الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عنقود لِشهوةٍ صباحيّة

لحسن هبوز

2012 / 3 / 15
الادب والفن



هكذا يكون المشهد دائما... يحدث أن أكون تائها بين مَعارج المحاضرات والدّرُوس، ومؤخّرتي تتلذّذ بكراسي الخشبية لمدرّجات الكلية، أبقى تائها بدون عنوان، أذاني صمّاء جرّاء صوت الأستاذ الذي يصلني قويا، وفمه ملتصق، بالميكرفون... فجأة، يرنّ هاتفي المحمول، لكن هذه المرة رنّة الرسائل، يا إلهي، ماذا تريد مني في هذا الوقت المبكر من الصباح؟. "أنتظرك في المكان المعلوم، أريدك حالا بدون أعذار". نظرت إلى الأستاذ بجانبي عيني، بينما يداي، تلملمان أغراضي على الطاولة. أتحين الفرصة للانسلال، تفاديا للقيل والقال.
أحسست بخيوط شمس صباح "أكادير" وهي تسعفني، نظرت إلى هاتفي، أعدت طرح السؤال على نفسي من جديد، ماذا تريد مني في الثامنة والنصف صباحا؟. رتبت كل سيناريوهات اللقاء، وأنا أستلقي على الكرسي الخلفي للتاكسي ...إلى المدينة الجديدة من فضلك.
يمكن أن تكون قد سقطت في يد البوليس، وكانت ضحية حملة ليلية مباغتة، من المستبعد ذلك، زبائنها من الأثرياء، وغالبيتهم خليجيين، عشيقها سعودي هرم وزنه مشهود هنا، لا يعقل هذا. هل يريد البوليس أن يوقف نبض شريان هذه المدينة، إن أقدم على غباء مثل هذا.. في هذه المدينة، يحرم عليك أن تعكر صفوة نزوة سعودي، أو كويتي، باسم "خرا" مثل قانوننا... لا، لا يمكن ذلك. هل تحب علاقة جنسية في هذا الوقت لا يمكن، أفضل أن أمارس العادة السرية على أن أتملى تضاريس جسد عاري في الصباح... إيهمات وسيناريوهات مختلفة. وضع لها صوت سائق التاكسي حدّاًَ، مشيراً إليّ بالمكان المعلوم.
أحبه.. و أمقته في نفس الوقت، شعور يعترني، وقدماي تطأ عتبة الفندق، أحبهُ لنسائمه الرخيّة، ومقصلة لأحلامي الفقيرة، أمقتهُ كنحث لضراوة عالم الثرى الفاحش، هنا تموت الإنسانية، لحفنة من الأورو وبترودولار، عزيت نفسي باللاّمبالاة، وأنا أستقل المصعد. الطابق الثالث، الغرفة 172، إنه الطريق إلى فجر شهوتي المندّى...
باب الغرفة كعادته مفتوح على مصراعيه، ولجت العتبة ممتلئا بحيرة السؤال عن هذا الطلب المبكر.. وجدتها شاخصة أمام مرآة الحمام تدعك وجهها المتعب من المساحيق المتنوعة، بعد معركة ليلية، أكره أن أقبل أنثى ملطخة بمساحيق، تقزز خياشيمي، وتكون رغبتي في القيء مفرطة.. فجأة أطلقت ضحكة إرتجاجية من الفرح.
ــ سناء.. لو تسمحين.. قبل كل شيء، أرجوك اشرحي لي ماذا يقع؟ لن أقدم على شيء حتى أفهم.. أريد أن أفهم لا غير.
ــ ألم تفهم بعد؟.
ــ إطلاقا... وإذا لم تشرحي لي بالتفصيل المُمل، سوف أغادر حالا.
ــ اسمع لقد حصلت على كل شيء.. لقد وقع كل شيء.. السعودي الغبي، أهدى لي تلك الفيلاّ التي تطلّ على الكورنيش، أفهمت الآن..
ــ هههه.. لا يمكن، هل تقصدين تلك التي حدثني عنها.. لا..لا .. هههه.. غير معقول.
ــ عرفت أنّك لن تصدقني. في تلك الأثناء هرولت إلى الحمام، تعمدت ضرب وجهي بصفعات من الماء، حتى أصدق ما تلقفت أدني للتو، تبعتني، وفي يديها مستندات الملكية..
ألم تصدق بعد أيها الجحش.. أخذت أقرأ ما كان مخطّط على الورقة بلهفة راجحة.. يا إلهي، كيف؟ وما الذي أقدمت عليه كي تجبيره على التوقيع.. أجابت بكل امتعاض: لا شيء..
أتدرين عرفت رجال، وأناس قدموا إلى هذه المدينة بعد أن دمّرها الزلزال. لسنوات لا يملّون من العمل، وعن جمع المال ليل نهار، ولم يستقروا إلى الآن إلا في أكواخ قصديرية، وأين؟ خارج المدينة .. وأنت سنة واحدة فقط وفيلاّ فخمة تطل على البحر.
أجابت بكل حزْم وغضب: معارفك من الرجال، يملكون مثل هذا، في تلك اللحظة،أزاحت تنّورتها الوردية وفرجت عن مابين فخديها، مثل بلح البحر الطري.. صعقت، وبدون وعي أجبت:(بالعْمَــــى)لا.. ردّت: إذن من الأحسن أن تصمُت، و تعال لنشرب نخب المال والسعادة...والفيلاّ. ضربت فمي بأخمص يدي، معلناَ ولائي الكامل لذلك البلح الطري الفضّ.
أشرت: كما العادة آنسـة سنـــــاء.. افتح يا سمسم.. وإذا بباب الثلاجة يفصح عن زجاجة ويسكي صغيرة، بشكلها البُرْجي الفاتن.. فتحتها بسرعة لأقدم على الشرب، صرخت في وجهي: ماذا تفعل يا أحمق، أجننت، إنه لا يشبه نبيذ الطلبة الآسن.. رشفة منه تكفيك لكي تعربد طول اليوم.
بدت لي أنها على صواب، نحن الطلبة، لا نشرب إلا الخمر الآسن، نتقاتل حتى نجمع ثمنه، وإذا جلسنا للشرب، ترى قوم تبع يجتمعون على لتر واحد.. أحيانا نضطر إلى تصنع العربدة، إتقاءا لنشوة الفحولة، ولو رائحة في فمنا.
أصبح إيقاع الويسكي رتيب، وتحول النخب إلى عربدة الفقراء.. بدأت أصرخ بأعلى صوتي، كإنسان بدائي، تكوم ألاما من الجوع بحثا عن فريسة للصيد.. ما أقبح الوجوه وهي تناجي الخمر في الصباح.. في هذا الوقت بالذات ربما يصل الأستاذ إلى إشكالية بناء الدولة الحديثة في المحاضرة الثانية التي تغيّبتها، وأنا هنا بدوري أصل إلى إشكالية الوقوف السليم بدون وحشة القنينة.. نظرت إلي بكل استخفاف، وهي تتمتم: ماذا إذن؟
أدرت وجهي: تماما كما إسْتمنيت على شبحك أمس.. هههههه.
كانت ملقاة على السرير المخملي، ساقاها سائبتان إلى الأسفل. التنّورة الوردية لم تعد تظهر لي جيّداً، صدرها العاري مكتنز بنهديها ومقدم إلى الأمام.. إنها أنثى تفيض شهوة بلا كلل.. قفزت بكل حيوانية إليها، صارت تضحك ، وأنفاسنا المخمورة تلتقي في نقطة تماس.. مازالت بصمات شفاه السعودي الهرم على فمها. أقول هذا وأنا أتلذذ بكل جهالتي الجهلاء في الجنس.. ألا يستحق هذا الجسد فيلاّ أو يختاً نجوب به معالم ساحل هذه المدينة. صباحا نصطاد السمك ، وفي المساء نصطاد شهوتنا الباخوسية على السرير.
ــ لأول مرة صرت أشتهيك بهذا الجنون.. قالت.
ــ وأنا لأول مرة صرت أشتهي هذا الجسد بدون حدود.. قلت.
وبين الاشتهاء والاشتهاء.. بدت مسَام الجوف تمتلئ فظّا.. دنت علي، قلبت شفتاها السفلى بشكل إباحي، صعدت فوقي، وأنفاسها تصل إلي طبول أذني: أريدك اليوم لاغير.. واهوه. ما أعذب هذا الصوت لقد أفرغت أذني من صراخ فم الأستاذ المهرّج.. نزلت بفمها إلى صدري تقبله، وزنداها يتحسسان أطرافي، عسْكر الكلام فوق لساني..جسدي ذبيحة على مقام هوى بلقيس يُسلخ جلدها، صارت تغتصبني الآن بكل فحولة أنوثتها.. أحسست بأزرار سروالي تنحلّ، أخيراً وصلت إليه، أخرجت الأفعى برأسه المدمي شهوتا، شرعت تمصمص الحشفة بكل جموح، أحسست أني وصلت إلى أخر زقاق الشهوة بلا عودة، لم يسبق أن عملت معي كهذا، أخذت تتلاعب به بين يديها، صارت طفلتاً صغيرة تعتني بدمية، تمشط لها، تتأنق لهندمها... صار قضيبي دمية في يد صبية.. أتأوّه وهي ترقص فوقي إذانا ببدء حرب مجهولة النتائج... أعمد إلى إعصار نهديها الدّامسان، سأبصم بدوري على هذه الخريطة.. على هذه التضاريس الأنثوية..
ــ الخليجي يضاجعك بدون مقدمات، يجهل الخطوات الحديثة في الجنس.
ــ هههههه (تضحك) قضيبه في حدود خنصر يدي.. يكفيه أن يتذوق لحم المغربيات، باسم السياحة ووقت النقاهة، وكل ما يتم التطبيل له في الإعلام. مومسات "أكادير" أصبحن قطاعاً اقتصادياً مغيّب عمداً أو سهواً في نقاش المجلس البلدي.
ــ يضاجعون هنا.. ونحن الطلبة نستمني هناك هههههه
ــ ههههههه. عزائكم في كتبكم الجوفاء، وجيوبكم الفارغة.
سقط قناع النزوة الآن، وصار الجسدان ذكرى ممرّ يبحث عن لحظة انفلات. مشهد للارتواء من ظمأ معلن، أعقبه سيجارتين لأخذ النفس.. كنا ندخن في نشوة اشتهاء رصيف اللقاء. مدت يداها إلى شعري الأكرث تعاتبه، ودخان السيجارتين يرسم عراء وحشة الغرفة الأنيقة المرتّبة.
أتذكر كيف كان اللقاء؟، وحياتي لن أنسى جميلك.. نعم أتذكّره جيداً بكل جوارحي، صدقيني سنـــاء.. كنتِ صدفة قدّر لها أن تجوس بين حذافير سكاكين هذه المدينة المفترسة، ما كنت أعلم انك هاربة من منزلك، تاركة مدينتك الصغيرة في الخلف، لولا حدسي بالأمر، وتطفل حفاة ومشردي المحطة. رأيت الخوف بين عينيك، تشجعت أكثر لأنقدك من غياهب مظلمة، لو تأخرت ثانية لصرت شبحا مرّ أمام مقلتي عيني ذات ليلة. أتعرفين براثين شهوة هؤلاء "السْواسَة"؟، أكثر ما يموتون عليه، ثقب أدمية يفرغون فيها نزواتهم بدون قرش، وحوش أدمية لا تعبد إلا النقود، وليس لها هواية إلا جمع "الرْيال". لكن ماذا قدمت لها أنا؟ (قلت مع نفسي)، المهم وحش ليل المدينة الآن، فتح لها صدره بشكل أرقى بعيدا عن أرخبيل الرصيف والشارع.
أحسست بشفتيها تطبع على سطح خدي قبلة العرفان. شكرا لك حســـــن. ومن أجل كل هذا مازالت رعشة الجميل ترجّ غبار قلبي الكامد. من الآن فصاعدا، مقامنا لن يبقى في الفندق، أعدك في لقائنا المقبل سنسبح معا في مسبح الفيلاّ. ونصول بين غرفها الممتدة.
تقول هذا وثغرها المُسفرجَل يُفرجُ عن ابتسامة بلّورية، وبوادعة شفتاي أستقبلها إيذاناً ببَدء معركة ثانية من الحرب، لكنّ هذه المرة متوقعة النتائج.
لحســـــــــــــن هبـــــــــــوز








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فوز فيلمها بمهرجان مالمو المخرجة شيرين مجدي دياب صعوبة ع


.. كلمة أخيرة - لقاء خاص مع الفنانة دينا الشربيني وحوار عن مشو




.. كلمة أخيرة - كواليس مشهد رقص دينا الشربيني في مسلسل كامل الع


.. دينا الشربيني: السينما دلوقتي مش بتكتب للنساء.. بيكون عندنا




.. كلمة أخيرة - سلمى أبو ضيف ومنى زكي.. شوف دينا الشربيني بتحب