الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أي مستقبل للتعددية النقابية في تونس ؟

ياسين بن شيخة

2012 / 3 / 11
الحركة العمالية والنقابية


مما لا شك فيه أن عدد العمال الملتحقين حديثا بالنقابات العمالية في تونس قد شهد ارتفاعا لا مثيل له خاصة بعد انتفاضة 14 يناير. إقبال يترجم حاجة العمال الى هياكل نقابية جديدة تدافع عن مصالحهم و ترفع عنهم مظالم الأعراف و تفاوض باسمهم. هياكل تعززت مؤخرا بإرساء نقابتين مركزيتين هما الجامعة العامة التونسية للشغل و اتحاد عمال تونس جاءتا لتخلق نوعا من التوازن على الساحة النقابية. ساحة نقابية جديدة يرى فيها البعض ضربا لوحدة الطبقة العاملة و سعي من بعض الأطراف لإضعاف الاتحاد العام التونسي للشغل و تحييد مساره.

مناخ ديمقراطي جديد تعددت فيه التوجهات النقابية و عاد إلى الظهور قادة نقابيون سابقون كان لهم إشعاعهم في صلب المنظمة الشغيلة الوحيدة زمن الدكتاتورية. تعددية تعددت معه النقابات المهنية داخل الشركة المؤسسة الواحدة و تعددت معها الخطابات و المواقف و الشعارات لتشهد الساحة الاجتماعية مدا و جزرا بين ضرورة دفع التنمية الاقتصادية و الضغط على المؤسسات و الحكومة للرقي بأوضاع الطبقة العاملة.

فأي مستقبل للتعددية النقابية في تونس و أي معادلة يمكن أن تخلقها هذه الأرضية الجديدة ؟

لقد عبرت الطبقة العاملة التونسية مباشرة بعد انتفاضة الحرية و الكرامة عن حاجتها إلى التعددية النقابية في ظل ابقاء الاتحاد العام التونسي للشغل على هيكلته وآلياته في اتخاذ القرار وطرقه في التسيير والإدارة و غياب ديمقراطية تحد من مركزيته المفرطة.

هيكلة أثبتت التجارب استحالة إصلاحه من الداخل إذا لم تصاحبها حركية نقابية خارجه نتيجة تحول المسيرين أو " القادة " في الاتحاد منذ سنة 1989 من قيادات وطنية وقطاعية و جهوية إلى "موظفين نقابيين" لتتحول بذلك العلاقات النقابية النضالية إلى علاقات إدارية تخضع لسلم إداري وتعتمد الطاعة و الرضوخ للتعليمات والأوامر.

كما أكدت التجربة أيضا عدم التجديد المتواصل للاتحاد لقاعدته الاجتماعية لا سيما التوسع المستمر للقطاع الخاص وتطور قطاع الخدمات المرتبط خاصة بقطاع التكنولوجيا الحديثة مثل العمل عن بعد ودخول المرأة لسوق الشغل إضافة إلى تشريك الشباب في مراكز أخذ القرار وانتشار الشغل الهش والقطاع غير المنظم.

سياسة جعلت العديد من المناضلين النقابيين تخرج عن هذا النهج و تنسلخ عن الاتحاد و تسعى إلى خلق نقابات مركزية تختلف طرق تسييرها عن الطرق القديمة و تبعث آليات جديدة تؤسس لمدارس نقابية تخدم الطبقة الشغيلة و تكون أكثر استجابة لمناضليها و لمشاغل عمالها.

فممارسة الحق النقابي ضمن التعددية النقابية حق مشروع نصت عليه الدساتير والمواثيق الدولية والوطنية. حق يقوم على مبدأ الحرية النقابية باعتبارها حرية عامة عل غرار حرية التعبير وحرية التنظيم وحرية التجمع الخ.

فكانت المبادرة الأولى بتأسيس الجامعة العامة التونسية للشغل بقيادة الحبيب قيزة في حلة كونفدرالية تقوم على المبدأ الفيدرالي في تنظيم يضمن استقلالها الذاتي و الواسع للهياكل والمنظمات الفرعية ويرفض كل أشكال المركزية المشطة، ويعتمد المساءلة والمراقبة ويكرس الديمقراطية في جميع المستويات. كونفدرالية تتماشى أهدافها و الحراك الاجتماعي و الاقتصادي و تواكب مرحلة التحول الديمقراطي الذي تمر به تونس و تلتزم بما أقرته المواثيق و المعاهدات الوطنية و الدولية. مبادرة استوجبت القيام بحملة تعبئة واسعة النطاق للشباب والنساء و الإطارات والعاملين في القطاع الخاص و مختلف القطاعات الاقتصادية و تأطير القطاع غير المنظم نقابيا.

و في مبادرة ثانية، أعلن الأمين العام السابق للاتحاد العام التونسي للشغل اسماعيل السحباني يوم الاحتفال بعيد العمال العالمي نشأة مركزية نقابية جديدة هي اتحاد عمال تونس بعثت كمنظمة «نقابية عمالية وطنية ديمقراطية ومستقلة» تسعى إلى المساهمة في تنظيم العمال بالفكر والساعد والمتقاعدين منهم على النطاق الوطني، والدفاع عن حقوقهم المادية والمعنوية، إلى جانب تطوير المنظومة الاجتماعية والتشريعية الجاري بها العمل واحترام المواثيق الدولية و الإسهام في بناء اقتصاد وطني متطور ومكافحة البطالة والتهميش والتصدي لكل أشكال الفساد. اتحاد تتكون هياكله الوطنية و الجهوية و المحلية من مكاتب تنفيذية لها استقلالية القرار.

و لئن اختلفت المركزيات الثلاث في بعض أهدافها و مشاريعها فإنها تتفق إلى حد ما أن التشريعات الجاري بها العمل اليوم لم تعد تتماشى والتطورات التي تشهدها المنظومة الاقتصادية في العالم. لذلك بات من واجب الاتحادات الثلاث العمل سوية على الإسهام في صياغة تشريعات جديدة تنهض بالعلاقة الإنتاجية بين العامل والمؤسسة وتساهم في إرساء قاعدة اقتصادية تقدمية تدعم القدرات التنافسية للدولة.

و مما لا شك فيه، مهما اختلفت الآراء و المواقف من كل مركزية عمالية، فان الأكيد أن هذه التعددية كسرت و الى حد ما احتكار الاتحاد العام التونسي للشغل للأرضية النقابية و أصبح له شركاء يجب أن تتعامل معهم الحكومة و منظمة الأعراف على حد سواء و حسب ما تمليه القوانين و التشريعات من ممارسة لحق التفاوض و حق الاضراب و التمثيلية النقابية على مستوى المؤسسة.

إن التعددية النقابية اليوم في هذا الظرف الوطني الاقتصادي والاجتماعي الحرج يجب أن تنأى أطرافها عن كل الحسابات الضيقة شخصية كانت أو سياسية و أن تتظافر كافة الجهود من أجل الإسهام مع كل الشركاء الاجتماعيين في اعادة ترتيب النظام الإنتاجي و الرقي بنسق النمو من أجل خلق مواطن شغل لائقة لشباب أوقد شرارة الربيع العربي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب معهد العلوم السياسية في باريس يعتصمون داخل المعهد تضامن


.. استقالة المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية احتجاجا على استمرار




.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو بباريس دعما للفلسطين


.. فرنسا: طلاب يغلقون مداخل جامعة سيانس بو في باريس دعما للفلسط




.. 8 شهداء من العاملين ضمن فرق تأمين المساعدات إثر غارة إسرائيل