الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نحو تشكيل جبهة يسارية ثورية

عيسى ربضي

2012 / 3 / 16
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


حين يتناول لينين الحياة الحزبية للحزب اليساري يركز على البنى التنظيمية والفكرية كأساس صلب لبناء حزبي قادر على الصمود والعطاء والتطور. ولدى مراجعة تاريخ الحزب اليساري في المزارع العربية نستطيع تشخيص حالة مشتركة وان تفاوتت من ضعف البنى التنظيمية والفكرية بصورة حادة وافتقاد هذه الاحزاب للانتاج الفكري والنظري باستثناءات محدودة وان كانت متميزة لدى بعض احزاب اليسار.
بعض الاحزاب اليسارية مارست النقد الذاتي والنقد لتجاربها وتجارب غيرها من احزاب اليسار وبعضها انتج ملاحظات هامة في هذا المجال، لكن لم ينجح أي حزب يساري باتخاذ خطوات فعلية للتغيير نحو حزب اكثر ثورية واكثر تجذراً بالنظرية بل ان بعض التغييرات التي حدثت كانت باتجاه المعاكس للنظرية العلمية وبطريق ابعد عنها. العديد من احزاب اليسار اسقط شعاراته، مبادئه وحتى اسمه ليكون اقرب إلى اليسار الانتهازي والليبرالية منه إلى حزب يساري ثوري. وحتى تلك الاحزاب التي كانت تنّظر للماركسية اصبحت تسترشد بأجزاء منها حفاظاً على ماء الوجه وتعمل على المهادنة بين الوعي والمادة او بين العلم والدين او بين الفكر اليساري العلمي والنص الديني الجامد.
في العديد من اوراق مؤتمرات احزاب يسارية التي مارست النقد والنقد الذاتي طرحت احدى اهم البدائل في تشكيل جبهة يسارية موحدة تحت مسميات مختلفة وتحت تعريفات متفاوتة لكنها كانت تسعى لسبب او اخر لتشكيل هذه الجبهة، وفي الغالب فشلت التجارب التي قامت من بعد الحرب العالمية الثانية حتى اليوم في ان تبني هذه الجبهة. وهذا ما علينا كيساريين ان نسعى لفهمه؛ ما هي اسباب اقامة وفشل هذه التجارب؟
بهذه العجالة اريد التطرق بالاساس للبنى التنظيمية والفكرية التي كانت سبب اقامة وفشل تجارب الوحدة اليسارية. فتقاطع العديد من احزاب اليسار في بناهم الفكرية ولو اسمياً كان احد اهم دوافع الوحدة، وتخوف بعض الاحزاب من الاندثار بسبب ضعف بناها التنظيمية وقلة انصارها يشكل دافع ثاني نحو الوحدة وان كان الدافع الثالث لا يقل اهمية وهو مرتبط بقناعات بعض الاحزاب اليسارية بعدم قدرة اليسار على تبوء مكانته الطبيعية في الطليعة الا اذا اتحدت قواه وكان له حزب واحد. من المؤكد ان هناك العديد من الاسباب الخاصة لهذا الحزب او ذاك لكن ما ذكرته هو ما قد يهمنا هنا.
اما لماذا فشلت تجارب الوحدة ولماذا قد لا يكتب لها النجاح فيمكن القول ان ضعف البنى التنظيمية والفكرية لأحزاب اليسار يشكل اهم عامل من عوامل فشل تحالفات اليسار، حيث ان اختلاف بنى الاحزاب المتحالفة وتفاوت رؤيتها التنظيمية والفكرية شكل عامل حاسم في عدم اتفاقها على نهج موحد وبالتالي افشل الاتجاه نحو الوحدة.
لم يستطع اليسار عموماً انتاج كادر مفكر قادر على انتاج فكري نظري وان نجح إلى حد كبير في انتاج كادر نضالي كفاحي لكن هذا الكادر لم يكن متمسكاً بالهوية الفكرية الايديولوجية للحزب الماركسي وبالتالي فقد استمر بممارسة دوره الكفاحي في تنظيمات غير يسارية وبأسواء الحالات امتنع عن ممارسة أي شكل من اشكال النضال وفقد بوصلته خصوصاً بعد اهتزاز حزبه متأثراً بسقوط التجربة السوفيتية من الاشتراكية والاهم سقوط الحزب اليساري " العربي" متأثراً بالسقوط السوفيتي وبالتالي فقدان العضو الحزبي ثقته بحزبه وايديولجيته.
تفاوت فهم الاحزاب اليسارية لمقولات الحزب اللينيني وقيمه الضابطة للحياة الحزبية مثل المركزية لديمقراطية والتراتبية وخضوع الاقلية لرأي الأغلبية حيث سمح هذا التفاوت بنمو طحالب الانتهازية اليسارية بداخل بنية الحزب ليكون حصان طروادة. فالحزب قلعة لا تقتحم الا من الداخل حسب الادبيات اللينينية. وهذا ما اثبتته التجارب حيث ان اعنف الهجمات التي تعرض لها الحزب الماركسي عموماً من قبل القوى الخارجية لم تنجح في القضاء عليه بينما نجحت الطحالب الانتهازية بشلّه واضعافه.
احد اسباب فشل تجارب الوحدة هو اقامة التحالفات بكل ثمن بمعنى ان الباحثين عن تشكيل جبهة يسارية موحدة كانوا مستعدين لتقديم تنازلات من اجل ضمان قيام هذه الوحدة. ورغم ان هذا ظاهرياً توجه ثوري الا انه فعلياً توجه استسلامي. فالحزب الثوري عليه ان لا يتنازل عن المبادىء تحت أي مسمى فكما قال ماركس المبادىء النظرية خط احمر لا يمكن اللتفاوض عليه. لا يمكن ان يقبل اليسار الثوري الوحدة بكل ثمن.
هل تشكيل جبهة يسارية ثورية امكانية واقعية؟ بالتأكيد هي ليست امكانية فحسب بل هو ضرورة. لكن على اساس بناء تنظيمي وايديولوجي ثوري يتبنى النظرية العلمية ويسعى لبناء كادر شيوعي صلب نظرياً ونضالياً ويمارس دوره الطليعي في الصراع الطبقي والتحرري والاجتماعي حسب الساحة التي يعمل بها. سيكون على اليساريين الجذريين اختيار نهج الوحدة الثورية لا للحفاظ على النوع فقط بل من اجل ممارسة دورهم الطبيعي – الضروري – في قيادة الجماهير نحو التحرر والاشتراكية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هزيمة ساحقة للاسلاميين بتونس
جيلالي الجزائري ( 2012 / 3 / 16 - 22:09 )
فازت القوى اليسارية والعلمانية على الاسلاميين في انتخابات المجالس التعليمية واتحاد الطلبة بالجامعات التونسية وبفارق كبير بالاصوات واليكم الرابط
http://www.middle-east-online.com/?id=127609

اخر الافلام

.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال


.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل




.. موجة سخرية واسعة من عرض حوثي للطلاب المتظاهرين في أميركا وأو


.. فرنسا: تزايد أعداد الطلاب المتظاهرين المؤيدين للقضية الفلسطي




.. ا?ستاذ بجامعة سان فرانسيسكو: معظم المتظاهرين في الجامعات الا