الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في ذكرى الفاجعة, المطالب النرجسية في حضرة ضيوف حلبجة

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 3 / 16
حقوق الانسان


ذكرت امهات الكتب التاريخية العربية وادبيات الرحالة المستشرقين, عذابات الكرد على مر الازمان. لقد عدت الجبال ماوى لهم يرتحلون بين ثناياها قاصدين العشب والماء لدوابهم والرزق لانفسهم وما كان لهم بد من اللجوء الى القوة لدرء من اغار على مراتعهم او حتى امتهانهم للقتال سبيلا في قيض لاتكون الطبيعة فيه سندا. وقد كان ذلك سببا في بقاء الكرد امة يساومها الاعداء في حكم نفسها وفي استمالتها الى استعداء الآخرين حفاظا لهم ولها. هكذا دامت امة الكرد باستقلاليتها في ترحالها وتسخير سلاحها دفاعا عنها و عن المهيمنين عليها, ولكنها لم تنل مأربها في كيان مستقل يبغي المدنية والعدالة والحرية ومشاركة الامم الاخرى في بناء الحضارة الانسانية بما تمتلكه من ثقافة حتمت وجودها وبقاءها. وبعد أن نبذ الكرد حياة الترحال وزاد عددهم وانفتحوا على الدنيا، ثاروا بكل ماأوتوا من قوة ورثوها عبر تأريخهم, لنيل مقصدهم, فتدرجوا في طلبه من حقوق ثقافية الى حكم ذاتي الى فيدرالية ومازالوا في منتصف الطريق. ولعل الحدثين المفصليين الرئيسيين في حياة كرد العراق هما انفاضة عام 1991 وسقوط نظام صدام حسين في عام 1993, اذ نعموا بسلام هادئ في ظل حكومة اقليمية أتاحت لهم البدء في بناء حياة مدنية مع استقلالية واضحة في التعليم وفي الثقافة شملت المناطق المنظوية في ظل الحكومة الاقليمية في أقل تقدير. ولان المسيرة في منتصف الطريق والتحول في كل شئ يعد فيها انتقاليا بين احساس الدرجة الثانية والاولى وبين الهيمنة الخارجية والاستقلالية الملحوظة, بين الكبت وبين الحرية، بين الانفال والاسلحة الكيمياوية وبين السلم وخضرة الارض, بين الدخان وبين نار نوروز المتوهجة، بدا فينا نحن الكرد من النرجسية مالم نراها في انفسنا في السابق. فلقد أثارت تحولاتنا فينا الى جعلنا ظمأى لكل ما فقدناه في الماضي فيما استمتع به الآخرين, نريد الوصول الى الغاية باسرع مايمكن! واذا كانت مطالبنا الحياتية والمعاشية في الماضي عند عدونا, ودفعنا مليون ضحية من اجلها, فاننا اليوم نحرج انفسنا وحكومتنا المحلية وضيوفنا بنرجسيتنا، وربما ضحينا بشئ من تراثنا وثقافتنا اللتان كانتا سندا لنا في بقاءنا, وتناسينا بعضا من خصالنا في كرمنا ووفائنا ونحن لم نكمل مسيرتنا بعد. ان الاحساس المتفاقم عندنا في وجوب تعويض مافاتنا يدفعنا اليوم الى الجحود على من نطالبه بالتعويض وموجهين كل السنتنا وعويلنا، بل وعنتريتنا اليه، الا وهي الحكومة الاقليمية, فنطالبها بتنفيذ كل شئ لنا كأفراد أو جماعات أو مناطق أو فئات, فالأعم منا يريدون معاشا من الحكومة سواء يعملون أو لايعملون, والأعم يريدون مشاريع والأعم يريدون أموال سواء كانت تعويضا لضرر في الماضي أو مبالغ تشجيعية أو هبات أو أي شئ نراه فيه لنا حق مادي, وعلى الحكومة أن تعطي وتبسط يدها، وبين طالب ومطلوب ينتعش الانتهازيون والسماسرة والحرامية, وبدأنا نفقد جزءا من رزانتنا وقوتنا التين اعطتانا شوكتنا و عنفواننا و شرعنتا حقوقنا وطموحاتنا. بدأنا نصارع الوقت في صراعنا لمصالحنا التي بانت في اشخاصنا ومدننا وفئاتنا والأنكى من كل ذلك في بعض من سياسيينا, وخصوصا من طرأ منهم في خضم صراعات السلم التي حتمتها المصالح، فباتت كردستان كما لبنان مسرحا لمراكز اقليمية ودولية، كل له مجموعة فيه حتى صار من العيب محاسبة من من ارتبط بأجنبي، لابل قد يُجل من ثبت عليه ذلك فيكون له من القدر والاحترام مالا يسع المواطن الاعتيادي. ولعل واحد من أهم مظاهر النرجسية التي بدينا عليها هي مااشاعه بعض من أبناء مدينة حلبجة في هذا اليوم 16 آذار والذي يصادف الذكرى الرابعة والعشرين لضربها بالاسلحة الكيمياوية من قبل حكومة صدام حسين, حين أثاروا فتنة معيبة في محاولتهم التأثير في الاحتفال التأبيني لذكرى الفاجعة والذي كان مقاما على قاعة النصب التذكاري للفاجعة في المدينة، واذا كنا نحن الكرد من يُعرف عنهم بحسن ضيافتهم وكرمهم وهو ما أورثهما ايانا تراثنا حين تبنينا حياة الترحال والتركيبة الاجتماعية المتماسكة بتأثير العشيرة والبناء العائلي الرصين, فقد خذل ذلك البعض ضيوفنا الذين جاءوا من كل حدب وصوب مناصرين لنا ومواسيننا مواجعنا, وقد كان من بينهم رؤساء بلديات لدول اوربية وسياسيون عراقيون ومن دول اقليمية، فيا للعار اذا لم يكن هذا البعض ليحترم اخوانه من الكرد الذين حضروا الاحتفال, سواء أكانوا رؤساء أو مرؤوسين, فقد كان عليهم ان يحترموا الأغراب وهم قد جاءوا لمواساتهم. ولو عدنا الى حادثة حرق النصب التذكاري لفاجعة حلبجة في ذكرها مرورها في عام 2006 من قبل نفس هذا البعض, واذا ما تحاشينا وجود نفوذ اقليمي، وايراني بالذات، في مدينة حلبجة, واذا ما تفادينا النزعة الانتهازية في التحريض ضد الحكومة الاقليمية من بعض من حُسبوا على المعارضة في يوم كهذا, فان النرجسية مرة أخرى هي العامل الاكثر حسما في نشوء ظواهر كهذه. فمدينة حلبجة بعد ضربها بالسلاح الكيمياوي في عام 1988 جرى تدميرها عن بكرة أبيها من قبل الحكومة العراقية آنذاك، حالها كحال كل المدن والقصبات الكردستانية المحاذية للحدود الايرانية واصبحت المدينة على اثرها أثر بعد عين الى بدأت الحكومة الاقليمية بأعادة بناءها مرة أخرى بعد عام 1992 فدبت الحياة فيها مرة أخرى واصبحت مدينة عامرة, فيها من متطلبات المدنية الكثير على الرغم من ان ماتحتاجه مدينة مرت بتلك الظروف القاسية هو أكثر بكثير, ولكن الوقت كفيل بتدارك احتاياجاتها اذا ما اخذنا بنظر الاعتبار حجم البناء الهائل فيها في السنين القليلة الماضية, أي في الفترة التي تلت سقوط نظام صدام حسين, وتوفر الميزانية المناسبة لاعادة الاعمار, وبالتالي القياس على ذلك في التنبؤ بما ستنجزه الحكومة في السنين المقبلة. لقد طالب بعض من ابناء حلبجة, كتمييز لها أو كنوع من التعويض عما تعرضوا له في الماضي, الى جعل حلبجة عاصمة لوحدة ادارية مستقلة ضمن منطقة شهرزور اسوة بمنطقة كرميان الى الجنوب الغربي منها, وادارة كرميان كانت أمرا واقعا حصل حينما استحدثت الحكومة الاقليمية في المرحلة السابقة لسقوط صدام حسين ادارة مستقلة بأسم (محافظة كركوك) لتدير المناطق المحررة من محافظة كركوك والتي كانت تدار من قبل الحكومة الاقليمية, وهي منطقة كرميان بالذات, وقد سميت الادارة ب (ادارة كرميان) بعد تحرير مدينة كركوك وبذلك استنفذت الحاجة لوجود ادراتين بنفس الاسم, وعليه فقد بقيت ادارة كرميان لكي تدير تلك المناطق لحين الوصول الى حل نهائي لمصير محافظة كركوك بموجب المادة 140 من الدستور العراقي. ولكن المطالبة ب (ادارة حلبجة) كانت مطلبا نرجسيا طال في عدواه منطقة بتوين (مركزها مدينة رانية) ومنطقة سوران (مركزها مدينة راوندوز أو ديانا) للمطالبة كذلك بادرتين مستقلتين فيهما, ونظرا للواقع الذي تعيشه الحكومة الاقليمية بكونها الجهة الوحيدة, بحدود امكانياتها, التي يجري مطالبتها بتحقيق كل ما تبتغيه نرجسيتنا, فقد وافقت على استحداث تلك الادارات, وهي في واقع الحال غير دستورية بل تمليها الحاجة الآنية, واصدرت قراراتها بهذا الشأن, ولكن البعض ممن أرادوا ازعاج الحكومة أكثر وأخجلونا أمام ضيوفنا, عاد مرة أخرى وطالب بأكثر من ذلك, لقد طالبوا بهتافاتهم جعل حلبجة محافظة كباقي محافظات الاقليم الثلاثة, وهو مطلب ليس فيه من الموضوعية من شئ بحيث جرى الهتاف به بشكل مخجل في حضرة ضيوف حلبجة من مناصريها ومواسيها. و في تحملها عبئ المفاوضات مع الحكومة الاتحادية حول عدد من القضايا ليس أقلها تنفيذ المادة 140 من الدستور وفي توفير الحياة المدنية اللائقة وفي محاربة الفساد في ادرات الاقليم والذي قال فيه رئيس الحكومة المكلف (نيجيرفان البارزاني) قبل أيام انه من وليد ثقافتنا ويحتاج وقتا أطول لانهائه, نرى ان الحكومة الاقليمية تحاول محرجة أرضاء النرجسية الطافحة بقرارات ولو شم منها عدم شرعيتها, ولكن الأغرب من كل ذلك هو مايُخشى من أن يؤول اليه أرضاء الحكومة للنرجسيات الى المطالبة بانفصال حلبجة باقليم مستقل, بعد أن تكون محافظة, فيقال أن لها لهجة محلية تميزها عن محافظات كردستان الأخرى!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م


.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف




.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال


.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي




.. المئات يتظاهرون في إسرائيل للمطالبة بإقالة نتنياهو ويؤكدون: