الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طفلة ثمّ مغتَصَبة ، زوجة فجثّة

عمار مها حسامو

2012 / 3 / 16
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


عادت من مدرستها فرحة وهي تعاود استذكار اللحظات الجميلة التي أقضتها اليوم مع أصدقائها في المدرسة ، تفكر بما ستقوم به في منزلها بعد إتمام الواجب الصّفي ، تُخطط مشروعها اليومي من تلفاز وإنترنيت و جلسات عائلية .. و في الزُقاق المؤدي إلى منزل العائلة تصرخ ، تستنجد وتبكي .. لم تتعثر بشيء و سقطت أرضاً و لم يظهر لها حيوان مخيف ، لم يتوهم لها شبح .. أنها اُغتُصِبت ... ثم انتحرت .
ليست قصة من نسج الخيال نُجسدها بدراما تلفزيونية و ليست إشاعة لنسيء لشباب الحي و فحولها إنها قصة كقصة الطفلة أمينة الفيلالي ، طفلة مغربية في الخامسة عشر من عمرها اغتُصِبت من قبل الشاب مصطفى الفلاق ست وعشرين عاماً ، خافت من أهلها ، من العار وغسله فلم تُخبر والدتها إلا بعد تمام الشهرين من حادثة الاغتصاب .
كان على الوالدة أن تكلمت مع الشرطة التي وجهتها إلى وكيل الملك في طنجة ، فنصحها الأخير بتزويج الطفلة حفاظاً على السمعة ولردع الفضيحة .
لم يكن المجرم وعائلته راضين بالزواج إلى أن تم إجبارهم تحت ضغط القاضي فعُقد الزواج وبمهرٍ قدره خمسة آلاف درهم لكنها لم تنل أي شيء منه .
فما نالته من زوجها هو الضرب و العنف في منزلها الزوجي ، فرأت أمها ملاذً تشكو إليها ما تتعرض له في منزلها ، أخذت الأم تطلب منها الصبر والجلد علّ الزوج يُغير من طريقة معاملته لها .
استمر العنف فطرقت باب الشرطة ، لا جواب هناك ، فهم صمٌ بكمٌ عميٌ فهم لا يفقهون .
بعد ستة أشهر من الزواج أصبحت أمينة الآن في السادسة عشر من عمرها ، ذهبت السوق وابتاعت قرص مُسمِّم " عبارة عن أقراص تُميت الفئران " ، لم تكن ترغب الإنتحار لكنها أرادت أن تُثير اهتمام من حولها من الشرطة والأهل والمجتمع لما تتعرض له .
عادت المنزل ، سقطت أرضاً على أثر الدواء ، لم يُنجدها زوجها فأنجدها أحد أفراد عائلته ، وصلت سيارة الإسعاف متأخرة وكذلك أيضاً وصلت الشرطة متأخرة التي استجوبتها وهي على فراش الموت فأخبرتهم عمّا تعرضت له .
شُرِّحت الجثة و تم الدفن ، استمعت الشرطة لإفادة الزوج وبقي الزوج حُراُ طليقاً .
قصة أمينة بدأت باغتصاب ، اغتصاب طفلة ، تزويج صغيرة ، عنف أسري ، فالإنتحار وإفلات المجرم ... طفولة أمينة اُغتُصِبت عدّة مرات .
قوانين الدولة وعوائد المجتمع قاصدة أم غير قاصدة تهاجم الضحية و تجرّمها و تبارك للمجرم جرمه ، فالدولة هي عاجزة عن إيجاد أي عقوبة للمغتصِب ، فهل رأت زواجه بصغيرة هي العقوبة ؟!!.
قانون الأحوال الشخصية الجديد في المغرب حاز تقدماً عن سابقه وعن قوانين الدول العربية الأخرى في تحديده سن زواج الفتاة بالثمانية عشر بدلاً عن الخامسة عشر و منح المرأة حقاً في طلب الطلاق ، وتعدد الزوجات أصبح أكثر تعقيداً ، و أقر بتجريم المغتصب بسجن يصل إلى العشرين عاماً إن كانت الضحية طفلة ، لكنه وفي المادة 475 أجاز بالزواج شرطاً يُسقِط عقوبة السجن عن المغتَصِب .
ألا وعجباً لمجتمعٍ يزوّج المغتَصِب المغتَصَبة درءاً للعار وحفاظاً على سمعة وشرف عائلة الفتاة و لردع العقوبة عن المجرم .
قضية أمينة الفلالي أثارت ضجيجاً في المجتمع المغربي فالآن تعبّر الحكومة المغربية عن رغبتها في إعادة النظر في المادة 475 التي تسمح بزواج المغتَصِب بالمغتَصَبة إن كانت الضحيّة طفلة ، و في البند الذي يُعطي للقضاة سلطة تقديريّة في السماح بزواج الصغيرات .
ليس من الجميل بل من الواجب أن تشعر الحكومة بالمشكلة وأن تسعى إلى حلها حلاً قانونياً ، لكن من المعيب جداً أن تبقى عوائلنا شريكة مع عوائد مجتمعاتنا في هدر إنسانية أفرادها تحت حجّة سمعة و شرف العائلة .
إننا بحاجة إلى قوة و إصرار كي نصيح بأعلى الصوت أنني اُغتُصِبت و أنني سأقاضي المُغتَصِب و لن أخجل من كلمة مُغتَصَبة فذاك مجرم وأنا ضحيّة و شرف العائلة في نيلها لحقوق أفرادها و صونها لإنسانيتهم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نداء جماهيري لكهربا و رضا سليم يمازح احد الاطفال بعد نهاية ا


.. هيئة الأمم المتحدة للمرأة: استمرار الحرب على غزة يعني مواصلة




.. LBCI News(04-05-2024)- شبكة اغتصاب الأطفال.. شبهات عدة وقضاء


.. حملة توعوية لمحاربة التحرش الجنسي في المغرب




.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام