الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سميرة إبراهيم.. فرقٌ في الدرجة

مجدي مهني أمين

2012 / 3 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


فرق في الدرجة؛ فكرة راودتني عندما قرأت الخبر الذي صرحت فيه سميرة إبراهيم فى مقابلة مع صحيفة «جارديان» البريطانية والذي نشرته المصري اليوم، الأربعاء14 مارس، أن فى مصر بعد الثورة قوتان تعرقلان التقدم فى حقوق المرأة، إحداهما المجلس العسكرى والأخرى الإسلاميون ، وأن الحكم بتبرئة الطبيب المتهم فى قضية كشوف العذرية هي بمثابة ضربة للنضال النسائى فى البلاد، مؤكدة أنها تصر على الحصول على حقوقها ولن تتخلى عنها مهما كان الثمن، وأنه من حقها الآن اللجوء إلى القانون الدولى (أنظر الرابط الأول).

وقد جاء تعليقي على الخبر مواكبا لمقالتي السابقة بعنوان "وهكمل للنهاية عشان أجيب حقها..." في توقعي لاستمرار سميرة في المشوار حتى النهاية، وفي التأكيد على قوتها النابعة من أن توحدها مع قضية كان أكبر من توحدها مع مشكلتها الشخصية، وقد ازعجتني التعليقات التي صاحبت الخبر المنشور في جريدة المصري اليوم، التي عبرت عن استهانة بالقضية التي تطرحها سميرة.. تصريحات - إذا استبعدنا أنها تتم بفعل فاعل- فهي تعبر عن حالة من التبلد في المشاعر، وتراجع في النظرة الإنسانية لما يمكن أن تعاني منه سميرة وكافة الحالات التي تعرضت لبطش النظام؛ بطش بلا رحمة، يدعمه أفراد ، وينسحب عنه الناس يمكننا إضافتهم كعوائق لتقدم المرأة والإنسان والثورة ومصر.

لا شك في أن تصريح كاللجوء إلى القانون الدولى يمكن يزلزل أركان النظام، فتصريح سميرة - في حد ذاته- محاكمة مفتوحة للنظام القائم، ولعل قلق النظام من هكذا تصريح يكشف ضعف النظام؛ ضعفه أمام فتاة مناضلة تقف بمفردها أمام هكذا نظام:

 فمن أين يأتي هذا الضعف؟ لقد استخدم النظام كافة أدوات البطش: قتل، وسحل، وانتهك أعراض، واعتقل، وأصدر أحكاما؛ كانت النتيجة المرجوة أن يحظى بالتقدير والمهابة، ولكن ما حدث كان التبرم والسخط والنداء بسقوطه، أي سقوط هذا النظام.

ثم إذ به –أي النظام- يذهب للنهاية في استخدام القوة، ليس فقط مع سميرة ولكن مع كل من يعترض طريقه، وها هو ينتظر سفينة محملة بالمتفجرات، حيث دعت منظمة العفو الدولية إلى ضرورة عدم السماح لسفينة تحمل شحنة أسلحة ومتفجرات من الولايات المتحدة إلى مصر بتفريغ شحنتها، لوجود مخاطر كبيرة فى استخدام هذه الأسلحة من قبل قوات الأمن المصرية فى ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان (أنظر الرابط الثاني) .

ألا تذكّرنا هذه السفينة بتلك التي استوقفتها قبرص وهي في طريقة لسوريا، وكأننا بين مصر وسوريا "نختلف في الدرجة، ولا نختلف في النوع"، كأننا بين نظامين يستخدم أحدهما عنفا مقننا وآخر يستخدم عنفا مفرطا، واحدٌ يقتل بالمئات، وآخر بالآلاف، أي أننا أمام نفس العقلية؛ عقلية نظام يسعى لتأكيد وجوده والحفاظ على مكتسباته بالعنف والبطش؛ بطش تزداد درجته حسب درجة إصرار الشعب على المقاومة، وإصرار النظام على تأكيد وضعيته على حساب مطالب الشعب.

تستوقفنا سميرة والثماني عشرة فتاة اللاتي انتهك النظام كرامتهن؛ مرة بالكشف على عذريتهن، ومرة أخرى بعدم إنصاف سميرة في قضيتها العادلة بالقصاص من مرتكبي هذا الجرم في حق مصر- كما قالت سميرة.

تستوقفنا سميرة وكافة الفتيات.. يستوقفنا المصابون والشهداء في 25 يناير، و28 يناير،و 2 فبراير، و 9 مارس(اليوم الذي اقتيدت فيه سميرة وكافة الفتيات لكشف العذرية)، و 8 أبريل، و 28 يونيو، و 23 يوليو، و 9 سبتمبر، و 9 أكتوبر، وشهداء 19نوفمبر، و 16 ديسمبر.. كلها أيام تحمل صمودا منقطع النظير ومتخمة - في الوقت ذاته - بذكريات أليمة، الأكثر إيلاما فيها تقاعس النظام عن ملاحقة القتلة، ومنح البراءة لكل من تم تقديمهم للمحاكمة، وتقديم الثوار للمحاكمة.

مرة أخرى نجد أننا أمام "اختلاف في الدرجة"، بين عنف مطلق وعنف مقنن، والنتيجة واحدة، فالثوار في صدام مع النظام، الذي خذلهم بعد أن منحوه ثقتهم وشرف قيادة ثورتهم، الثوار –في انعدام الثقة هذه- باتوا يبحثون عن حَكَمٍ عادل بعد أن أصبح النظام خصما لهم.. كل هذا يطرح السؤال:

 كيف يثق الثوار في اي إجراء يقوم به هذا النظام؟ كيف يثقون في انتخابات الرئاسة القادمة؟ وفي لجنة الدستور القادمة؟ وفي التسليم الفعلي لسلطة مدنية يكون العسكر تحت قيادتها لا العكس؟

أسئلة كثيرة تفرض نفسها، وتضعنا جميعا من جديد في طريق الكفاح من أجل الحرية والديمقراطية. كفاح بدأه الشعب منذ صدامه مع حكومة الثورة، في 1968، ومع جيل السبعينيات، مرورا بكفاية و6 أبريل وكافة الحركات الثورية للطلبة والعمال والصحفيين والقضاة والمحامين والفنانين. كفاح طويل ومستمر، أضافت له الثورة زخما جديدا، كفاح كان يجب على المجلس العسكري أن يمتثل له، وأن يدعم ثورته، ويرسي به إلى حكومة ديمقراطية حقيقية، كان يجب على المجلس احتراما للدم المسفوك أن يعود لثكناته بعد ان غادرها منذ 60 عاما أدار فيها البلاد، ويرفض الآن أن يعود إلا وله كافة الأسهم التي يريدها كي يبقى له في السلطة أصبعا وقدما وجسدا كاملا، وبرلمانا صديقا، ورئيسا توافقيا لطيف المعشر.

أوضاع مغلوطة، تدعم الطرف الأقوى على حساب الحق، والعدل. معادلات مغلوطة تبقينا في نفق الحكم العسكري، معادلات لا يمكننا معها إلا أن نردد مع ديسمند توتو Desmond Tutu أسقف جنوب أفريقيا:إذا كنت محايدا في حالات الظلم فقد اخترت أن تكون بجانب الظالم !

نردد هذا القول، فكل تخاذل من الناس في دعم الحق، سيدفعون فيه ثمنا ثقيلا بعد قليل، بل أن كل تخاذل من الناس قد يقنع النظام أنه على حق، والصديق الصدوق هو من قوّم صديقه، هذا إن رأوا أنهم صديق النظام القائم.

الروابط:
الرابط الأول: http://www.almasryalyoum.com/node/712856?fb_comment_id=fbc_248351021923913_1336477_248580138567668
الرابط الثاني:
http://www3.youm7.com/News.asp?NewsID=627364&SecID=65&IssueID=0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تشاد: المرشحون للانتخابات الرئاسية ينشطون آخر تجمعاتهم قبيل


.. رويترز: قطر تدرس مستقبل مكتب حماس في الدوحة




.. هيئة البث الإسرائيلية: تل أبيب لن ترسل وفدها للقاهرة قبل أن


.. حرب غزة.. صفقة حركة حماس وإسرائيل تقترب




.. حرب غزة.. مزيد من الضغوط على حماس عبر قطر | #ملف_اليوم