الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رحيل ضمير الحركة الوطنية والثقافية الفلسطينية أبو خالد البطراوي ابتعد عن النخبوية والفوقية اللتين بطبيعتهما تبتعدان عن الحراك الثوري ومساراته

توفيق العيسى

2012 / 3 / 15
الادب والفن


« لم يجد ما يأكله
تسلل إلى البيت المسيج
عله يجد ما يأكله
فلم يجد ما يأكله
كسر الباب والشباك
واستدعاهم
عله في السجن
يجد ما يأكله»
بهذه الكلمات يفتتح ديوان الراح المثقف والمناضل محمد أبو خالد البطراوي، الذي تمر ذكرى وفاته الأولى متزامنة مع ميلاد الراحل الكبير محمود درويش ويوم الثقافة الوطنية الذي لم يأت على ذكره!.
ولعل افتتاحية الديون عبرت عن وعيه وانتمائه ونضاله، ذلك الشيوعي الذي لم يكل في الدفاع عن قضايا الكادحين والمظلومين، متنقلا من بلد إلى آخر ومن معتقل إلى آخر، وفاءا للفكرة وايمانا بالمشروع.
الشاعر مفلح طبعوني وفي ذكرى رحيل البطراوي يرى بأنه ابتعد عن النخبوية والفوقية اللتين بطبيعتهما تبتعدان عن الحراك الثوري ومساراته، وعمل على تغذية الدماغ بفيتامينات الابداع، وقدم الدواء الشافي ضد فيروس الجمود والجهل، ويضيف انغمس أبو خالد بالوفاء والالتزام وبالسيف المشهر في وجه الاحتلال، وقف ضد الظلم ودافع عن حقوق المظلومين وثوراتهم وانتفاضاتهم، ناصر المرأة واحتضن الأطفال ودافع عن تلاقح النوار، تمسك بالوحدة وعادى الانقسام.
حين التقيناه قبل وفاته، وفي حديث عن الراحل معين بسيسو، استمع كثيرا ولم ينطق، لكنه ابتسم، وقال» تسألني عن ايدولوجية معين، نحن في ذلك الوقت لم نقرأ الماركسية، أو قرأنا اليسير منها، آمنا بشيء واحد فقط بالكادحين وحقوقهم، لذلك عندما طلب منا مرة أن نبني جامعا في احدى بلدات غزة لم نتردد فبنينا لهم جامعا»
ولم يقتصر نضاله على الفعل والحركة فقط بل آمن أن للثقافة والكلمة دور في معركة التحرر والحرية، فكان حاضنا لكل المواهب والابداعات، ولعل أكثر ما يذكر عنه بيته الذي كان مزارا لكل الكتاب والمثقفين والسياسيين، مهنا يقول طبعوني « آمن البطراوي بأن الثقافة الفلسطينية ركن من أركان مقاومة الاحتلال، لا بل عمودها الفقري، فطعّمت الذوق الفلسطيني العام ضد التشظي الثقافي وحافظت عليها وعلى مشتقاتها لتحافظ على الوجود الفلسطيني حارب الابتذال.. وعزز الانتماء. منع سقوط الذوق بعفويةٍ وفطريةٍ وتماسكٍ مع هذا الوطن، فصار معه وبه عطاءً، فهم الواقع بعلميةٍ وأكدت على أهمية الحرص الثوري ومرونة الفاعلية والابداع».
ويسترسل طبعوني بقوله» لم يعتبر الوطن مجرد قسائم وبلوكات في الخريطة العالمية لأنه تمتع برائحة ترابه، نسائم مجالاته، حافظ على شجره وثماره، حافظ على ناسه الذين تعلموا منه بدون تلقين مثلما تعلموا من رفيق دربه الشاعر والمناضل والقائد توفيق زيّاد، الذي كان يقول، كما كان البطراوي يقول: «قد لا يكون شعبنا أفضل الشعوب ولكنه حتمًا لا يقلّ بالأفضلية والحسانة عن غيره من الشعوب».
وبمرور الزمن لم يركن البطراوي إلى ذكريات النضال وكتابة المذكرات، لكنه ظل حتى الرمق الأخير قارئا ومقاتلا، فقد تعدد هذا الرجل بين المفكر والناقد والشاعر، على الرغم من أنه لم يكتب كتابا واحدا طيلة حياته، انتقد السياسة والوضع الاجتماعي والترهل الوظيفي، ببوصلة يدرك وجههتها، وبالوصول وهو يعلم أن طريق الوصول مقدر بسبعة أوجه كما قال شعرا، فنسمعه يقول: « بين الميمنة والميسرة
سبع دروب أخرى مقدرة»
الجوع
والركوع
والتمرد
والتشرد
السعي
والوعي
القتال
فاذا قاتلت...
فقد وصلت»
وفي نقده لم يكن متجهما وفي معركته لم يكن متذمرا، مارس السخرية المرة رغم مرارة الوضع، وعيشه المتقلب، ففي قصيدته التي بعنوان « بخير» يوضح بأسلوب فطري بسيط ولاذع سبب تعثر المسير والسيارة، فليست المشكلة بالعجلات ولا ببلد الانتاج ولا في الأضواء أو الكراسي فكل المسألة أن السائق مخمورا يغط في النوم كما قال.
ونراه يتحدث بذات الأسلوب بقصيدته « البوصلة» عن خارطة الطريق وأخواتها، عن الجهود المبذولة للسلا الذي تحدثوا عنه كثيرا قاتلين الحكايات واستوطنوا حبر الخرائط وألوان الماء والمحايات اتباعا لبوصلة صنعها « لص كان يتقن الكذب وادعاء الخرائط».
وفي « أنياب» يختصر البطراوي كل الحكاية بذات الأسلوب العفوي البسيط، دون تسطيح أو تبسيط ساذج، فيحيل القضية كلها إلى خلع أنياب الحية بقوله: « السر في الأنياب
يمسك الحية من ذيلها
يخلع أنيابها
فتعيش ويعيش
وتموت إن دق رأسها ليأمن سم الأنياب
أو يموت هو...
إنهي الأنياب بقيت!!
للحية نابان
وأنياب بلا عدد
للعنصرية!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنان محمد الجراح: هدفي من أغنية الأكلات الحلبية هو توثيق ه


.. الفنان محمد الجراح يرد على منتقديه بسبب اتجاهه للغناء بعد دو




.. بأغنية -بلوك-.. دخول مفرح للفنان محمد الجراح في فقرة صباح ال


.. الفنان محمد الجراح: قمت بالكثير من الأدوار القوية لكنها لم ت




.. نقيب المهن التمثيلية يكشف حقيقة شائعة وفاة الفنان حمدى حافظ