الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة من شهيد

وديع العبيدي

2012 / 3 / 16
الادب والفن


وطنٌ ميتٌ

أمةٌ

مات في نسغها الماء

ولم يدفنوها

الحوازير أفرغت من حشاها

وانتهينا

بدون خيول

ودون سحاب

تبول على هامنا

مزنة الرمل كل النهار

فلا نجد شجرة

نتقيها..

يا ربنا البعل

لماذا خلقت في الدنيا بعوضاً

يعذبنا بأيام الشتاء

نغطي عنه أرجلنا اتقاء

فيقرصهن من تحت الغطاء

ولو أن البعوض غدوا رفاقاً

لنا في النازلات من السماء

لكان الله أنصف عابديه

وكنا والخليقةَ في سواء

يعاتبنا المعري أن ليلى

بجسر الكرخ غازلها كسائي

فلا نعمت ولا نعمى أبوها

ولا نعم الخليفة والروائي

إذا ما الأجنبي يسوس فينا

وعبداللهنا.. كالببغاء

لو كان لي وطنان

يا شبل زين القوس

سلّم على القسطل

وقل له عدنا

لو كان لي وطنان

عدنا ولن نرحل

لو كان لي وطنان

عشت بواحدٍ

وتركت آخرَ في لظاك

يمرّغ..

لو كان لي قلبان

لو كان لي دخلان

لم أسمح لليلى بعبور الجسر

ولا الشرطيّ

يسرق طرف كحلتها

نجوم الظهر

أقرب

إليه من يدها

نجوم الظهر

ما أدراكها

والظهر

تلك

تزور قريتنا

فنعبدها من الخوف

تعلّمنا

كلاما ليس نهواه

نبدّل فيه

لكنتنا وسحنتنا

وليلى

تصبح واحدة أخرى

ببنطال من الجينز

وقرط فوق سرّتها

وتعلك

تعلك ليلى

التي في القلب

لا تعلك

أموت ولا أبوح

بعشقها لأحد

نجوم الظهر

نعرفها

شفناها وعفناها

ولا نخطئ فيها

ما أقمنا الدهر

لاحت

رؤوس الحراب

تلمع

بين الروابي

موطني..

موطني في الأناشيد

والقراءات

في الجرائد والإذاعات

يدوس عليه الغريب

ويحكمه السفهاء

فنبحث عنه

بأرض الخليقة

بهذي البلاد

وتلك البلاد

المضيّع ذهب

بسوق الذهب يلكاه

والمضيّع وطن

وين الوطن يلكاه

ولن تلقاه

إلا ميتاً

لا يستحق القبر

نجوم الظهر

أقرب لك

ولو كره الحواريون

في بغداد أو بيروت

أو غزة أو مصر

بلادي

مات فيها الزرع

مات الضرع

مات السبع

بلادي لغة أخرى

ومن في السرّ

يعشقها

نجوم السجن أقرب له

ولو

كره الحواريون..!

*

بلادي كلما أهواك يتبعني رجال الأمن من بيت إلى بيت ومن مقهى إلى مقهى ومن سجن إلى سجن ولا أنساك

.. بلادي حبّك جرعة هيرويين أو قنبلة ذرية ممنوعة في العالم العربي..

دلّيني على دربٍ أخونك فيه أخدعك ولا يوجعني قلبي.. تعبت من خيال الشعر.. تعالي إليّ امرأة أضاجعها وتحضنني بليل القصف أو حلوى أذوب بريح نكهتها..

أو طفلاً ألاعبه وأفرح عندما يكبر يا وطني قصائد حّبنا العذري ما عادت تلائم وكسة الأيام فانتظريني انتظريني عند الفجر عند الجسر..

لماذا كل من يهواك تلدغه أفاعي جنة مقطوعة الأنفاس..

تلدغه وتنفيه بلا أهل ولا مأوى..

ومن يجني عليك يصير سلطاناً تمدّين الفراش له..

بلادي ليس يجدي الصمت..

لماذا كلما أهواك تنمو شوكة في القلب.. لا تدعيني أكرهك فحبّك قاصم للظهر.. لماذا كلما أهواك يتبعني رجال الأمن والفاشست..

لست منافقاً أو خائناً أو تاجراً للنفط.. لست سوى نبيّ كافر بالقحط..

بلادي كلّما إشتقت أدخلك يحاصرني البويهيّون في المشرق والرومان في المغرب.. تنسدّ البلاد عليّ ويأتي الأجنبي يفوت وسط تحيّة الحراس..

أعود أراك في التلفاز والصحف المسائية..

أسمع ما يعلّقه الأجانب حول عانتك الكثيثة والحواريون في المصلى يبيعون التمائم.. يرتزقون بالدين وسحت الكادحين..

قلبي حزين..

نفسي عليك حزينة..

وجهي غبار مدائن شتى وطعنات السنين..

أيام عمري كلّها ضاعت على الأعتاب ما زلت أحبّك غير أني ناقم من كيد من أهواه..

من خذلان نجماتي ومن عمر بلا معنى بسفر العالمين..

لو كنت مجنوناً لعانقت السعادة في خدود الورد وابتسمت لي الدنيا وما فكّرت في ما كان أو سوف يكون..

لو كنت شرطياً حقيراً أو غبياً أغرز في جسد المسكين سكيني بلا وخز الضمير..

لو كنت سمساراً يبيع ويشتري ويبدّل الجلباب بين الصبح والعصر ويسهر في الفنادق والملاهي ثم يمضي في الصباح يصلي بين الناس والترباس والحراس دلّيني على درب أخونك فيه أو اخرجي من بالي ومن عقلي ومن قلبي وخلّيني أموت..

أو أرى غيرك يعطيني الذي لا تمنحين..

قيس الملوّح مات مجنوناً ولم يترك سوى الأشعار..

لست ابن الملوّح لست مجنوناً ولا سمسار أموال اليتامى..



بلادي كيف أكرهها

..

أو كيف أقنعها بأني قطعة منها وأولى في جنائنها من الغازين!.

*

أموت من قلقي ومن حزني عليك يا موطني..

أموت من قلقي ويخلفني رماد سجائري قلقاً عليك..

يا موطني اني أضيع..

أضيع من خوفي عليك..

أضيع ولا تضلّ قصائدي ومشاعري عن نفسها..

اني أموت ويضحك السفهاء من بعدي !.

اني أدقّ على الربابة حسرتي..

جوعي وأيامي الشقيّة في درابين الخليقة دونما خلّ ولا وطن ولا أمل يضيء جوانحي.. تبّاً لها تبّاً لها يا موطني إحبولة الدنيا السخيفة والشعارات التي لا أرض تحملها سوى السرطان والجربان فيها نخبة في المال والسلطان والباقون عبران وعربان وسحلان..

إلهي، هل خلقت الخلق هذه أم أنهم من كوكب أو عالم أو لعبة اللابور دجّنها مريض ناقص ممسوس أراد ينتقم من الله فنافسه بهذي السحليات الزاحفات على البطون والغرب يركبها ويشوي فوقها أمجاده الدموية السفلى..

أدور على بلاد الله أسأل أهلها من أية سحليّة ولدوا ولا أجد بشراً كما تحكي الأساطير القديمة والمثاليات..

يا أحمد أنت كشفت غطاءها ورياءها لكنها للآن مثل المسّ تندلق وتندلق فلا الأمراض والنكبات والطوفان والقصف الجنوني يحقق ما حكى مالثوس هذا الأعور السحليّ في زمن بلا ميثاق !.

*

أمرّ على بلدة كلها شهداء..

أمرّ على بلد كله مجرمون..

أمر على عالم موغل في الرياء..

هنيئاً لكم يا شيوخ الطوائف يا بيوتات دك النجف..

دولة يفقسها الأجنبي ويفسي بها الجرباء..

دولة تشيخون بالطول والعرض فيها وحصتكم منها حساء..

هنيئاً لكم ما كسبتم من البنتغون ومن صيرفة العملاء..

هنيئاً لأجدادكم أيّ عار أردتم بهم كي تلمعوا في الجريدة والتلفزيون وأنتم من الخوف في خرقة كالخراء..

هنيئاً لكم ما اجتمعتم بساسة من ذبحوا شعبكم واستحلّوا المصيبة في أهلكم..

معذرة..

أنتم من الكل والكل منكم براء..

شعب نهرين لا يعرف السفهاء..

ولا يعرف الجبناء..

ولا يعرف ساسة رجالاتهم كالنساء.. موتوا من الغيظ أنتم ومن خلفكم واخطبوا ما وسعتم من الودّ لكن بعيداً عن اهل العراق..

أهل أوروك آشور بابل أهل الرسالات والأنبياء..

هنا كل نقطة رمل تفور من الغيظ..

كل قطرة دم تفور وتضرب باب السماء..

فهل يدخل الأجربون بلاداً عصت على كل من سبقوهم ومات بها اسكندر بعد أن ساد في الأرض..

هذي أمانيّكم بئس ما تحلمون وسحقاً لما تدّعون.

*

محرم العربي -2003










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - قبل دقيقتين قرأت نص وديع العبيدي
أسعد البصري ( 2012 / 3 / 16 - 08:20 )
حلمتُ تواً بأنني ابتلعتُ شَعراً حتى أخرجتُ ضفيرة من بين أسناني ، في نفس الحلم جاءني أبي الميّت وقال هذا الرجل عنده رسالة ، كنا في حقلٍ مفتوح فقال لي : مازن الفلاني يسلم عليك و يقول إنه استشهد في حمص ، كان الشاب الرسول يجر كبشاً من قرنيه و يلحق بوالدي لذبحه قرباناً ، كان هناك تسجيل فيديو للشهيد أعرفه تماماً لكنني لا أتذكر في أية مدينة التقيته وخشيت أن أسأل ، فمي يابس تماماً أفقت قبل نصف ساعة ربما يابسٌ من أكل الشعر . عندي كتاب أحلام إنكليزي يقول أكل الشَّعَر يعني رسالة تطلب منك أن تهتم بعلاقاتك وتكف عن التدخل بعلاقات غيرك . لكن لماذا شهيد اسمه مازن يبعث لي برسالة ، لا أتذكره . فرحت لأني قبل دقيقتين قرأت نص وديع العبيدي رسالة من شهيد . الشهداء صاروا يراسلون الشعراء ، أي أن هذا لا يحدث لي وحدي .


2 - سلمت الايادي والفكر استاذي الفاضل
رويدة سالم ( 2012 / 3 / 16 - 11:38 )

عندما يشتد وجع حب الوطن ويعتل الجسد لا يبقى من امل سوى الصراخ بوجه قتلة البشر باسم المقدس والمصالح والانانية أن الاوطان لا تموت وان كل من لونوا ترابه بالدم البريئ سيظلون خالدين لأنهم من يصنعون المستقبل ويمنحون التطور مساره الطبيعي للارتقاء بالانسان

مع خالص احترامي استاذي

اخر الافلام

.. فيلم الممر مميز ليه وعمل طفرة في صناعة السينما؟.. المؤرخ ال


.. بكاء الشاعر جمال بخيت وهو يروي حكاية ملهمة تجمع بين العسكرية




.. شوف الناقدة الفنية ماجدة موريس قالت إيه عن فيلم حكايات الغري


.. الشاعر محمد العسيري: -عدى النهار- كانت أكتر أغنية منتشرة بعد




.. تفاصيل هتعرفها لأول مرة عن أغنية -أنا على الربابة بغني- مع ا