الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جبال المال السائب

ساطع راجي

2012 / 3 / 13
مواضيع وابحاث سياسية


مليارات الدولارات تصرف دون أن يعرف أحد مصيرها سنويا بفضل تغييب النص الدستوري الذي يشترط وجود حسابات ختامية لموازنة العام المالي المنتهي قبل اقرار اي موازنة جديدة، ولا يعرف احد بالتالي حجم الفائض المالي الناجم عن الفرق بين السعر المقدر لبرميل النفط في الموازنة والسعر الفعلي في السوق وغالبا ما كان هناك فارق كبير بين السعرين حيث السوق النفطي تشهد طفرات تصاعدية منذ سنوات، لكن مفهوم "فارق كبير" أصبح غامضا في العراق فزيادة ثلاثين أو اربعين دولار على سعر البرميل في دولة تقول انها تصدر ما يقارب مليوني برميل يوميا، أمر يتعامل معه مسؤولون كثر باستخفاف وتجاهل بينما هم دائما يلوكون ارقام المليارات في أفواههم.
فارق اسعار النفط ليس هو الباب الوحيد الذي تمر منه جبال الاموال السائبة في العراق هناك الرواتب المتعددة للشخص الواحد (غالبا من كبار المسؤولين)، ومئات المركبات المصفحة التي لا يعرف عنها احد الا عندما "يتعارك" النواب على سطح الاعلام للحصول على حصتهم منها، وايضا الاسلحة والمركبات والحمايات التي توزع على "حبايب" السلطة لتستخدم فيما بعد في تنفيذ الاغتيالات وهناك السلف التي تمنح دون تسليم فواتير عنها ومشاريع لا نهاية لها فضلا عن بضعة مليارات هنا وهناك تضيع اوراق صرفها او تسقط من الحساب نتيجة الخطأ والسهو الذي يتم التعامل معه في العراق بطريقة محلات المفرد التي تدون في وصولاتها (السهو والخطأ يتحمله الطرفان) وهذا يعني ان ما يتسرب من المال العام لا يمكن متابعته والسؤال عنه لأن "الشعب" طرف في تبديده وفقا لشريعة وصولات محال المفرد.
يمكن تجاهل كل الاموال السائبة المهدورة والمسروقة لو كف الساسة عن التذرع بقلة الاموال كلما ثار الحديث عن الحاجة الى مشاريع خدمية أو زيادة رواتب المتقاعدين أو توفير بعض الدعم للارامل او الايتام أو الطلبة أو توزيع فوائض النفط على المواطنين أو توفير علاج للمرضى الفقراء او أي مطلب آخر للناس، عند ذلك سيقال ان الخزينة تشكو النقص وان العراق عليه مديونية كبيرة وإن صندوق النقد الدولي او البنك الدولي لا يقبلان ان تقوم الحكومة باهدار الاموال على المواطنين حتى ولو لحفظ كرامة من يتسول او علاج من يعاني المرض.
الدولة التي يحكمها دستور ونظام ديمقراطي وفيها برلمان ومؤسسات رقابية واعلام حر لا يمكن ان تفقد دينارا من اموالها الا وقيدته السجلات وحصل على الموافقات القانونية وعرف فيها مصدر كل دينار ومورده والا فلا مبرر لكل هذا الصخب والضجيج المسمى "حياة سياسية" التي يفترض إن من أول اهدافها تقنين تداول السلطة سلميا وتوزيع الثروة بعدل ولو خير الناس بين المهمتين لقدموا العدل في توزيع الثروة على التداول السلمي للسلطة فما شأنهم بسلطة لا تحفظ كرامة ولا تداوي مريضا ولا تسد جوع فقير يتجول بين مزابل الاثرياء الذين فتحت لهم أبواب المال العام السائب فصاروا يتلقفون منه ما يريدون، اما أن تضيع الاموال او تسرق أو تهدر في نظام ديمقراطي دون أن يتتبعها أحد فذلك يعني إن خطأ كبيرا وقع به المجتمع في تصنيف وتسمية نظامه السياسي.
في مقابل استئثار أهل السلطة السياسية بالمال العام وتساهلهم واحيانا عبثيتهم في إدارة الثروة الوطنية هناك غضب شعبي يتجلى عند كل فرصة سانحة للتعبير عن المشاعر كما حدث مع مصفحات النواب مثلا لكن هذا الغضب لا يكاد يتحول الى حس رقابي حقيقي يكون ذا صيغة عملية في توجيه الاصوات الانتخابية حيث يبقى المسحوقون أسرى لمشاعر التعصب أو الخوف التي تدفع بهم الى تناسي ظروفهم التعيسة فيسارعون الى الاضرار بأنفسهم عندما يفشلون في تحديد اولوياتهم المطلبية وبدلا من البحث عن منفعتهم يتحولون الى ادوات ينتفع بها قلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ