الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المادة الثانية من الدستورالعراقي، موضع التطبيق!

كمال يلدو

2012 / 3 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لا اظن ، ولو للحظة واحدة ، بأن المشّرع القانوني العراقي قد غاب عن وعيه حقيقة ان الشعب العراقي ، شعب مسلم ، ملتزم بالقيم والأعراف العراقية والعربية والأسلامية ، خاصة وانه يمثل الأغلبية المطلقة في هذا البلد متعدد الأعراق والأديان ( لحد الآن!) .لكن ، لماذا اصـّر هذا المشـّرع على ادراج فقرة :
المادة (2):
أولا: الأسلام دين الدولة الرســمي، وهو مصدر اسـاس للتشريع .
أ:لا يجوز ســن قانون يتعارض مع ثوابت احكام الأسلام.
ولماذا اصــّرت القوى السياسية المتحكمة بالعملية السياسية ، على ادراج هذه الفقرة الدستورية ، كثاني فقرة في الدستور ، ولماذا اصرت ايضا على وجود العديد من رجالاتها في لجنة صياغة الدستور ، رغم انهم لا يحملون اية صفة قانونية للدخول بلجان متخصصة ، كلجنة صياغة الدستور ؟
وللجواب على هذا التساؤل المشروع ، لا نحتاج للبحث كثيرا ســوى ان نرى تطبيقات هذه الفقرة على ارض الواقع .
فالقوى السياسية المتنفذة اليوم ، والتي في معظمها احزاب دينية، ســنية أو شـــيعية ، كانت بحاجة الى مـادة ( دســتورية ! ) تستطيع من خلالها التحكم بواقع اية حركة مجتمعية ، تتوجس منها الخطر على مصالحها ، أو على مكتسباتها ، ولهذا فأن هذه المادة حاضرة متى ما شعر السياسي بالخطر من احتجاج الجماهير، او تذمر من سوء الخدمات، او حينما تعلوا الأصوات في محاسبة المفسدين والسراق ، هذا اولا ، اما ثانيا ، فأن هذه المادة تمنح حصانة لقوى الأسلام السياسي تشهره متى ما ارادت بوجه اية حركة شبابية تنبثق من رحم معاناة العراقيين ، لأنهم الشريحة الأكبر والأكثر تضررا من سياسات الحكومات الطائفية التي تعاقبت على حكم العراق منذ التغيير والأحتلال عام 2003 .وهذه المادة ، وطبيعة القوى التي تطبقها ، تمثل ورقة ارهاب بأمتيازات خاصة ، تضعها موضع التنفيذ متى ما شاءت، وكيفما ارادت ، فيما تركت الدولة عملية التطبيق على مئات المفتين وآلاف رجال الدين ، الذين اطلق العنان لفتواهم ، وأجتهاداتهم لتجد طريقها للتنفيذ كقوانين مرعية في بلد يتشــدق بالديمقراطية وتطبيق القوانين الدولية ، بينما المؤسسات التشريعية والتنفيذية وقوى الأمن تقف متفرجة، خشية المساس بالمادة الثانية من الدستور، فيما تستمر هذه اللعبة بتناوب الأدوار بين احزاب الأسلام السياسي وأذرعها من الميليشيات او من مسؤلي الدولة التابعين لها .
ظواهر لا تعد ولا تحصى صارت تطبق في العراق، وكأن البلد والمجتمع تحول الى مختبر افكار وأيديولوجيات هذه الأحزاب الدينية، بينما العراق غارق في أزمات لا اول لها ولا آخر .ولأستعراض بعض هذه المظاهر اذكر مثلا ، محاولات السعي لفصل الجنسين في الجامعات ، وحتى المدارس الأبتدائية ، فرض الحجاب أو زي محدد في العديد من المؤسسات والمدارس الأبتدائية ، محاربة السينما والفنون والغناء ، الغاء المشاركات الغنائية والفنية في مهرجاني المربد وبابل ، ناهيك عن تجييش العشرات من الحزبيين ورجال الأعلام والبرلمان في صولات (( ايمانية)) للحفاظ على القيم الأسلامية والعربية والعراقية من الغرب الكافر! ، هذا الغرب الذي هو ذاته من اتى بهم الى هذه المناصب والكراسي والأمتيازات التي لم يكونوا ليحلموا بها يوما ، حينما كانوا لاجئين في دول الجوار!
واليوم، تطل علينا حملة ايمانية جديدة وجدت لها عدة عناوين منها " الأيمو" و " عبدة الشياطين " و " مصاصي الدماء" ، في محاولة جديدة من الأحزاب الدينية الحاكمة ، وبالأستناد الى المادة الثانية من الدستور ، في اطلاق حملاتها القمعية ، في محاربة الشباب وبث الرعب والخوف في صفوفهم ، خوفا وتفاديا من تنامي حركاتهم الأحتجاجية ضد الواقع العراقي البائس الذي ينعكس عليهم بأسوء حالاته.
والسؤال الذي يتبادر للذهن هو : موقف الدولة ، ومؤسساتها الأمنية والبرلمان من اسلوب وطرق معالجة ازمات الشباب العراقي المستفحلة والآخذة بالأزدياد يوما بعد يوم ، من جراء انعدام فرص العمل امامهم ، وضعف الخدمات ، والمستقبل المجهول الذي يواجههم جراء تلكوء العملية السياسية وحالة الصراع المقيت بين القوى المتنفذة، وسيطرة نظام المحاصصة الطائفية والولاءات الحزبية على كل مفاصل الدولة والحكومة العراقية .
هل يعقل ان تكون تسريحة الشعر ، او لبس بعض الألوان، مهددة للأمن والسلم والقيم والثقافة والمبادئ العراقية والعربية والأسلامية ، بينما السراق ، ورجالات المشاريع الوهمية ، والعقود الكاذبة وأصحاب الشهادات المزورة ، يتحكمون بمصير اكثر من 30 مليون عراقي ؟ هل صفات هؤلاء السياسيين تنطبق مع القيم الأسلامية ؟ ام ان تطبيق المادة الثانية من الدستور تشمل كل من يعترض على الفساد والمحاصصة الطائفية وحماية السراق ؟ هل حقا من اجل هذا وضعت المادة الثانية ، ام لماذا لا تطبق بالشكل الذي يجعل المواطن العراقي يحترم هذه الفقرة؟ ولماذا يكون في بلدنا اطلاق اللحى حقا مشروعا ، وصفة من صفات التورع والتدين ، بينما يدان الشاب اذا رغب بتسريح شعره بطريقة لا تبدو للآخرين مرضية ؟ وهل هذا يعني بأن ما قام به خير الله طلفاح ( خال صدام حسين) كان صحيحا في محاربة الخنافس في بداية السبعينات ؟ وهل ان اطلاق اللحية وحمل القرآن هو مظهر كاف على الأيمان والتورع؟ كما فعل صدام حسين ، في أواخر أيامه؟.

تقع اليوم مسؤلية كبرى على النخب الوطنية العراقية ، السياسية والثقافية ، على الأحزاب الكردية التي لها تأريخ نضالي تحرري ، والشخصيات السياسياسية ذات الأتجاه الوطني المتواجدة في الأحزاب الأسلامية ، مسؤلية جسيمة في كشف القناع عن كل من يتستر بالمادة الثانية من الدستور العراقي ، في فرض الأرهاب ، ومحاربة اية مظاهر احتجاج على تقصير هذه الأحزاب بالوفاء للمواطن العراقي الذي انتخبها بعد ان وعدته ببرامج معسولة ، تقع عليها مهمة قطع الطريق امام تجار الدين ، ورثة حملات صدام حسين الأيمانية ، وتقع عليها مهمة الدفاع عن الدولة المدنية ، عن دولة الدستور والقانون ، لا دولة الملالي وتجار الزيارات!
العراق بين مفترق طرق ، فأما ان نرضخ لآيديولوجيات ، برهن التأريخ والتجربة فشلها الذريع ، ان كان في السعودية او السودان او باكستان او ايران ، او ان نسعى لبناء العراق الجديد ، العراق الذي يشعر فيه المواطن بالأمن والأمان ، العراق الذي يكون فيه القانون هو سيد الموقف ، وليس اجتهاد أو فلسفة أو فتوى من هذا او ذاك!

آذار 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المادة الثانية ( أ - ب )خازوق في نعش الدستور
مارسيل فيليب / ابو فادي ( 2012 / 3 / 13 - 22:18 )
الكل يعرف بدقة ووضوح حقيقة موقف احزاب الأسلام السياسي ( بشقيه ) من مفهوم الديمقراطية وتطبيقات آلياتها السليمة .. لنقرأ ماتقوله المادة الثانية من دستورنا العتيد
اولاً :ـ الاسلام دين الدولة الرسمي، وهو مصدرٌ اساس للتشريع:
أ ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع ثوابت احكام الاسلام.
ب ـ لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع مبادئ الديمقراطية.
ج - لا يجوز سن قانونٍ يتعارض مع الحقوق والحريات الاساسية الواردة في هذا الدستور.

إذاً كل فقرة تلغي ما قبلها لكن الفقرة ( أ ) فقرة تحايل .. فلا وجود لثوابت احكام الأسلام .. ربما يوجد بعض ( العام ) متفق عليه اسلامياً ، ولذلك اعتقد أن من وضع هذه الفقرة ارادها لغماً بوجه اية مطالبات لتوسيع قاعدة الحريات الشخصية وحقوق المرأة وحقوق الأنسان .. الخ .
بالمناسبة سألت يوماً احد الأصدقاء ممن شاركوا في لجنة كتابة الدستور ، انه كيف لم تقفوا بوجه هكذا تناقض وتزييف .. وكان جوابه .. هم كانوا الأكثرية ، وبعدين منو يكدر يعارض هيج صيغ ؟؟؟؟؟


2 - ألأسلام يحكم بذهنية المسلم منذ ١٤٠٠
أحمد حسن البغدادي ( 2012 / 3 / 14 - 01:13 )
ألأسلام يحكم بذهنية المسلم منذ ١٤٠٠ سنة، وهذه الشخصية المتناقضة والمبنية على أسس إسلامية راسخة وهي، الغزو والكذب، وقسم اليمين كذباً، وعدم الوفاء بالعهد، ويفتخرون بها ويعتبرنها من الرجولة، أنها أخلاق الصعاليك الأوائل ممن أسسوا ألأسلام بهذه ألأساليب، لذلك فهي راسخة في القرآن وتعاليم ألأسلام، وصعب تجد مسلماً ليس فيه واحدة منها.
بل أنّ المسلم منذ نعومة أظافره يمجد غزوات محمد، وما هي إلاّ عمليات سطو مسح وتسليب وهتك أعراض.نّ العمل لبناء دولة وجتمع إنساني في مجتمع غالبيته مسلمون أمر مستحيل، وأول شيء يجب عمله هو فضح مبادئ الأسلام وهدمها كي تنجوا البشرية منها.


3 - المادة الثانية من الدستور والاسلام
جواد راضي زوين ( 2012 / 3 / 14 - 14:11 )
حين نتحاور ونتبادل الافكار لم يكن القصد التجريح أو التجاوز على أي فكر كان, فمثلما نريد أن تحترم افكارنا لابد من احترام أفكار الغير, وهنا وجدت السيد أحمد حسن البغدادي ذهب بعيداً عن جوهر الموضوع آمل ان يتسع صدره لملاحظتي . في الوقت ان الاستاذ كمال يلدو سلط الاضواء على قضية بالغة الاهمية والتي راح البعض يعتبرها من الخطوط الحمر التي لايمكن التعرض لها , الا وهي فرض الدين على الدستور, ولم يحصل مثل هذا في العراق فقط بل نجده في دساتير دول اخرى , والسبب لم يكن بواعز ديني او قناعة بطرق التشريع الاسلامي المتعددة وانما كون مثل هذه المواد الدستورية تكون خير ستار للحكام لفعل مايحلوا لهم من ورائه, وهذا مادفع الاحزاب الاسلامية العراقية بشقيها الى الضغط لوضع مثل هذه المواد كي يسهل لها الهيمنة والتوسع على حساب القوى الاخرى وهو ماحصل فعلاً, , اضافة الى ما يحصل من نهب للمال العام وتجاوز على حقوق الانسان هو من فعل من لبسوا الدين قناعاً واغلبهم من قوى الاسلام السياسي. لذا لابد من وقفة شجاعة باطلاق حملات مستمرة للمطالبة بتعديل الدستور العراقي والغاء كل ما يتناقض مع مبادئ الديمقراطية ولوائح حقوق الانسان


4 - وهوســــــــــة عراقية
كنعــان شـــماس ( 2012 / 3 / 14 - 21:37 )
على ذكر الدستور... قال شاعر للاسف لااعرف اسمه الكريم : ابشــــرج جبتلج لجيمـــة للتنـــــور قندرتي العتيجـــــة ونسخة الدســــــتور عفنا المطايــــا وانتخبنــــا الثـــــــــــــــــور كام ينطحنا ويكرب لامريــــــــــــــكا طبعا مع تكرار المقطع الاخير ومـــــط كلمة امريكا واظن يا استاذ يلدو كان يفترض بكاتب الدستور ان يكمل الجملة ويقول وعندما تموت الدولة يجب ان تقبـــــر في مقبــــرة اسلامية


5 - خازوق الشريعة في حديقة ؟
سرسبيندار السندي ( 2012 / 3 / 15 - 00:20 )
بداية تحياتي لك ياعزيزي كماتل يلدو وتعليقي ؟
1 : مشكلتي أنني لا أعرف اللف والدوران ، ولا التدهين والتكريز مثل بعض ألإخوان ، فعندما يقال دين الدولة ألإسلام كما في المادة الثانية الغير محترمة التي تمخض فيها الجبل فولد فأرا كما يقال ، فكيف يكون لدولة دين وكلنا يعلم أن من يدين بأي دين لابد أن يكون من صنف البشر ، وليس من صنف الحمير والبقر والحشر ؟

2 : إن من يضعون مثل هكذا مواد في دساتير البلادإنما يقرون بغبائهم فعلا ، وإلا كيف يعقل دولة غالبية سكانها من المسلمين تحتاج إلى مثل هكذا مواد تعيسة تسئ للبلاد والعباد ، لأنهم بحكم ألأغلبية ووفق ألأسس الديمقراطية يستطيعون الحصول على مايريدون من دون إدخال ألأخرين في غار حراء ، أم أن خوفهم في محله من أن يرتد عن دين أبائهم الكثيرون في المستقبل كما إرتد الكثيرون بعد وفاة صاحب الوحي ، طبعا لم يكن حب قتلة المرتدين كما اليوم حبا بالإسلام كما يثبت التاريخ والواقع بل كان حبا بالسلطة والسطوة والغنائم ولم يكن الدين إلا مطية للسلب والنهب ؟

3 : أخر الكلام شاء مرتزقة الدين وتجاره أم أبو ، فلن يكون مصيرهم بأفضل من مصيرالطغاة الذين ديس على رؤوسهم ولو بعد حين ؟


6 - تهرب من تطبيق المبادئ الديمقراطية
علاء مهدي ( 2012 / 3 / 15 - 11:53 )
ببساطة، وضع المادة الثانية بشكلها الحالي في الدستور العراقي يعني عدم الإعتراف بالمبادئ الديمقراطية والمبادئ الأساسية الواردة في اللائحة العالمية لحقوق الإنسان وتجاهلها لحقوق الطوائف والأديان والقوميات الأخرى المكونة للمجتمع العراقي وبالتالي هذه المادة تتضمن تهديد واضح لغير المسلمين بأن حقوقهم لن تتحقق إلا عن طريق الشريعة الإسلامية. هذه المادة إذن هي وسيلة ترهيب وتخويف ليس لغير المسلمين فقط بل لكل اللبراليين والمتحررين وغير المتزمتين إسلامياً. في ختام تعليقي أشكر الأستاذ كمال يلدو على إثارته هذه النقطة ليس لأنها لم تكن معلومة بل لأنها يجب أن تكون هدف دائمي لكل أحرار العراق من الأدباء والمثقفين والسياسيين للعمل والنضال من أجل حذفها تماما من دستور العراق وأستبدالها بما يليق ويحترم تشكيلة المجتمع العراقي المتنوع الأعراق. مودتي


7 - شكر لكل من علق
كمــال يلـدو ( 2012 / 3 / 15 - 13:06 )
اتقدم بأمتنناني لكل من علق ، ابتداءا من الغالي ابو فادي ، للعزيز سعد كاظم ، و احمد حسن البغدادي ، جواد راضي زوين ، كنعان شماس ، س . السندي والسيد علاء مهدي . وأنا اشاطركم الرأي بأن هذا الموضوع خطر . فهو مثل المسدس ..يعتمد على حامله ، للدفاع او للهجوم . وعندما ايتلينا بهذه القمامات التي طفحت للسطح مع الأحتلال ، نعم يمكن ان يشهر بوجه اي شخص ، وحتى من المسلمين ، والشيعة ايضا من اللذين لا يبصمون لهم بالعشرة ، احداث كربلاء قبل سنتين واحداث الصرخي الآن .ادعوكم لبحث البديل الذي لا مناص منه لخلاص العراق . مع وافر تقديري

اخر الافلام

.. الرئيس الأوكراني: الغرب يخشى هزيمة روسيا


.. قوات الاحتلال تقتحم قرية دير أبو مشعل غرب رام الله بالضفة




.. استشهاد 10 أشخاص على الأقل في غارة جوية إسرائيلية على مخيم ج


.. صحيفة فرنسية: إدخال المساعدات إلى غزة عبر الميناء العائم ذر




.. انقسامات في مجلس الحرب الإسرائيلي بسبب مستقبل غزة