الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة الوعود حول كركوك أخر سلاح لخداع القادة الاكراد

هشام عقراوي

2005 / 1 / 16
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


كثر الحديث هذه الايام حول محافظة كركوك و مستقبل الانتخابات وأحتمال مشاركة الكرد في انتخابات مجلس المحافظة من عدمه. ففي حين تصر الاحزاب الكردية على تأجيل الانتخابات فيها لحين تطبيق البند 58 حول تطبيع الاوضاع في كركوك، نرى أكثرية أعضاء مجلس المحافظة من العرب و بعض التركمان يصرون على أجراء الانتخابات فيها.
ومع أقتراب موعد الانتخابات في العراق (أن لم تاجل) تزداد الضغوط التي تمارسها الاطراف المتنازعة على بعضها البعض. هذه الضغوط تظهر الى السطح أحيانا و يتناول الاعلام القسم المعلن منها فقط. ولكن خلف الكواليس هناك اللعبة الحقيقية و الصراع الحقيقي و ضغوطات العم الكبير(أمريكا) على جميع الاطراف.
الى الان لم يقدم الكرد قائمتهم أو قوائمهم حول أنتخابات مجلس المحافظة الى اللجنة المشرفه على الانتخابات و نظرا للوساطات الجارية و لاعطاء الفرصة للكرد بتقديم قوائمهم و لأن مشاركة الكرد في هذه الانتخابات له دور حاسم حول مستقبل الانتخابات في العراق اجمع و خاصة في كركوك، فأن اللجنة المشرفة مددت مدة تقديم القوائم لاسبوع اخر في كركوك وهذا تنازل واضح امام ضغط الكرد و معرفة واقعية لاهمية مشاركة الكرد، خاصة وأن السنة العرب الى الان يدعون بأنهم سوف لن يشاركوا في الانتخابات برمتها.
فالقيادات الكردية تعرف جيدا مدى اصرار الاحزاب الشيعية على أجراء الانتخابات، وتعرف أن العم الكبير (أمريكا) ايضا يريد أن يلتزم بموعد الانتخابات من أجل أن تنهي مسؤوليتها القانونية و الاخلاقية تجاه العراق. فبعد الانتخابات سوف تكون هناك حكومة عراقية رسمية معترفة بها و منتخبة صوريا او حقيقيا، سواء شارك فيها السنة من العرب و الكرد او لم يشاركوا. هذه الحكومة هي التي ستشرف على العراق أكثر من ما ستشرف عليها امريكا كما هو الحال الان.
أخر المستجدات حول كركوك و مشاركة الكرد تقول بأن هناك تحرك مزدوج من قبل أمريكا و الحكومة العراقية و المجلس الوطني، يحاولون فيها اقناع الكرد على المشاركة في الانتخابات و التي هي بالاحرى محاولة للتحايل على القيادات الكردية.
فأمريكا و في أعلان صادر من وزراة الخارجية أعلنت أن البند 58 من الدستور المؤقت حول كركوك يجب أن ينفذ و أن حدود التغيرات الصدامية في المحافظة يجب أن تنتهي. هذا التحرك الامريكي قابلة تحرك للحكومة العراقية و أرسلت نائب رئيس الوزراء الكردي برهم صالح الى كردستان من أجل أطلاع الرئيس البارزاني و السيد الطالباني على أخر المستجدات حول كركوك ومن المنتظر أن يصدر بيان أو تصل وعود كتابية من الحكومة العراقية و المجلس الوطني العراقي حول تطبيق البند 58 حول كركوك.
هذه كلها وعود من أجل أن ينهي الحزبان الكرديان رفضهم في المشاركة في أنتخابات المجلس المحلي لمحافظة كركوك و الاثار المترتبة عليها. ومن المنتظر أن يتنازل البارزاني و الطالباني عن تهديدهما مقابل هذا التصريح الامريكي و وعود الحكومة العراقية و بالتالي يشاركون في الانتخابات مقابل أمال من المفترض أن ينفذها ورثة الحكومة الحالية. و لكن المسألة كلها هي ليست سوى تحايل أخر يراد بها خدع الكرد و أجراء الانتخابات.
فمن الذي لم ينفذ البند 58 و كان السبب في تاخيره الى الان!!! أذا كان العراق يدار من قبل الامريكيين، فأن امريكا هي التي وقفت عائقا أمام تطبيع الاوضاع في كركوك و رجوع المرحلين الى مدنهم و قراهم معززين مكرمين. و اذا كان العراق يدار من قبل الحكومة العراقية و المجلس الوطني العراقي فأن الحكومة هي التي لا تؤمن بهذا البند و لا تريد تطبيقه. اذن هذه الوعود تأتي نتيجة لضغوط و ظرف صعب تعيش فيها أمريكا و الحكومة العراقية و ليس من أيمانا منها بأحقية وشرعية ذلك البند وبالتالي فهي ستنكث هذه العهود بزوال الظرف الطارئ و تحسنه. و هذا التعهد سوف لن ينفذ لان الكرد سيشاركون في الانتخابات قبل تطبيق البند 58. اي أن أمريكا و الحكومة العراقية سيحصلون على ما يريدون قبل تطبيق القرار.
هذا البند حسب هذه الوعود سينفذ في يوم من الايام او لنقل بعد الانتخابات. و بعد الانتخابات ستكون هناك حكومة أخرى و برمان جديد. هذا البرلمان و هذه الحكومة غير مجبرة على تنفيذ عهود اعطتها حكومة غير منتخبة. أذن فالحكومة الجيدة هي التي ستنفذ أو تمتنع عن تنفيذ هذه الوعود للكرد حول كركوك.
و لكن من الذي سيحكم العراق؟ ومن الذي سيكون بالتالي مسؤولا عن تنفيذ هذه الوعود؟؟؟ أنها المعارضة القديمة التي أعطت ألالاف من الوعود للكرد و لم تنفذ اي منها. ليقل لنا القادة الكرد قرارا واحدا صدر حول الكرد ايام وجود صدام في السلطة و نفذتها الاحزاب العراقية بعد الاطاحة بصدام أو حتى اسمرت على الالتزام بتطبيقه.
شاء الكرد أم أبو. شاءت القوى الديمقراطية ام ابت، فأن قائمة السيستاني هي التي ستفوز في الانتخابات و ستحصل على اغلبية الاصوات و أية حكومة قادمة ستكون بمشاركة قوية منهم ان لم نقل ستكون بقيادتهم. و القادة الكرد يعرفون جيدا ما الذي قررته هذه القائمة حول كركوك و يعرفون جيدا لماذا قاطع البرلمانيون الشيعة كلهم (ماعدا السيدان بحر العلوم و حميد مجيد) أجتماع اربيل قبل حوالي عشرة ايام. فهذا الاجتماع كان لمناقشة قضية كركوك و مقاطعة الشيعة لها تعني على الاقل انهم لا يريدون ماقشة هذا الامر أو اعطاء اية وعود حولها.
اذن فالحكومة القادمة ستكون ضد تطبيق البند 58 حول كركوك وسوف تحاول بكل السبل اعاقة تطبيقها. أما العم الكبير (أمريكا) و الذي تعقد القايادات الكردية الامال حولها، فانها و حتى في بيانها الداعي الى تطبيق البند 58 تقول بأن هذا الامر يعود الى العراقيين انفسهم و لا يحق للاخرين التدخل فيها. اي أنها ستضع الامر في يد العراقيين أو بالاحرى في يد الحكومة العراقية القادمة. و الحكومة العراقية القادمة سوف لم و لن تنفذ هذا القرار لأنهم وبساطة ضد هذا القرار و الاطراف الاوفر حظا بالفوز في الانتخابات هي من اشد وألد أعداء تطبيع الاوضاع في كركوك و لا يعترفون بكردستانيتها و لا يرضون حتى بترحيل العرب الذي أحضرهم صدام اليها، بل يقولون بان العراقيين احرار بالعيش أينما كانوا و هذا يعني بأنهم لايعترفون بالظلم و التعريب الذي قام به صدام. فالموافقة على عودة الكرد الى ديارهم لا ينهي التعريب وهذا ما تفكر به الحكومة العراقية و الاحزاب العربية الشيعية و حتى السنية (ما عدا الحزب الشيوعي العراقي و بعض الاحزاب الاخرى).
قضية كركوك مشابه تماما لقضية المستوطنات الاسرائيلية. و حلها هو بعودة العرب المستعربين الذي اتي بهم صدام الى المدن التي اتو منها وان يعود الكرد الذين هجروا الى مدنهم الاصلية و تصحيح الوضع القانوني للمدينة و بعدها يكون الكل أحرار في التنقل في العراق. و هذا ما لا توافق عليه الحكومة القادمة و لا البرلمان القادم و أمريكا سوف لن تفعل شيئا حيال ذلك لأنها ستفقد حق التدخل القانوني. فسياسة الكيل بمكيالين هي الماشية لدى اغلبية الاحزاب العراقية و حتى لدى أمريكا. فهم يطالبون بشئ للفلسطينيين و ينكرون نفس الشئ للكرد.
بأختصار فأن هذه الوعود التي ستقدمها أمريكا و الحكومة العراقية للكرد هي ليست سوى حبر على ورق و ليشرب الكرد من مائها بعد الانتخابات اي بعد أقل من عشرين يوما. لأن الذين يقفون حجر عثرة في تطبيق البند 58 هم الذين سيستلمون السلطة ومن المستحيل أن يوافق هؤلاء على تطبيع الاوضاع في منطقة كركوك الا من خلال الضغط الجدي وألاخذ مقدما وليقل الكرد لهم الدين ممنوع و الرزق على الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منظومة الصحة في غزة الأكثر تضررا جراء إقفال المعابر ومعارك


.. حزب الله يدخل صواريخ جديدة في تصعيده مع إسرائيل




.. ما تداعيات استخدام الاحتلال الإسرائيلي الطائرات في قصف مخيم


.. عائلات جنود إسرائيليين: نحذر من وقوع أبنائنا بمصيدة موت في غ




.. أصوات من غزة| ظروف النزوح تزيد سوءا مع طول مدة الحرب وتكرر ا