الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وهكمل للنهاية عشان أجيب حقها...

مجدي مهني أمين

2012 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


كثيرا ما تبهرنا سميرة إبراهيم، بهرتنا حين خرجت عن صمتها وأعلنت قضيتها في كشف العذرية للرأي العام، وذهبت بها للقضاء، وتحدثت عنها في الإعلام، وهي الفتاة الصعيدية حيث التقاليد تضيق الخناق على المرأة وتقهرها وتضعها في مساحة محدودة من التعبيرعن ذاتها، وتمنعها من الحديث عندما يتصل الأمر بالشرف، بل أن التقاليد قد تحول الضحية في مثل هذه الحالات إلى مذنب، وذلك في إدارة مغلوطة تسلب الحق من الطرف الأضعف، وتمنحه هدية للطرف الأقوى.

خرجت سميرة على هذا الواقع المغلوط وكسبت جولتها الأولى في 27 ديسمبر 2011 حين جاء حكم محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة لصالحها بوقف إجراء كشوف العذرية الجبرية على الفتيات، وقبول طعنها شكلا، ولكنها خسرت جولتها التالية يوم الأحد 11 مارس التي قضت ببراءة المجند الطبيب من تهمة قيامه بإجراء "كشف عذرية" لسميرة إبراهيم أثناء احتجازها في السجن الحربي. وهنا تتبدى صلابة هذه الفتاة، فهي رغم الألم والدهشة والانهيار تدلي بتصريحين ذات دلالة:

الأول يصف الواقع كما تراه سميرة: " محدش انتهك شرفي.. مصر هي اللي انتهك شرفها وهكمل للنهاية عشان أجيب حقها"
والثاني رسالتها للمجلس: مش هتقدروا تكسروني.

وكلا التصريحين يعكس روح سميرة الثائرة، فهي تتوحد في تصريحها الأول مع مصر، وكأنها تتحرر مما لحق بها من إهانة وترى أنها لحقت بمصر متمثلة في واحدة من بناتها – ضمن 18من فتيات أخريات لحق بهن ذات الأذى، لحقت بمصر متمثلة في خلل جعل أحد أجهزتها المنوط بحماية المواطنين يتنصل من دوره هذا إلى انتهاك كرامة المواطنين، أو قضاء لا ينحاز للطرف المضار من أبناء الوطن، ويمنح البراءة للطبيب المعتدي، بدلا من أن يدينه، ويرد لمصر اعتبارها كدولة تقيم العدل بين أبنائها وبناتها وكافة مواطنيها.

في عفوية وثورية، ردت سميرة القضية لأصلها: الدفاع عن شرف مصر المنتهك، شرف البنات، وشرف الكلمة ، وشرف المهنة، وشرف كافة الأجهزة. سميرة تدافع عن وطن، وتوحدها مع قضيتها كان أكبر من توحدها مع مشكلتها الشخصية، لذا استطاعت أن تكمل الكفاح وكأنها محامي المجني عليه، مش المجني عليه شخصيا.
هذه هي صلابة الثائر، صلابته في التوحد مع قضيته، مش علشان يجيب حقه الضيق، لكن علشان يجيب حق كل اللي معاه، بل الأكثر: علشان يضمن نظام منضبط لا يسمح بتكرار هذه الانتهاكات مرة أخرى. يعني سميرة بتكافح علشان ترسي نظام جديد، وكلما غالى النظام الراهن، كلما قدم لسميرة فرصة في المزيد من الوعي، والمزيد من المطالبة، والمزيد من المتضامين والمتضامنات معها.

كلمة السر هي التوحد مع القضية، هذا التوحد هو اللي بيخلق الصلابة الداخلية ، هو اللي بيخللي سميرة تقول للمجلس: مش ها تقدروا تكسروني.

لقد حققت قضية سميرة مكسبها الأول في الحكم الصادر بوقف إجراء كشف العذرية، يعني قضيتها أرست نظاما جديدا، يبقى أن تحقق المكسب الثاني في تقديم المذنبين للعدالة ، وستنجح سميرة ، وسنتعلم منها جميعا أن نستمر في الدفاع عما نؤمن به، أقصد نستمر حتى النهاية وبدون توقف أوشعور باليأس أو الملل، فالتغيير عملية صعبة، لانه يستلزم شرح للناس علشان تتضامن، كما أنه يواجه بمقاومة شديدة من القائمين على الحكم مما يتطلب مثابرة ووقتا.

سميرة ها تكسب وها ترسي بمكسبها نظام جديد، زي كل الأبطال اللي كسبوا معاركهم على مر التاريخ وثبتوا للإنسانية نظم جديدة أكثر عدلا ورقيا.

وفي هذا النضال المقدس من أجل العزة والشرف والكرامة، تساءل صديق عزيز: أين الإخوان والسلفيين من قضية سميرة إبراهيم وكشف العذرية؟ ولم أجد بيني وبين نفسي من جواب إلا أنهم لا يعملوا –مثل سميرة-على ترسية نظام جديد يحمي المواطنين، بالعكس هم يتعاونون مع النظام القائم كي يصونوا حقوقهم.. هم يدافعون عن مصالحهم، وعلى سميرة وباقي الثوار أن يدافعوا عن قضاياهم حتى تكتمل الثورة ويتحقق واقع جديد يخرجنا من هذا النظام المتشابك القائم على المصلحة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كيف يتصرف الألمان عندما يمرضون؟ | يوروماكس


.. لمى الدوري: -العراق يذخر بالمواقع الأثرية، وما تم اكتشافه حت




.. الهدنة في غزة على نار حامية؟ • فرانس 24 / FRANCE 24


.. مسلسل المانغا - بون- : وحدة تسافر عبر الزمن وتحي الموتى




.. -طبيب العطور- بدبي.. رجل يُعيد رائحة الأحبة الغائبين في قارو