الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مهمات اليسار في ظل الحراك بالشارع العربي

عيسى ربضي

2012 / 3 / 12
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم



لقد طال سبات اليسار الثوري في الشارع العربي باستثناء بعض النماذج التي اجترحت " معجزات" في قدرتها على مقارعة الاعداء الطبقيين والسياسيين طوال عقود. لكن اليسار فعل تراكمي لا معجزات ولا يقوم على اساس الاعجاز وخصوصاً ان هذه "المعجزات" ارتبطت بأسماء قادة ثوريين افراد ولم يكتب لها الاستمرار في نقل التجربة ولم يكتب لها اتباع مقولات الماركسية ولا قوانينها الجدلية فيما يتعلق بالتغيير النوعي ولا فيما يتعلق بقوانين الصراع ولا حتى المقولات اللينينية في حياة الحزب الثوري.
فلا يكفي اليسار وجود حركة فكرية استثنائية بين صفوفه تظهر كل عقد او عقدين بشخصية عدد من المفكرين البارزين فهذا الحراك يجب ان يكون دائمياً حتى يتمكن اليسار من تركيم خبراته وبناء ادواته النضالية الثورية الفكرية والعملية. ولا يكفيه وجود فعل نقابي موسمي او نخبوي بل لا بد من الانخراط الفعلي بين صفوف الطبقة العاملة والفئات المهمشة والمضطهدة.
ان الانخراط الفردي لمجموع الرفيقات والرفاق بين صفوف الطبقات المقهورة لن يكون كافياً بطبيعة الحال فيجب ان يترك اليسار اثراً فعلياً بين صفوف الجماهير بصفته الحزبية وهويته الفكرية بوضوح. ومن الخطر بمكان ان يخفي اليسار هويته العلمية وتناقضه المطلق مع مروجي اسبقية الوعي على المادة تحت شعار احترام مشاعر الجماهير، فالجماهير قد تقاوم الهوية الفكرية لليسار وقد تقاتل هذا اليسار لكن الحل لا يكمن في تمويه الهوية الفكرية وفضفضتها لتكون كما الاسفنج تمتص جميع الأفكار الانتهازية والليبرالية، بل في توضيح هذه الهوية وبلورتها بصورة فعلية مع الجماهير وبينها. من المهم ان يدرك اليسار ان خطر تذويب الهوية الفكرية اكثر من خطر أي مواجهة مع فئات من الجماهير – فالمواجهة الحقيقية والرفض الحقيقي لليسار ليس سمة الجماهير بل سمة الظلاميين والفئات الأكثر انغلاقاً والأكثر رفضاً لحق " الاخر" بالوجود - ولذا على اليسار ان يبني علاقة صادقة مع الجماهير ويكون على اتم استعداد للمواجهة مع الفئات التي ترفضه وتحاربه. أي ان على اليسار ان يخوض معركتين متوازيتين معركة توعية وكسب الجماهير ومعركة الحفاظ على وجوده امام التيارات المنغلقة.
ان ما سبق يتطلب بالضرورة بناء كادر يساري ثوري واعي وناضج ومؤمن بقضيته من جهة، وتصليب الحزب اليساري الثوري بقنواته واسسه التنظيمية والايديولوجية الراسخة من جهة ثانية.
على صعيد بناء الكادر اليساري فمن المهم تسليح الرفيقات والرفاق اليساريين بالوعي الايديولوجي وتمكينهم من الخبرات النضالية والايديولوجية لتركيم خبراتهم وتطوير شخصياتهم النضالية اليسارية. على الكادر اليساري ان يتعلم المبادرة والانخراط بين صفوف الجماهير وان يكتسب الصفات الثورية وان يقوم بنشر مبادىء اليسار وافكاره واخلاقياته بين صفوف الجماهير.
على صعيد الحزب اليساري الثوري فهنالك ضرورة لتبني استراتيجية تثويرية لأعضاءه قبل انصاره وجماهيره بحيث يضع الخطط لتطوير قدرات الرفيقات والرفاق ايديولوجياً ونضالياً. وان يقوم ببناء نهج ثوري وتعميمه بما يتعلق بالصراع الطبقي والايديولوجي والسياسي.
من جهة ثانية وفي ظل الهجمة الظلامية على اليسار من المهم ان يحافظ الحزب اليساري على قيادة ظل وان يستمر بالعمل تحت الارض كرديف للعمل العلني حتى لا يكون القضاء على الحزب اليساري ممكناً في حال تعرض - كما هو متوقع وكما دلت العديد من تجارب العمل الشيوعي في مزارع العرب – لمحاولات الاقصاء والقضاء عليه. فهنالك حاجة لوجود قيادة ظل من الرفيقات والرفاق للعمل السري وان يكون مسؤولو العمل العلني من القادرين والمستعدين للمواجهة والتصدي للهجمات المتوقعة على الحزب اليساري.
في ظل الحراك في الشارع العربي وبروز الثغرات في قدرات اليسار على ان يشكل الطليعة للحراك الجماهيري فلا بد من اعادة نظر في نهج اليسار وفي دور كوادره حتى نستخلص العبر ونبني يساراً ثورياً قادراً على ان يكون بالطليعة كما هو مفترض به.
سيكون على اليساريين مواجهة ونقد ذواتهم واحزابهم بجرأة والضغط على قيادات الاحزاب من اجل تغيير نهجها ليتماثل مع قوانين المادية وحاجات الشارع العربي، ومن اجل بناء يسار ثوري طليعي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الجامعات الأميركية.. عدوى التظاهرات تنتقل إلى باريس |#غر


.. لبنان وإسرائيل.. ورقة فرنسية للتهدئة |#غرفة_الأخبار




.. الجامعات التركية تنضم ا?لى الحراك الطلابي العالمي تضامنا مع


.. إسرائيل تستهدف منزلا سكنيا بمخيم البريج وسط قطاع غزة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | جماعة أنصار الله تعلن أنها ستستهدف كل السف