلى 57 بالمائة. أما بين أوساط النساء فتتجاوز 33 بالمائة، وتبلغ نسبة البطالة على عموم العراق وفق إحصائيات الأمم المتحدة 28 بالمائة، ويعاني ربع السكان من الفقر الشديد.
وعلى الرغم من الإرباح الهائلة جراء تصدير النفط إلا ا أن مؤشر التضخم ما زال عند مستويات مرتفعة، وهو ما يساهم في التأثير المباشر على المداخيل، ويتسبب في خفض القدرة الشرائية، مع بقاء الأجور والرواتب عند مستويات لا تجاري الارتفاع المتواصل في أسعار المواد الغذائية والسلع والخدمات المختلفة والإيجارات والنقل.
ويظهر آخر مسح متاح لدخل الأسرة في العراق، وهو يعود إلى عام 2007، إن الخمس الأغنى من الأسر يحصل على 43 بالمائة من مجموع الدخل على مستوى البلاد، بينما يحصل الخمس الأفقر على 7 بالمائة منه، وتبين بيانات نسبة الفقر وجود تفاوتات شديدة فيها بين المحافظات، وبين الريف والمدينة. ومع أن مقاييس ومؤشرات التفاوت في الدخل والإنفاق تشير إلى أن مستوياته في العراق ادني مما في البلدان العربية الأخرى ودول الجوار.
وفي ظل هذه الوقع الاقتصادي المرير الذي تعانيه الشبيبة ، يقابله على الصعيد الاجتماعي تضيق شديد على الحريات العامة والخاصة بمختلف الطرق والوسائل ،تساهم فيها حكومة المحاصصة وتفتح باب الفوضى في تطبيق القانون في الكثير من الحالات عبر ممارسات الشرطة المجتمعية الذي كان من الأجدر بها القيام بمهماتها بالتصدي لجرائم الاجتماعية، وليس محاصرة الطلاب الجامعيين والتضييق على ارتدائهم البناطيل الكابوي وعلى قصات الشعر والتسريحات ، ذلك يذكرنا في ممارسات النظام المقبور ووزير داخليته سمير الشيخلي الذي كان يلاحق طلاب الجامعة من ذوي الشعر الطويل ويحلق لهم في الشوارع ، ويضايق الطالبات بتمزيق التنورات القصيرة ، وغيرها من الممارسات التي لازالت طرية في أذهان الشبيبة العراقية .
وعلى الصعيد السياسي واجهة حكومة المحاصصة ، التحركات الشبابية المطالبة في الاصلاح والتغير في الحديد والنار، وتجاوزت على الدستور، وتدخلت بشكل سافر في الحريات العامة والفردية ، وعطلت نشاطات بعض منظمات المجتمع المدني الذي كان لها دور تاريخي مشهود في تنظيم وتربية الشبيبة للدفاع عن قضاياهم الوطنية .
إن الممارسات التي تلجأ اليها حكومة المحاصصة ومليشيات الاحزاب المتنفذة في الاستخدام المفرط للقوى والقمع بحق الشبيبة العراقية لا يمكنها ان تجد حلولا لإشكاليات هذه الظواهر الاجتماعية المعقدة ، والتي تتطلب من الحكومة رسم البرامج والخطط التنموية لمعالجتها، وإطلاق الحريات العامة والخاصة، وتحقيق الإصلاح والتغير الحقيقي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار التظاهرات الطلابية بالجامعات الأميركية ضد حرب غزّة|


.. نجم كونغ فو تركي مهدد بمستقبله بسبب رفع علم فلسطين بعد عقوبا




.. أمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني يبحث تطورات الأوضاع


.. هدنة غزة على ميزان -الجنائية الدولية-




.. تعيينات مرتقبة في القيادة العسكرية الإسرائيلية