الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إعتذار شخصي لهناء شلبي

خالد جمعة
شاعر ـ كاتب للأطفال

(Khaled Juma)

2012 / 3 / 17
ملف فكري وسياسي واجتماعي لمناهضة العنف ضد المرأة


هكذا نحن عزيزتي هناء شلبي، نحقن أنفسنا دائماً بأدوار البطولة الأولى، وننسى دائماً من يأتي ثانياً، وكأن كل مآسينا حُسِمَت بعد أن يحقق الرقم الأول انتصاره الصغير في وقوفه وقفة الحق ضد القوة.

أخذ المناضل عدنان خضر كل ما يمكن للناس أن يعطوه لمناضل مضرب عن الطعام، إعلامياً، وإنسانياً، وبالتالي فرغت حقائبهم من التعاطف والمؤازرة، ليس هذا لأنك أنثى، والإناث في مجتمعاتنا [ناقصات عقل ودين] كما تعرفين، بل لأنك أتيت بعد الشيخ عدنان، فالناس يعتبرون أن الأصل لا يشبه التقليد، وكأن أي شخص يمكنه أن يخوض معركةً تشبه معركتك.

ليس لدينا وقت لك عزيزتي هناء، على الأقل هنا في غزة، فنحن مشغولون بالصواريخ والصواريخ المضادة، مشغولون بالكهرباء والبنزين والرواتب، لا وقت لدينا لدعم مناضلة جائعة، مناضلة تحاول أن ترفع رأسها وسط كل هذه الرؤوس المنحنية، فهذا لا معنى له في العرف النضالي، لأنك فرد، والبطولة جماعية، ونحن مضحكون حتى في نضالنا، مضحكون لأننا نترك القضية التي يمكن أن نحقق فيها إنجازاً ما، ولو صغيراً، ونذهب باتجاه تحرير العالم من الرأسمالية والطمع والإنترنت والصناعات الغربية، الثلاجات والسيارات والموتورات وخلافه، نعم عزيزتي هناء، فلا تنسي أننا خير أمة أخرجت للناس وإياك أن تغيب هذه الفكرة عن بالك حتى لو كنت في أشد حالات الجوع والمرض في سجون العدو الصهيوني الباردة والعقيمة.

خوضي معركتك وحدك سيدتي، لا تنظري إلى من أكلتهم الحياة وحولتهم إلى مجرد أشباح تركض وراء الوهم البعيد، وراء إعادة التاريخ إلى الوراء، خوضي معركتك بجسدك، بجلدك، بأرضية زنزانتك الباردة، بالقضبان التي ترينها دائماً أمامك وتحلمين بما خلفها، انتصري وحدك على هذا الغول، فنحن صدقنا أنه قادر على كل شيء ولم تعد لدينا القدرة على الالتفات للنضالات الصغيرة مثل امرأة تضرب عن الطعام لكل هذا الوقت، وأشياء من هذا القبيل.

ربما تستشهدين، وقتها فقط، يمكن أن تشاهدي الشعارات التي تذبح الغيم في سمائه، وسيكتبون اسمك على علم فلسطين، وسيقولون كلنا هناء شلبي، وسيطبعون لك صوراً بأعداد لا تحلمين بها، وسيقولون بالروح بالدم نفديك يا هناء، سيفعلون أشياء كثيرة بأعدادهم الغفيرة، ولا يعرفون ببساطة كم أنت بحاجة إلى صوت واحد في حالتك هذه، ولا تريدين كل ما يمكن أن يفعلون من أجلك إذا أصابك مكروه لا سمح العلي القدير.

كوني عزيزتي هناء في حماية قلبك وحده، قلبك لا غير، فإن أمةً ضيَّعَتْ خارطتها، لن تهتم من جديد لتفاصيل تنغص عليها هناءها الليلي، دعي أقدامك التي ربما تعجز الآن عن حملك، تعلو فوق الهامات جميعا، دعي جسدك الهزيل الذي قد يكون أصابه الجفاف، يروي أراضيهم القاحلة، ودعي عينيك المبللتين بالرجاء الإلهي تنيران الطرقات للحالمين والغافلين عما ينتظرهم، وابق ـ وإن كنت وحدك ـ بطلة هذا المشهد من أول التاريخ إلى آخره.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الكشف عن وجه امرأة -نياندرتال- عمرها 75 ألف عام


.. المشاركة أمال دنون




.. المشاركة رشا نصر


.. -سياسة الترهيب لن تثنينا عن الاستمرار باحتجاجاتنا المطالبة ب




.. لبنى الباسط إحدى المحتجات