الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثقافة العدوان

حميد المصباحي

2012 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


ثقافة العدوان,ثقافة ترتكز إلى منطق القوة,بما هي سياسة الغاية منها قهر الإرادات الوطنية في كل الدول,بحيث تظل خيرات العالم محتكرة,وغير قابلة لإعادة التوزيع,أو التصرف الحر فيها حتى من طرف أصحابها الفعليين,سواء كانت ثروات نفطية,أو مواقع استراتيجية تتحكم في الممرات الأساسية للتجارة الدولية,فالولايات المتحدة الأمريكية,بحكم قوتها ونفودها,صارت مؤسسة يحتكم إليها في جل الصراعات الدولية,بظلها يستظل الضعفاء,وبها يهدد الحلفاء جيرانهم وخصومهم,بل إن الصراعات الإنتخابية داخلها,يترقبها الكل ويراهن عليها العالم,ولأن إسرائيل,تمتلك أقوى لوبي بها,فقد صارت المدخل الأساس لنيل رضى الولايات المتحدة الأمريكية,وكذلك سخطها,إن إسرائيل لاعب مهم في الإنتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة الأمركية,يحسب لها الحساب,مما خلق عداء كبيرا للأمريكان في كل بقاع العالم,فحاول باراك أوباما,الحد من سوء الفهم هذا,معلنا رغبته في خلق مسافة بين المصالح الإسرائيلية والمصالح الأمريكية,غير أن هذه السياسة,تعطلت,من خلال الملفات العربية,والفلسطينية بالخصوص,إذ سرعان ما أدرك الرئيس الأمركي,صعوبة المهمة,التي انتدب نفسه لها,وحاول جاهدا,تذكير الأمريكيين,بأنهم جديرون بما يضخ في خزينة إسرائيل من أموال,من خلال التغطية الإجتماعية,التي يحتاجها الأمركيون المشردون,والمحتاجون لتغطية بعض حاجياتهم الحيوية,وقد تمكن أوباما من تحقيق هذا الهدف,لكن اللوبي الإسرائيلي,أدرك غايات هذه العملية,فسعى لافتعال صراعات مع الديمقراطيين,ليستفيد الحزب الجمهوري من سوء الفهم,وتوظيفه في سياق التنافس السياسي بين الحزبين المتنافسين,مما حدا بالحزب الديمقراطي,إلى الموافقة على رفض تقدم السلطة الفلسيطينية بعريضة الإعتراف أما الأمم المتحدة,دون تشديد معارضة الإسنيطان بلغة أوباما,الذي وجد نفسه في مواجهة سلطة مرجعية ثابتة في الولايات المتحدة الأمريكية,مفادها,ألا رفض لما تقبل به إسرائيل,ولا قبول لما ترفضه,غير أن هذه القاعدة,بصعود الصين إلى معترك الصراعات الدولية,واستعادة روسيا لدورها الحيوي في العالم,في غفلة الولايات المتحدة الأمريكية,جعل العقل الأمريكي يتنبه متأخرا,بعد الحروب التي خاضها,بتحريض من ساسة إسرائيل,أو إرضاء لها في كل من العراق,وربما أفغانستان,ودول أخرى,وفشل رهاناته السياسية والعسكرية,إلى خطورة المغامرات العسكرية المكلفة لاقتصاده وسمعته,وخسارة العديد من حلفائه في مختلف القارات,التي بدأت تتقرب من قوى أخرى صاعدة,وتبتعد نسبيا عن السياسة الأمريكية المكلفة,سياسيا واقتصاديا,في هذا السياق,ترفض الولايات المتحدة الأمريكية الإنجرار إلى حرب جديدة ضد إيران لمنعها من امتلاك القنبلة الذرية,التي تعتبرها إسرائيل مهددة لها,وموجهة لها,غير أن هذا الخيار مستبعد حاليا,فلا يمكن إرضاء رغبات الحليف لمجرد توجسه من دولة يسعى لحرمانها من الحق في امتلاك ناصية العلم وتكنولوجيا التخصيب النووي,التي تمتلكها إسرائيل,والعديد من الدول الأخرى,غير أعضاء مجلس الأمن,ككوريا الشمالية,والهند والباكستان,بحجة أن النظام الإيراني غير عقلاني,وقد أدرك الأوروبيون عقلانيته من خلال المفاوضات,التي قادتها كل من ألمانيا وأنجلترا,وربما أنهم أدركوا أن عقلانيته أكثر من إسرائيل نفسها,التي استغلت غموضها النووي,وتحجرت في الدفاع عنه,باستراتيجية الصمت والعويل,فأثبتت إيران نفسها أنها تجيد قواعد اللعبة نفسها,التي لعبتها إسرائيل,مع الأمم المتحدة,وكل دول العالم,وأرسلت رسائلها المشفرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية,من خلال المناورات,والأقمار الإصطناعية,للتأكيد على أنها وصلت لمرحلة اللارجعة في اختيارها النووي العلمي,وأن الحصار لن يجدي نفعا معها,وأن سياسة العدوان لم تعد قادرة على التحكم في العالم المعاصر,كما أن زمن احتكار العلوم الدقيقة ولى إلى غير رجعة في السياسات الدولية,بفعل ظهور لاعبين جدد,خارج التصنيفات القديمة,أو ماعرف بالحرب الباردة,بين الشيوعيين ودعاة الإقتصاد الحر,واقتصاد السوق,فاللاعبون الجدد,انخرطوا في نظام السوق الحرة الدولية,وصارت لهم مهارات تجارية واقتصادية,أتعبت السوق الأوروربية والأمريكية نفسها في كل مناطق العالم,بما فيها ما كانت تخضع للنفوذ الغربي,كما أن الخبرات العسكرية,المستندة للعلوم والتكنولوجيا لم تعد محجوبة عن الكثير من الدول,الراغبة في التحرر من التبعية,والإذعان لسياسة الأمريكيين,وهو ما سبق أن دعت إليه الصين,أي تعدد الأقطاب,ونهاية سياسة القطب الواحد,بهد نهاية وانهيار الكتلة الشرقية الشيوعية,وظهور المبشرين بانتصار ما عرف بالقطب الواحد,كسياسة للأمر الواقع,أو الحق الفعلي,وهو تبرير للقبول بقوة واحدة,تتحكم في العالم وتدير شؤونه,سياسيا واقتصاديا,وحتى ثقافيا من خلال فكرة العولمة,التي هلل لها العالم واعتبرها موجة جديدة,وتجسيدا هيجليا لدولة العقل الكونية,أو الدولة الكونية,الراعية لدول العالم,والمحتكم لها في كل الصراعات الدولية,إذ تصير قاضية للعالم وحارسة له,وحافظة لتوازناته المالية والأمنية,ويبدو أن الدول العربية,بفعل ضعفها,كانت المرحب الأول بهذه السياسة,فلا عجب أن تكون أول ضحاياها,بما تعرفه من هزات سياسية,لن تنفع معها المسكنات,ولا التدخلات الغربية,التي تحاول الحد من خاراتها,بخلط الأوراق,واستدراج القوى العظمى في صراعات سياسية داخل البلد الواحد,بالتسليح والتدخلات العسكرية,وربما الحروب بين الدول,أو التحرش ببعضها كما يحدث مع إيران,رغم ما قد تكلفه مواجهات من هذا الحجم,هنا تنشط ثقافة العدوان العدوان,كرد على تغيير جغرافيا السياسة الجديدة,واتجاه العالم لحسم صراعاته بالإحتكام للدفاع الأخلاقي عن المصالح,دون تحاملات عسكرية عنيفة أو تهديدات مباشرة أو بالوكالة والنيابة,فالعالم تعب من اللعب بمصيره إرضاء لدول وجماعات ضاغطة,همها الوحيد,مراكمة الثروات,بالسيطرة العسكرية,أو التهديد بها,إرضاء لنهمها,ونهم المسيطرين عليها,العالم في حاجة إلى عقلانية,أكثر أخلاقية في تدبير الإختلافات والتناقضات,وفق معايير دولية متفق حولها,باعتبارها حقا ملزما لكل الدول,مهما كانت مساحاتاها وقوتها العسكرية والإقتصادية,وأول دليل على الوعي بضرورة العدالة هو الحق الفلسطيني.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ستارمر يتولى رئاسة وزراء بريطاينا بعد 14 عاما من حكم المحافظ


.. اشتعال النيران في منزل بكريات شمونة شمال إسرائيل إثر سقوط صو




.. ما دلالات تقدم المرشح الإصلاحي بزشكيان على منافسه المحافظ جل


.. هل يرغب نتيناهو بالتوصل لاتفاق بشأن وقف الحرب على غزة؟




.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟