الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الد معــــــــــة السخيّـــــــة))

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 1 / 16
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


حزب العمال الثوري العربي
رحلة قاربت الثلاثين عاما بدأت يوم كان الجسد قويا والعقل راجحا ،وانتهت حين أصبح الجسد ضعيفا والعقل(؟)
في مقابلة على صفحات مجلة أبيض وأسود التي تصدر في دمشق ،وتحت عنوان ((جسد صغير وعقل كبير))كانت مع السيد عبد الحفيظ الحافظ ،الذي قصد من العبارة هذه أن يُعطي لحزب العمال الثوري العربي الذي أسسه المفكر السوري الكبير ياسين الحافظ صفة العبقري ثقافيا والضعيف تنظيميا ،ولو حلّلنا هذه العبارة لاستنتجنا أن هذا الحزب لشدة بلاغته الثقافية تغرب عن الواقع ولم يعد هناك أحد يفهم عليه ،وبالتالي لم يستطيع استقطاب أحداً فأفلس تنظيميا وخرج من الفعل السياسي ،وأنا كعضو أمضى أكثر من عقدين من الزمن معه ،أرُدُّ التغرب والإفلاس إلى أسبابه الأساسية التي أوصلته إلى حالته البائسة هذه.
بمقارنة نقدية للحزب بين مراحل التأسيس الأولى ككتلة(الفكر+حملة الفكر)،وبين ما هو عليه اليوم، نجد أن مؤسسه كان ملتقطا للّحظات السياسية التي تعبرُ أمامه ،محلّلا إياها علميا ،لأنها تُمثِّلُ إحدى إفرازات الواقع ،وهو الذي كان يقول:((علينا أن نُخرِجَ رؤوسنا من الواقع ،لاأن نخرج الواقع من رؤوسنا))وهذا شكلٌ اعتُمد ليكون ناظما لنا في اندماجنا في الواقع الذي نتعلم منه ونضيف له مما تعلمناه من الكتب دون شروخ بيننا، لقد كانت مرحلة قيادة ياسين الحافظ للحزب بكلمة حق تُقال مرحلة الإبداع المعرفي والسياسي اللذان شكلا تنظيما متميزا ،وهذه الحال استمرت حتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي حين بدأ التراجع السياسي الذي وصل حد الإفلاس في العام 2000م ،وبدأ التراجع المعرفي حين لم يعد هناك نقد علمي مترافق مع المتغيرات في العالم والمنطقة ،وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية ،فأصبحت المعرفة التقليدية هي الأساس المُمِلِّ التي يعتمدها الحزب ،وهذا ماكان له منعكسه السلبي التنظيمي عليه.
فقد الحزب بريقه وألقه بعد عام 2000م رغم أنها فترة الحراك الحقيقي له ،ومقارنة بين أداءه في أوائل الثمانينات من القرن الماضي مع هذه الفترة ،نخرج بنتيجة مؤداها أنه كان يؤذن بتوقيت دقيق والآن يؤذن في غير أوقات الصلاة ،أي صار خارج السرب وأصبح يُخرج الواقع من رأسه بعد أن كان يُخرج رأسه من الواقع،هكذا رأيته خلال رحلة قاربت الثلاثين عاما ،وهكذا كانت المقارنة بين البداية والنهاية المحزنة لحزب أفنى مؤسسه نفسه في سبيل بنائه ليكون حزبا مساهما في نهضة الأمة،لكنّ الانغلاق ونزعة المثقف النوعي كانا من بين الأسباب التي أدّت إلى غربة الحزب عن الواقع واضمحلاله وتلاشيه في أوساط الناس،يُضاف إلى ذلك أسبابا أخرى ساهمت في هذا الانغلاق والغربة عن الواقع ،وتلك أسباب خاصة يمكن طرحها مع المعنيين بها.
العلاقة الجدلية بين العقل والواقع إحدى المرتكزات الأساسية التي اعتمدها المؤسس لمواكبة المتغيرات فكريا وسياسيا وتنظيميا ،لكن التقليد ألغى الجدل فحول الحزب إلى حالة كلاسيكية لاتستطيع الاندماج بواقع متغير متوهمة أنها مندمجة ،ما أفرز روح وعقلية المؤامرة لدى البعض وخاصة في المسألة التنظيمية التي صارت تصيّدا ودخولاً في دوّامة اللاجدوى ،وهذا الأداء أوصل العديد من أعضائه إلى اليأس والخروج دون النيّة بالعودة إليه ،لأنّه لم يعد يمثل المشروع الذي قام على أساسه ،وهذا عائدٌ لحَمَلَة لوائه من المؤمنين به،للمسارعة في ترميمه مما أصابه من رضوض وتشوُّهات ،علّ هذا الترميم يعيده لما كان عليه من قوة بكل معانيها،لكن الترميم هذا مشروط بتحقيق ثلاثة مسائل أساسية هي:1- تجديد آلية التفكير والتحرر من عقدة المثقف النوعي 2- الإنغراز في الواقع ميدانيا وليس تنظيرياً 3-عنصر الربط المتميز المتحرر من التكسُّب.
إذ من غير المعقول لحزب ثوري بعد أربعين عاما أن يكون كبير العقل نحيل الجسم ،فهذا مؤشر شيخوخة له وهو شاب،ما يستدعي المراجعة النقدية التي توضح الأسباب التي أوصلته إلى هذه الحالة البائسة بعد أن كان ((غيفارا))الوطن بثورته فكريا وسياسيا وتنظيميا،وعلى السيد عبد الحفيظ أن يسأل نفسه عن الأسباب الرئيسية والثانوية التي كانت وراء التراجع هذا ،وعن دوره هو بذلك ،ودور الرفاق الآخرين في القيادة المركزية أيضا ،لأنه الحزب الوحيد الباقي على هذا الوضع فهو يعاني من تخلف في بنيته وأداءه وهو ماحذر منه مؤسسه الذي اعتبره مع غيره يشكل رافعة لنهضة الأمة حين يكون حزبا حديثا متجددا بكل مقومات وجوده ،وتطور الحزب أيا كان مرتبط بفكره النقدي المتجدد وبأشخاصه وحملة لوائه وطبيعة مشروع التطوير الذي يقدمونه كحلٍّ لأزمته الحالية التي صنعتها عقلية غير ديمقراطية واحتكارية بوقت واحد ،فصارت تتعامل معه كجزء خاص بها أو من أملاكها ،إذ تقيم الحد وتلغيه على أسس غير معقوله وأمور أخرى يمكن تناولها مع المعنيين كما قلت في سياق الموضوع. ختاما….لعبد الحفيظ ورفاقه تحية تكتنفها دعوة لقول الحقيقة عبر الشفافية بما يتعلق بحزب أصبح ككتلة(الفكر+حملة الفكر)من الماضي وهم في الحاضر ،أي أصبحت الكتلة غريبة في حاضر متفاعل نشط ،والوطن أشد حاجة وإلحاحا في وقتنا الحاضر لأحزاب تقرأ ماتراه وليس عن ظهر قلب.
بكل الحب والاحترام








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معركة ساخنة بين بايدن وترامب؟ | المسائية


.. الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ جليلي يتأهلان للدور الثاني من الا




.. ميقاتي: لبنان سيتجاوز هذه المرحلة والتهديدات التي نتعرض لها


.. حماس تدعو الأردن للتحرك من أجل مواجهة مشروع ضمّ الضفة الغربي




.. أبرز التحديات التي تواجه الديمقراطيين في حال أرادوا استبدال