الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


متاهات السياسة بين الاصلاح والتغيير

أحمد الشيخ أحمد ربيعة

2012 / 3 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


نحو المؤتمر التاسع للحزب الشيوعي العراقي.

متاهات السياسة بين الاصلاح والتغيير

خطى الحزب خطوة هامة إلى الأمام حين بادر الى نشر وثيقة ( الموضوعات السياسية) التي هي أساس تقريره السياسي المنوي تقديمه لمؤتمره التاسع. هذه هي المبادرة الاولى في تاريخ الحزب حسب علمي في هذا المجال. عمق الحزب هذه المبادرة بنشره ملخص النقاشات الداخلية وفتح ابواب جريدته للحوار حولها. بتقديري ان الموضوعات كما في التقارير المقدمة للمؤتمرات السابقة تستند اساسا على وجود فكرة اساسية او فكرتين تشكلان جوهر ومحتوى التقرير، بالتالي فهي بحاجة الى مناقشة عميقة. ما عدا ذلك فكله يتمحور حول هذا الفكرة ( الاساس) التي من خلالها يمكن صياغة الشعار الاساسي لنضال الحزب، الذي من الضروري ان يكون معللا عمليا وعلميا واقرب ما يكون الى الواقع. ان هذه الفكرة يمكن صياغتها بما يلي ( واقع وافاق تطور العملية السياسية في العراق، ومستلزمات تطوير دور وموقع الشيوعيين والقوى الديمقراطية والوطنية فيها).

1- يوماً بعد آخر غرقت العملية السياسية في مستنقع نظام المحاصصة وتخلت القوى المتنفذة عن جوهر هذه العملية بحيث لا يوجد مفهوم او تصور موحد لها،وتحولت عمليا الى مفهوم لسرقة الوطن واذلال الشعب. ان مصطلح العملية السياسية ( بداية فقرة 4 تصوغ تعريف له) والذي يتردد بمناسبة او بدون مناسبة، تحولاً في واقعه الى مفهوم فضفاض وهلامي لا يعكس ما اريد به بعد 2003. مصطلح انتهى مفهوم صلاحيته، خاصة بعد ان أفرغته ( القوى المتنفذة) من جوهره، ولا نستغرب ان يجد فيه طرف طريقا لديكتاتورية جديدة وطرف آخر طريقا لعودة البعث أو عودة بعض نفوذه بينما يقف طرف ثالث باعتباره طريقا للسرقة وغيرها من التصورات الغربية . ان تحديد جوهرهذه العملية والذي يشكل جوهر المشروع الوطني الذي يناضل الحزب مع كل القوى المخلصة من اجله ، بالتالي يقرر مقدار المسافة بيننا وبين القوى الاخرى.
.
لم ترحم الموضوعات نظام المحاصصة من مطارق النقد والتعرية له وهي على حق كامل بذلك. فهذا السرطان هو اساس كل الاوضاع المزرية التي يشهدها الواقع العراقي، الذي لن يشهد اي تطور للامام ما لم يجري استصال هذا السرطان. المفارقة في الموضوعات
تكمن في الفقرة (5) ( العمل على تخليصها ( المقصود العملية السياسية) من اس المشكلة، المتمثل في اعتماد نهج المحاصصة). كذلك في نهاية الفقرة 6 او في مواقع اخرى من الموضوعات، التي هي استمرار لمواقف الحزب في السنوات الاخيرة والتي جرى التعبير عنها في مناسبات عديدة وهو( اعادة تصحيح مسار العملية السياسية بتخليصها من نظام المحاصصة). لا يبدو هناك تجانسا بين النقد الموجه للمحاصصة باعتبارها اساس الداء وبين الطريق للخروج من الازمة. وهنا يمكن ملاحظة ما يلي:
* ان المحاصصة تحولت الى نهج ثابت وسلوك سياسي يومي للقوى (المتنفذة). انه الطريق الاساسي ان لم يكن الوحيد للقوى( المتنفذة) في الحفاظ على مكتسباتها ووفرت لها قدرات هائلة للتحكم في كل الاوضاع والسياسات وتحديد افاق تطورها.
* ان ما نشهده هو في واقعه نظام مأزوم لا تحل ازمته الا باستاصله.
* لم تتضمن الموضوعات برنامج وطريق ملموس لكفية انقاذ العملية السياسية بتخليصها من نظام المحاصصة. كل ما طرح وفي مواقع مختلفة من الموضوعات هو عبارة عن المطالبة باجراءات ربما تحد من شدة نظام المحاصصة ولكن لا تقتلعه، بل على العكس لم يبرر الواقع العملي لسلوك القوى المنتفذة الامكانية لتنفذ هذه الاجراءات التي تطالب او تناضل من اجلها الموضوعات. ان هذا الواقع عكس انانية وانفراد القوى المتنفذة والتي رغم كل صراعاتها على السلطة والنفوذ، تستطيع في لحظة معينة الاصطفاف بنسق واحد اتجاه اي محاولة لخرق نظام المحاصصة، باعتباره مصدر قوتها وحياتها. والامثلة عديدة. الموقف من قانون الانتخابات، تشكيل المفوضية السابقة او الاخبار التي تتوارد حول تشكيل المفوضية الجديدة، الموقف من الفساد والارهاب وغيرها. الغريب حتى القوى التي ساهمت بخلق و بتعزيز نظام المحاصصة والتي ابتلعها فيما بعد لا تتجرأ لحد الان بادانة هذا النظام وما زالت تبحث فية عن موقع قدم افضل لها فيه
.
ان فكرة او شعار ( اعادة العملية الساسية لمسارها الطبيعي بتخليصها من نظام المحاصصة) لا يعدو سوى كونه وهمٌ. اخطر ما في السياسة هو ان تصوغ المشاريع والشعارات على ضوء الاوهام . لقد دفع الشيوعيون العراقيون في ستنيات وسبعنيات القرن الماضي ثمنا باهظا ، بل باهظا جدا وبالذات في المؤتمر الثالث.
.
ان البديل الحقيقي لهذا الشعار هو اسقاط نظام المحاصصة بكل اشكاله. ان اعادة الحياة للمشروع الوطني لا يتم الا باسقاط المحاصصة وانهائها. انه السبيل الوحيد لتطوير العملية السياسية كما اريد لها سابقا. ادرك ان ما يعيق تطور سياسة الحزب في هذا المجال هو الموقف السلبي لقطاعات واسعة من شعبنا في النضال من اجل مصالحها، اضافة لقدرة الحكومة التي اظهرت امتيازها في استخدام القوة والمال ضد اي تحرك جاد ضدها وقدرتها ومواصلتها على اعادة انتاج اليات النظام البائد في ممارستها الحكم .
يخطئ من يتصور بانه قادر على تحجيم دور الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية. لقد تجاوز الشيوعيون بعد 2003 الكثير من السياسات الساعية الى تحجيم دورهم، وابدى الحزب خلال السنة الاخيرة قدرته على طرح مبادرات حيوية وجادة تعكس موقفه الوطني ان صحة الشعار وحيوية وفعالية الشيوعيين وكل القوى الديقراطية والوطنية قادرة على ان تخلق توازنا سياسيا اخر رغم انف كل المحاصصة.

2- في فقرة السمات الاقتصادية والاجتماعية واشتداد التفاوت في توزيع الدخل والتروة، تتخلى الموضوعات عن مصطلح البرجوازية الطفيلية والبيروقراطية الذي حظيت دراستها في التقرير السياسي للمؤتمر الثامن باهتمام كبير وجاد. بعيدا عن اهمية المصطلح يبقى توصيف الموضوعات في هذا الجانب أمراً سليما، الا انه يلاحظ ان الموضوعات لم تتحدث الا باشارة عابرة على انعكاس هذه التغيرات على البنية الطبقية والاجتماعية للفئات الحاكمة المتنفذة في عموم الوضع السياسي. هذه قضية اساسية ، محورية ، في صياغة السياسية الحالية والمستقبلية للحزب. واقع الحال ان الحكومة لم تصبح جزء من الفساد فقط وانما الراعية الأساسية له. هذه التغيرات شملت الحزب و التحالف المتحكم بها كذلك فان اطراف المحاصصة الاخرى كانت شريكا في ذلك الامر. هم على صراع دائم من اجل تحسين مواقعهم في خريطة الطفيلين والسراق الجدد. لقد تحولت ممارسة العمل السياسي لمعظم الطبقة السياسية المنتفذة الى مهنة للاثراء والسيطرة وتقاسم السرقات وغيرها مما هو معروف.
لقد حذر الحزب في بيانه في اعقاب صدور قانون الانتخابات الاخيرة من صعود ديكتاتورية جديدة. كان البيان صرخة احتجاج رائعة بوجة اولئك اللذين تأمروا ضد اي انتخابات ديقراطية سليمة. كان تحذير الحزب هو اول تحذير يصدر من القوى السياسية العراقية ، وجد صداه وامتد للاخرين كي يحذروا من صعود ديكتاتورية جديدة بما فيها اصوات من التحالف الوطني . شكل هذا الأمر إحراجا للحكومة والحزب الذي يقف على راسها. ان كل ما تم توصيفه في الموضوعات وفي مواقع مختلفة يشكل في حقيقتة نهجا ثابتا في سلوك السلطة وخاصة في السنوات الاخيرة. هذا النهج يتواصل يوما بعد آخر ويتعزر بمواصلة السلطة احياء اليات عمل النظام البائد وعلى كل المستويات وواقع الحياة اليومية يشير لعدد غير محدود من الامثلة على كل المستويات. الا يقود هذا الامر بان تثبت الموضوعات استنتاجها لافاق تطور هذا النهج. الذي هو ديكتاتورية قادمة، ما لم يجري التصدي لها فانها ستحرق الاخضر واليابس..

3- كان توصيف الموضوعات لانتخابات عام 2010 وما رافقها سليما ودقيقا. بتقديري أن الاوان آن يعيد الحزب تقيم قراره بالمشاركة في الانتخابات و لمواجهة صعاب قادمة. ليس فقط لان الحزب اخفق في تلك الانتخابات وانما لعموم النتائج المترتبة عليها، التي شكلت كارثة جديدة للاوضاع السياسية المعقدة اصلا. ما معنى المشاركة في انتخابات لم يتوفر فيها ادنى حد من ضمانات النزاهة والشفافية وحرية المنافسة والتي عمقت بما رافقها وبنتائجها من نظام المحاصصة. ان اعادة التقيم من الضروري أن تبتعد عن الشعاراتية التي رافقت قرار مشاركتنا. خاصة انه كان هناك رأي رغم انه يمثل الاقلية يطالب بالمقاطعة. هذا الرائ رغم انه يمثل الاقلية الا انه بحاجة الى اعادة تقييم. يطرح الحزب اتجاهات نضاله ومطاليبه للانتخابات القادمة وهي معروفة وصحيحة أكدها الحزب في اكثر من مناسبة و يمكن ان تشكل بعض الضمانات الاساسية لانتخابات نزيهة. هذا الامر يقود لطرح سؤال منطقي لم تجب عليه الموضوعات هو: في حالة عدم توفر هذه المطاليب التي يطالب بها الحزب وبعض القوى الاخرى ( الفقرة 19) او تحقيق جزء منها. ماذا سيكون موقف الحزب؟ هل المشاركة بدون ضمانات او بجزء منها ام المقاطعة؟
تشعر من منطق الموضوعات انه متروك للجنة المركزية القادمة لبحثه في وقته المناسب وتحت شعار لكل حادث حديث. هذا السوال المنطقي بحاجة لبحث جاد وهو يتعلق بستراتيجية الحزب خلال السنوات القادمة. الموضوعات ومن ثم المؤتمر بتقديري مطالب باتخاذ قرار واضح بهذا الامر ولشروط مشاركة الحزب في الانتخابات القادمة. من الضروري التاكيد على وجود ضمانات لانتخابات حرة نزيهه. موقف وقرار تلتزم به قيادة الحزب القادمة. عداها فان اللجوء للمقاطعة هو الحل الاخر الذي يجب على الحزب ان يعد نفسه لذلك. المقاطعة لا تعني الانعزال وللتاريخ امثلة عديدة فيما اذا ارتبط ذلك بفضح الانتخابات التي تجري على اساس تعزيز نظام المحاصصة.
ان الموقف من تشكيل الحكومة ومن الانتخابات القادمة وتصعيد النشاط المطلبي والذي يمس مصالح الناس اليومية وربطه باسقاط نطام المحاصصة وتجميع كل القوى الرافضة للمحاصصة والتي تتوسع قاعدها يوما بعد اخر رغم بطئ هذه العملية وتعزيز وتطوير بناء الحزب والقوى الديقراطية والوطنية، كل هذا وغيره قادر و يسهم وبشكل فعال في قبر نظام المحاصصة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل تسير مجريات محاكمة ترامب نحو التبرئة أم الإدانة؟ | #أميرك


.. هل أصبح بايدن عبئا على الحزب الديمقراطي؟ | #أميركا_اليوم




.. مسؤولون أمريكيون: نشعر باليأس من نتنياهو والحوار معه تكتيكي


.. لماذا تعد المروحيات أكثر خطورة وعرضة للسقوط؟ ولماذا يفضلها ا




.. سرايا القدس تبث صورا لتفجير مقاوميها بكتيبة طوباس سيارة مفخخ