الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علمانية الدولة ودينية المجتع

حميد المصباحي

2012 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


علمانية الدولة ودينية المجتمع
الفكر السلفي,يتحامل على العلمانية مصنفا إياها ضمن الفكر
الإلحادي,والدخيل على المجتمعات الإسلامية,كما فعل من قبل مع
الإشتراكية,وحتى الديمقراطية نفسها,لكن لماذا اجتهد لقبول
الديمقراطية,وبقي متعنتا في تحامله على الإشتراكية
والعلمانية؟
لقد اجتهدت الحركات الإسلامية سياسيا,فأدركت أن اللعبة الديمقراطية يمكن
التجاوب معها,واعتمدها كتقنية استشارية في العملية الإنتخابية,فهي وسيلة
لتجنب التصادم العنيف مع السلطة السياسية في العالم العرب بعد فشل
المواجهات المباشرة والمسلحة وما تخلفه من خسارات في صفوفها,كما أن كل
الحركات العنيفة,بما فيها الشيوعية,قبلت بالإحتكام لآليات التصويت,بغية
الوصول للحكم,وتحقيق الغايات الإشتراكية أو بعضها كما حدث في الدول
الديمقراطية الغربية,وقد كان النموذج الأروبي مغريا,أبدع من خلاله
الإشتراكيون ما عرف تاريخيا بالإشتراكية الديمقراطية,التي انخرط فيها
الشيوعيون أيضا,فامتدت هذه التجربة إلى العالم العربي,وتمثلها الفكر
الإشتراكي أولا,لتنتهي إليها حتى حركات الإسلام السياسي,لتفرض تميزها عن
الحركات الجهادية التي تتبنى العنف ضد المجتمعات العربية
والأجنبية,محاولة اعتبار نفسها بديلا لحركات التحرر العربي,بعد تراجع
الحركات القومية والإشتراكية,لكن من الضروري التأكيد على أن بعض الحركات
الإسلامية انتزعت اعترافا تاريخيا,بكونها أحسنت تمثيل حركات التحرر رغم
دينيتها,مثل حماس,وبشكل أكثر عقلانية ووفاء حزب الله بلبنان,الذي أضاف
لدينيته حسن تفاعله مع الديمقراطية والدفاع عنها,باحترام دينية المواطنين
وحتى عدم انتمائهم له,وأعتقد أن هذا التفكير هو أوج نضج الحركات
الإسلامية,ولا أظن أن هذا المثال تقدر عليه كل حركات الإسلام السياسي,فهو
لايفرض أي طقوس على الدولة اللبنانية,ولا يخوض صراعات حول الحجاب أو
الحشمة,ولا يفتعل صراعات لاضد المسيحيين ولا العلمانيين,كل ما يدافع عنه
هو وطنية الدولة,وحق الفلسطينيين في العيش على حدود وطنهم الذي قسم بعنف
وتواطؤ بين القوى العظمى والداعمة لإسرائيل,أما غير هذين التجربتين,فهناك
الرغبة العارمة في احتكار المجتمعات العربية إسلاميا,والتعامل الإنتقائي
مع الفكر الغربي وتجارب الشعوب الأخرى,بحيث قبلت الديمقراطية,واعتبرت في
المرحلة الأولى شبيهة بالشورى,لتدمج فيما بعد في رؤية حركات الإسلام
السياسي,وتتحول العلمانية إلى فكر مناقض للدين,فقط لأنها اعتبرت الدولة
تجمعا مدنيا وجهازا لتدبير شؤون المجتمع بعيدا عن أية تحيزات دينية أو
طائفية أو عرقية,وهو ما يشكل الدعامة الأساسية للديمقراطية نفسها,بحيث أن
التعاقد بين الأجهزة الحاكمة والمشاريع الحزبية البديلة قائمة على تحقيق
المصالح الدنيوية,وليس الجزائية الأخروية,كما أن عقوبات القوانين راهنة
وليست معلقة للبث فيها بعد الموت,فالعدالة في كل التشريعات المدنية مطلب
بشري,أرضي,قابل للتطوير والتجديد,فكل قانون يشرع,ينظر فيه عندما يستنفذ
قدراته على تمثيل العدالة أو تجسيدها فعليا,وهنا يتأكد ألا ديمقراطية
بدون علمانية,فحركات الإسلام السياسي عندما تنجح في الإنتخابات يكون
عليها وضع برامج تحقق الحاجات الملحة,وتنفذ تعهداتها تجاه المصوتين,وهذا
مظهر من مظاهر العلمانية,بل إن كل حزب يقبل بأن يحتكم للمصوتين,يكون قد
انخرط في عملية الإستشارة وخضع لها,وهو بذلك في صلب العمل العلماني,لأنه
يعد بتحقيق الحيوي والثقافي,كمتع جسدية وروحية رمزية,أي شروط الحياة
والكرامة الإنسانية كما يصبو إليها الكائن البشري,ولا ينتظر من الحزب
الفائز جنة ولا جزاء أخرويا,هنا تحضر العلمانية فعليا,ويتم التنكر لها
فكريا وثقافيا,وهو أمر طبيعي,به تؤكد حركات الإسلام السياسي,قابليتها
للتلاءم مع الديمقراطية والقبول بنتائجها,لأن الصراعات السياسية في
المجال الديمقراطي,تفرض الإعتراف بالآخر,وعدم أهلية أي حزب لتملك الحقيقة
أو السيطرة الدائمة على الدولة,ولذلك فعندما يذكر الحزب بدينيته فإنه
يحيل على أحقيته في الحكم من منطلق إسلاميته وليس فوزه بأغلب أصوات
الناخبين,وهنا تفرض علمانية الدولة حقيقتها,وهي أن دينية المجتمعات,ليس
مبررا لأن تحتكر الدولة من طرف ديانة أو طائفة أو فئة,تستمد مشروعيتها من
خارج المجتمع وليس من داخله,هذا عن الموقف من العلمانية
والديمقراطية,المراد فصلهما عمدا حتى من طرف بعض الأحزاب التقدمية في
العالم العربي,التي تتبنى الإشتراكية,لكنها لاتصرح بتبنيها للعلمانية,من
منطلق أن كل الدول العربية,توظف الدين بشكل من الأشكال في شرعيتها
السياسية,لكن الإسلام السياسي,في رفضه للإشتراكية,يبدو واضحا,إذ بذلك
يدافع سياسي عن انحيازه لليمين السياسي,وهنا لاعيب في ذلك,فمعتك السياسة
يخول له هذا الحق.
حميد المصباحي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما الضغوط التي تمارسها أمريكا لدفع إسرائيل لقبول الصفقة؟


.. احتراق ناقلة جند إسرائيلية بعد استهدافها من المقاومة الفلسطي




.. بعد فرز أكثر من نصف الأصوات.. بزشكيان يتقدم على منافسه جليل


.. بايدن في مقابلة مع ABC: كنت مرهقاً جداً يوم المناظرة والخطأ




.. اتصالات دولية لتخفيف حدة التصعيد بين حزب الله وإسرائيل ومخاو