الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مملَكَةُ الأيمو

ليث العبدويس

2012 / 3 / 17
حقوق الانسان


إيمو.. ونكتفي بتعريفِك البَرْقيّ كي تومِأَ اليكَ أصابعٌ اصفرّتْ من التَبغِ والحشيشِ والفَرقَعةِ في عُلبِ اللّيل لتشطُبكَ مِنْ وجْهِ الحياة وسطحِ المعمورة، أيمو.. تصريحُ قتلكِ مَصوغٌ بلغةٍ رديئة، مُستنسخٌ على عجلٍ، يملأُ جيوبَ الوكلاءِ والأدلّاء والمُخبرين السرّيين.
إيمو.. مطلوبُ حياً او ميتاً بأمرِ قبضٍ وإحضارٍ مُمْهَرٍ بختم الصَدْر الأعظم ومُعمّدٍ ببخّات البابا القُدُسيّة، إيمو.. حاخاماتُ المعبد نزعوا عنكَ بركاتِهم وأشهروا في وجهكَ الساذَج لعناتهم واحلوّا للعامّة أن يقطِفوا رأسك – عفواً – أن يمعَسوا رأسك كأيّ عَقِبِ سيجارة، أن يسحقوهُ كصُرصارٍ اخترق حصار المُبيد وأطواقَ السموم.
إيموشنل.. كفرٌ يا ولدي ان تترنّح مأخوذاً بأنغام البوب المُستورد، تجديفٌ تلك الألوانُ المُرتدّة، لسنا في السويدِ او هولندا، بل لسنا في الموزمبيقِ او بوركينا فاسو، بل لسنا حتّى في حلقةِ الجحيم الأولى مع لوسيفير، نحنُ في مكانٍ القتلُ فيه مجّانيٌ والارهابُ فيه مجّانيٌ والتعذيبُ فيه مجّانيٌ، نحنُ في شَقّ صخري لا تُبرعم بين احجارهِ سِوى فِطرياتُ الموتِ ولا يورِقُ فيه غيرُ عَفَنِ الجُثث، نحن في حُجرة المُشعوذ الدجّال الذي حوّلنا بعصاه السحريّة الى حشراتٍ هائمة، تنقادُ مسحورةً الى الضوء المُهلك، تَطُنُّ بأجنحتها طنينَ الابتهاج والحُبور قبل ان تتساقطَ رماداً في قعر المصباح، فأي مصيرٍ هو بانتظارنا يا إيمو؟
علّق بنو الظلامِ صورتكَ الحزينةِ على الجُدرانِ والكهوفِ والتقاطُعات، ردّدوا اسمكَ الساذِجَ عبرَ مُكبّراتِ الصوتِ في المُعسكرات والسجونِ والمعتقلاتِ وأقبية التعذيب وسراديبِ القتلِ ومجاريرِ الاختفاء القسري، حفروا لكَ – من باب التفاؤل بقُرب نهايتك – قبراً رمزياً قُرب مقابرِ الإبادةِ المُنتشرةِ في البلد كاللعناتِ، وتركوهُ مفتوحاً، فاغِرَ الفاهِ، في انتظارِ جُثمانك المُهشّم الرأس، نبحتْ كلابُهُم في الملاعِب المهجورةِ، والقُرى المُحترقةِ، والمباني المُدمّرة، تُطاردُ رائحةَ مُراهقٍ ضالٍ، وصبيّ يافعٍ، قيل أنّهُ عَبَدَ الشيطانَ يوماً، واعتنقَ الوثنية.
مذعورون لأنّكَ خرجتَ على تعاليمِ الأحبارِ والحاخامات، غاضبونَ غاضبونَ لأنّكَ هَزأتَ من لُحى السدنةِ الكثّة وجلابيبِ رِجال الدين، يكرهونَ فيك تمرُّداً تقودهُ على الكهنوتِ والوصايةِ والقيْمومَةِ وصُكوكِ المغفرةِ وسُخْفِ الاعترافِ في أحضانِ قَسّيسِهم السكّير، فَهُم، يبغونَ لكَ مُستقبلاً مشرقاً كمستقبلِ الدَجاجِ والخِرافِ والنِعاجِ، حيثُ الحياةُ تُختصرُ في حَظيرة، وحيثُ الاعلافُ مُتاحةٌ وفيرة، وحيثُ الاحتجاجُ يكونُ بالنَقْنقة والثُغاء والرغاء، وحيثُ الذبْحُ بالطابور تباعاَ، فمرحى للغد المشرق!
انصحكُ يا ولدي أنْ تتنازلَ عن شَعركِ الطويل كيما يتسنّى لكَ الاحتفاظُ برأسكَ، وأنْ تخلعَ عنكَ البِنطالَ الصَفيقَ وترتدي السراويلَ وإزارَ الصلاةِ وقِلنسوّة السجودِ المُباركة، فتلكَ هي الموضَة في بلدي، كما وأنزعْ عنكَ شِعارَ الجُمْجُمةِ، فالبلادُ تغُصُّ بالجماجِمِ وتزدحِمُ بالهياكل، وحذارِ من تحدّي عليّةَ القومِ لأنهُم ظِلُّ الإلهِ في الأرضِ وسوطُه ومِشنقتُه ومقصلتَه، ولستُ اراكَ إلّا راجِحَ العقلِ موفورَ الفَهم بحيثُ سَتنثني عن تحدّي الآتِ الدمار تلك، فلستُم ولسَنا سِوى دَهماءَ وعوامٍ لا نَملِكُ من أمرنا شيئاً، وارفِقْ بنفسكَ، فالواحَةُ بعيدة، والزادُ شحيح، والسلامُ على بلد السَلام.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تونس في عهد سعيّد.. من منارة -حرية التعبير- إلى -ساحة استبدا


.. تونس: المرسوم 54.. تهديد لحرية التعبير ومعاقبة الصحافيين بطر




.. الجزائر وليبيا تطالبان المحكمة الجنائية الدولية باعتقال قادة


.. إعلام محلي: اعتقال مسلح أطلق النار على رئيس وزراء سلوفاكيا




.. تحقيق لـ-إندبندنت- البريطانية: بايدن متورط في المجاعة في غزة