الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ناس الغيوان ..شطحات شيوعية في القبة

أم الزين بنشيخة المسكيني

2012 / 3 / 15
الادب والفن


كنت هناك بكلّ دمي و بكل مجامع ذاكرتي و باسلام أمّي و أبي و مآذن قريتي ..كنت هناك بكل يساريتي تكتبني و أكتبها حلما دائما بتغيير العالم ..كنت هناك الى حدّ اللقاء بأحدهم منذ ربع قرن من الزمن كنت قد تقاسمت معه اضراب جوع في انتفاضة الخبز في ثمانيات القرن الماضي في كلية منوبة الرائعة..كنت هناك بكل فوضويتي و حواسّي الطافرة ..و بكلّ النصوص التي خلقتني و بكل ثورتي ..كنت هناك بكل أقلامي التي ترسمني رقصا الى المستحيل القادم ..الزمان هذا السبت و المكان قبّة المنزه ..و السؤال احتفال باليوم العالمي للمرأة ..لا الزمان هو الزمان و لا المكان هو المكان و لا السؤال هو السؤال ..فلا الله ارتاح في هذه البلاد من السياسات الحمقاء و فتاوى الدعاة ..و لا قبة المنزه أدركت ما يريده هذا الشعب ..و لا المرأة مطمئنة الى ما يكيدون لها كيدا ..و رغم تعثّر الألوان في هذه اللوحة فقد كان هذا السبت سبتا استثنائيا منح نساء تونس فرصة للرقص على ايقاعات صوفية ..و أهدى للمرأة التونسية فسحة من البهجة و الفرح ..و باحة لرقصة الرأس بدلا عن رقصة البطن ..و تناثر شعرها الأسود الشرقي العربي الاسلامي ..يبعثر كل أوراق الأحزاب الكئيبة و كل التجاذبات السياسية الضيقة ..رأيت شعر العذارى وهي تراقص إيقاع المتصوفين و القادريين الآتين من الغرب الإسلامي و رأيت أولياء صالحين هم شباب بلادي ما أبهاه.. يحصّن الوطن بالفرح و يستعيد الثورة بالايقاع المغربي الافريقي الذي اخترق كل الحدود الجغرافية و كلّ الفواصل اليسارية و اليمينية و السلفية و الشيوعية ..ركح رائع لا أحد من الدعاة و لا من الخطابيين و لا من الأحزاب استطاع أن يصمم مثيلا له ..عرس للثورة التونسية ..شعب مغاير يأتي مع كل أغنية لناس الغيوان ..الغاوون للشعب و للمرح و للحياة .تحت عناوين شتّى الى حدّ الرقص على "الدنيا ..مهمومة يا خيّي مهمومة ".كانت مصالحة جميلة بين الشعب و ثورته و بين الشعب و خيباته في الحكومات المتداولة على حلمه .. شطحات صوفية شيوعية .. خير ردّ على كلّ من تخوّل له نفسه المسّ من مقدسات هذا الشعب و عاداته و رقصاته و أغنياته الثورية..أفق مغاير للحياة يسخر من الصدام العقيم بين أهل اليسار و أهل اليمين ..شطحات صوفية تزعزع فتاوى السلفيين ..و فجأة يتقن هذا البهو البيضوي الشكل الفسيح احتضان غضب البطاّلين و حناجر الثائرين و آلام المساجين الذين لم يقع انصافهم و أحلام الشهداء الذين لا زالت الحكومة تتعثر في ترسيمهم في رتبة الشهيد .و فجأة تطهّرت مدارج هذه القبّة من كل خرافات زارعي الألغام و الفتنة .و تحوّلت كل حيل الساسة الى نكتة مضحكة و ظهرت فجأة نظرية المؤامرة في مظهر بائس لمن لا حيلة له غير التخوين و التأثيم و زرع الذنوب في القلوب ..لا أحد بوسعه أن يتآمر على هذا الشعب و لا أحد يقدر على أغنياته ..ههنا شعب يتقن تحطيم الأصنام و تذويب الخرافات بالبخور و الوقود ..كان عرسا في دمي ..كان حبّا في يدي ..كان حلما راقصا في عيون الجميلات ..و أينعت كل الزهرات ..لا أحد من الخفافيش بوسعه لمس هذي العطور .لا تعكّروا صفو الزهور. ابتعدوا عن شموسنا..لا مكان بيننا لعذابات القبور ...شكرا لناس الغيوان و شكرا لصوت الشعب ..و شكرا لكلّ الأصوات الحرّة ..مزيد من الأغنيات ..فالخبر السارّ يأتي دوما في أوانه ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي - عن الفيلم -ألماس خام- للمخرجة الفرنسي


.. وفاة زوجة الفنان أحمد عدوية




.. طارق الشناوي يحسم جدل عن أم كلثوم.. بشهادة عمه مأمون الشناوي


.. إزاي عبد الوهاب قدر يقنع أم كلثوم تغني بالطريقة اللي بتظهر ب




.. طارق الشناوي بيحكي أول أغنية تقولها أم كلثوم كلمات مش غنا ?