الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


غرائز العربي تتغلب على عقله

سامي بن بلعيد

2012 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


من المعروف ان العربي قد اصبح عاطفي انفعالي فاقد السيطرة على واقعه الحياتي منذ زمن طويل وان كانت الخمسة العقود الاخيرة قد اظهرت الصورة أكثر , فالعربي لم يعد لديه القدرة على تنظيم نفسه ولم يعد لديه الاستراتيجية المنهجية لادارت حياته بل من الواضح جداً ان العرب حكاماً ومعارضات ونُخب على مختلف الاطياف ـ في الغالب ـ قد اصبحوا يتحركون مثل الدُّمي عبر الرموت كنترول الداخلي والخارجي على وجه الخصوص .
كما ان العربي اصبح يفكر عبر الاشياء التي يطمح اليها وأغلبها ترفيهية ذات طابع استهلاكي بحت الامر الذي افقده انتاج المعرفة العامة التي تدير حياة المجتمع بشكل عام ذلك سبب حالة من التقاطع الخطير الذي افقده العقل الجمعي الذي تتجسد من خلاله حلقات التكوين والترابط الانساني العام للمجتمع ذلك التكيوين الذي يهدف الى بناء الانسان أولاً لاجل الوصول الى الاشياء بشكل منظم يزيد من قدرة الانسان على ادارة دفّة الحياة ولكن ما حصل هو عبارة عن عملية عكسية تماماً حيث اصبح الاهتمام بالاشياء المادية قبل الاهتمام بالانسان وبدلاً من ان تكن المادة هي الرديف الثاني للانسان في عملية التطوّر والبناء اصبحت تحتل ألاولوية وتم تسخير الانسان لامتلاكها او الوصول اليها بطريقة اللهث والتسابق الغير ممنهج البعيد عن ادارة العقل الواعي .
ولو نظرنا الى الاقطار العربية ذات القدرة الاقتصادية الكبيرة فبرغم امتلاكها لوسائل الرفاهية مثلها مثل شعوب العالم المتقدم إلاّ ان الانسان فيها يمتلك ثقافة استهلاكية لا تؤهلة الى الدخول في ميادين التفوّق العلمي بل ان ثقافتهم المدنية قد تأتي متدنية اذا ما قارناها حتى ببعض الاقطار العربية الاقل ثراء كما ان حالة التبعية للآخر المسيطر قد تكون ايضاً اكثر بكثير من تبعية الشعوب الفقيرة
إذاً نرى ان القول الذي يعتبر ان السياسة اقتصاد مكثّف لا ينطبق في حال ان الانسان لا زال يعيش زمن الاقطاع وربما ما قبل ذلك الزمن فلذلك لا بد من اعادت النظر لا بد من تدوير زايا الوعي الانساني وتصويبها نحو بناء الانسان أولاً , بناء الانسان ورفع درجة وعيه حتى يرى الحياة من كل الزوايا وتصبح لديه قدرة على انتاج المعرفة وقدرة على البناء والمشاركة والتعاطي مع الافكار وقبول الآخر , وكل ذلك لن يأتي إلاّ من خلال ثورة فكرية اخلاقية سلمية تطالب ببناء الانسان وتحريرة من كل القيود والافكار والتقاليد التي جمّدت عقليته واصبح يتحرّك بعواطفه ونزوات نفسه التي قضت على دور عقله الواعي الذي يعتبر ملكة البناء والمدنية والحضارة .
قد يأتي من يقول إننا خير أُمة اخرجت في الناس ولكن واقع اليوم سيجيب عليه بلا , قد يأتي من يدافع عن العرب بطريقة تعصّب الجاهلية ولكن واقع اليوم سيجيب عليه بلا , وقد يأتي من يحمل الاسلاميين كل تبعات التخلُّف والتراجع او العكس فالواقع سيجيب على الجميع بلا , لقد جرّبنا حكم الكل وذهبنا من سيئ الى الاسوى .
ولو تحدثنا عن كل آلامنا وعلى المدى الطويل فأننا لن نصل الى نتيجة لاننا قد فقدنا دائرة التفكير الحقيقي ولن نستطيع ان نبني الحياة بالاسلام ولا بالاشتراكية ولا بالرأسمالية ولا بغير ذلك ... لاننا بحاجة الى اصلاح ذلك الخلل الحضاري الذي اصاب كينونة الامة ودفعها وما زال يدفعها نحو التسطيح والضياع .
وما النرجسية وحب الظهور ورفض الآخر بل ومحاولة قهره او القضاء عليه إلاّ من هواجس النفس وغرائزها ... ولا ننسى ان الانسان لديه العقل والغرائز والحيوانات لديها الغرائز فقط ... فكيف سيكون حالنا اذا فقدنا العقول وغلّبنا عليها الغرائز ؟.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط