الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حقولُ العوسَج

ابراهيم البهرزي

2012 / 3 / 16
الادب والفن


حقولُ العوسج.



1-

هُنا زَرعْنا القطنَ فَأ نْبتَ العوسج َ
وكنا اردنا ان نغني مع الندّافينَ , ونفرشَ الليالي اللدنة َلاعراس غُرٍّ
غيرَ انَّ الطبيعة َ لا تسقط ُ في أًشراكِ النوايا
ايها الفلاحُ الارعنُ
وكان ينبغي ان تشم َّ الماءَ , طالما أعْمتكَ مواسمُ النارِ والمهرجانات
لا باس َان تتوضَّا َ بالاسَن ِ , وهذا دَيدن ُ تقواكَ
غيرَ ان َّ للحقول ِ صَلواتها الخضراءَ
ولا اجتهادَ لها في الوضوء ِ


2-


تبَوَّلوا في النهرِ الكبيرِ تباعا ً
كانوا يرقصون َعلى الضفاف ِ ويتبولونَ , صُناع ُاحلامنا القديمة
ولم يكنْ للنهر ِغيرَ ضفة ً واحدة ً في مخائلهم
فلم يفكروا بمركبٍ ابدا ً
ظلت ْ شواطئهُم أَبديّتهم الرهينةَ
والى اينَ تمضي الانهارُ ؟
لم تكنْ فكرةً شريفة ًان يفكروا بالسؤال ِ
كل ُّحاضرةٍ على الشاطيء ِالاعورِ للنهر ِ
كانت تصلي لسماءٍ عوراء َ
بُكرة ً واصيلا..
والذنائبُ تحتسي يوريا الصُدور
وكل ُّعالٍ يرمي نفايته ُ اسفلا ً
وكلُّ ماضٍ كذلك ...


3-


انهارُ الماضي مثلَ حقولِ الماضي
مثلَ الماضي نفسَه ُ,
تكتبُ كما تقرا ُ دونما بلاغة ٍ مراوغة ٍ
يرسم ُالماء ُ الرقراقُ صورة َالبرعمِ الغضِّ بكل ِّ تفاصيلِ بَذرته ِ
كانت الاشياءُ , كل َّالاشياء ِ, امينة ًعلى عفاف ِ السيرة ِ
وحينَ ترمي حُبيبات َ القطن ِ الجافةِ , وانْ كنت َ فلاحا ً ارعنا ً
وانْ كنتَ صغيرَ العينين ِ والاحلام َ
فانَّ اغنياتَ الندّافين َ وغَنج َ العرائسِ على أَفرشةِ القطن ِوتحتَ أَلْحفَتها
تُسمَع ُ بصوت ٍ شديدَ الصَفاء ِ
القطا أَوّلُ الشمسِ وهو يدبُّ بحذرٍ ,
القطا وهو يقلبُ بويضاتَ الندى الصغيرةَ في اعشاشِ العشب ِ
يُسْمعُ كلَّ تَأَوّهِ لذة ٍ او غصّة ِ حُلم ٍ
يُسْمعُ وان كان َ الفلاح ُ ارعنا ً اهدلَ الاذنين ِ
فأنهارُ الماضي مثلَ حقولِ الماضي مثلَ قابيلَ الماضي
ذلك الصَيّتُ القلبِ ...


4-

صفيرُ الناي في الحقلِ
لم يكنْ اكثرَ من اعلانٍ عن الاصلاحِ الزراعي ِّ
صورة َ الراعي على صفيحةِ السمنِ النباتيِّ القديمة ِ
بصحبةِ خروفٍ مترف َ الصوف ِ
تَصدأُ
وتتحللُ في الساقية ِ
حشراً مع َ ماءِ البولِ المتوشلِ من صدورِ الانهارِ العظمى ....
لمن ْيعزف ُالرعاة ُ؟
ما علفُ الخرفان ِ؟
صُورُ الاعلاناتِ القديمةِ تهج ُّمع َطائراتِ الورقِ
صوبَ ماءِ الغيم ِالهاربِ لحقولٍ اخرى
ربّما في ديارٍ اقصى مما نتذكر ُ
تلك َ المياه الصرفةُ انقرضت ْ
نسيَ (ابسو ) انشودتهُ فنسيناه ُ
سُفهاؤنا المقتعدينَ شاطيءَ النهر ِالاعورِ لاجلِ المتعة ِوالتغوّط ِ
لايعرفون َ الى اينَ تمضي الانهارُ

ومن اين َ تاتي كذلكَ ..


5-

فلاحو الغنائم ِ العَجلى
نسوا ايضا ً من اينَ تاتي الانهار ُ
صاروا يسرحونَ بنسوتهم
جامعاتَ الملح ِ مُشرّجات َ الاقدام ِ
يسرحونَ بهنَّ في حقول ِالملح ِ
وسواقي الملح ِ
وشاطيء الملحِ الاعور
من يُذكرَهمُ بحقولِ القطن ِالمفضّضة ِ؟
من يُدلهُم ْ لاعالي الانهارِ
حيث ُ السفهاء ُ يغرقونَ الانهارَ بيوريا الكسلِ ؟
من يذكرُ الندافينَ العاطلينَ ؟
منْ يذكرُ العرائسَ المنكوحاتَ في حقول ِالعوسج ِ؟


الذاكرةُ نبيٌّ مطرود ٌ
يبحث ُ في حقولِ القطنِ البائدة ِعن ضمادٍ
لجراحِ الذاكرة ِ...

15-3-2012



(ابسو ): هو اله المياه في سومر القديمة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اين تمضي الانهار
عبله عبد الرحمن ( 2012 / 3 / 16 - 19:52 )
الاستاذ المحترم ابراهيم البهرزي
في شعرك عرفنا الى اين نمضي وكم من الاستحسان نقف عنده
امام انهار ضفافها اصبحت متعددة ولا وجهة لها ولا ندري الى اين نمضي


2 - شكراًًً لتذكيرنا يا شاعر البرتقال والبساتين
الحكيم البابلي ( 2012 / 3 / 16 - 21:24 )
وحينَ ترمي حُبيباتَ القطنِ الجافةِ
وإن كنتَ فلاحاً أرعناً
وإن كنتَ صغير العينينِ والأحلام
فإن أغنياتَ الندافينَ
وغَنجَ العرائسِ على أفرشةِ القطنِ وتحت الحفتها
تُسمَعُ بصوتٍ شديدَ الصفاءِ

ذكرتني هذه السطور الحزينة بيوم من الماضي ، حيث إحتل الندافون سطح البيت ، يندفون قطن فراش نبيل وحبيبته الشابة العروس
كانت أم نبيل تُهلهل فوق السطح مع بضعة نسوة طيبات من جيران الحي ، وهم يطشون الملبس والدراهم الجديدة اللماعة على رؤوس الندافين
لا أعرف ماذا حدث بعد تلك السنين ، فقط أعرف أن رسام الصورة سكر وتعتع في سكرهِ !!، وبفرشاته التي رسمت للكل قوس قزح ، راح يُلطخ كل الصور باللون الأحمر

هل لا زالت مهنة الندافة مستمرة في بغداد !!؟
شكراً لشاعر البرتقال والبساتين ، لن ننسى سيدي العزيز


3 - العزيزة عبلة عبد الرحمن
ابراهيم البهرزي ( 2012 / 3 / 17 - 17:09 )
ولكن سنمضي
سنمضي سنمضي الى مانريد ...
الم تسمعي تلك الاغنية القديمة ؟
اتمنى لك مسار الانهار الجريئة الماضية قدما
ودمت لي


4 - العزيز الحكيم
ابراهيم البهرزي ( 2012 / 3 / 17 - 17:15 )
تحية محبة
مات الندافون
ومات زراع القطن
وصانع الحلوى
والعروس
والعريس
والسطح
والدرهم القديم
وماتت ام نبيل
بل مات كل نبيل
وظلت على سطوح المنازل ببغداد
بقايا خراطيش الطلقات التائهه
من شذاذ الافاق التائهين
وعليك السلام
وعلى ارضنا الرحمة
ودمت لي ..

اخر الافلام

.. مهرجان كان السينمائي: -أكفان كروننبرغ- على البساط الأحمر


.. فنان أمريكي يُصدر أغنية بصوته من جديد بعد أن فقد صوته بسبب س




.. -الكل يحب تودا- فيلم لنبيل عيوش يعالج معاناة الشيخات في المغ


.. حصريا.. مراسل #صباح_العربية مع السعفة الذهبية قبل أن تقدم لل




.. الممثل والمخرج الأمريكي كيفن كوستنر يعرض فيلمه -الأفق: ملحمة