الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصائب قوم عند قوم مصائب

نوري جاسم المياحي

2012 / 3 / 18
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


من الشائع ان القول الصحيح هو (مصائب قوم عند قوم فوائد ...وليس كما كتبت في العنوان مصائب ) ..ولكي اشرح ما اريد قوله ...ان المصيبة التي حلت بشعبنا السوري بفرض الحصار الاقتصادي عليه من قبل امريكا وحلفاءها وعملاءها ...والتي للاسف لايدرك السوريون المتمردين المخدوعين بالشعارات البراقة (كالحرية والديمقراطية والعدالة ...الخ ) ..وسيأتي يوم وهوليس ببعيد ...وسيعانون من اثار هذا الحصار اللعين كما عانى شعبنا العراقي ولازال يئن ويعاني ويتذكر...اما كيف تم ذلك ؟؟؟فمن خلال التدمير الاقتصادي المبرمج والتدريجي ...ولنعد بالذاكرة قليلا الوراء ...
لقد استهدف العدوان الثلاثين الغاشم على العراق وبقصف مكثف كل البنى التحتية ومرافق الحياة الاقتصادية ...مما اصاب العراق بالشلل التام حينذاك ... ولكن قوة النظام وعزم ارادة المواطنين ...سارعوا الى لملمة الجراح ...ولكن المعتدون لم يكتفوا بذلك ...وانما فرضوا الحصار القاتل على شعبنا ..ولمدة 13 سنة عانى فيها الويلات والمذلة والاهانات ...وحدث الغزو الانكلو –امريكي قبل 9 سنوات ...وتكفل العملاء واذنابهم ممن نسميهم (الحواسم ) بالقضاء على ما اعيد اعماره من بنى تحتية هزيلة بالنهب والتدمير.. واعادوا العراق الى ما قبل الثورة الصناعية (كما وعد المستر بيكر وزير خارجية امريكا وزير خارجيتنا انذاك ) .
وبعد الغزو عام 2003 استمر الامريكان بالدور التدميري القذر ...فبدلا من اعمار مادمروه ...استولوا على ثروة العراق وبدأوا بنثرها على المواطنين المحرومين لتخدير الناس بمنحهم اموال دون ان ينتجوا ( اي حولوهم الى عثة تاكل بلاجهد او تعب ) ..ومن هنا برزت البطالة المقنعة ..وهذا ما يلاحظه المراقب اليوم ...الكل تطالب بالتعيين في مؤسسات الدولة حتى لو كان بلا شهادة ويشكون من البطالة ..وهؤلاء اتجهوا الى تزوير الشهادات فانتشرت مهنة التزوير بشكل وبائي مؤلم .. والادهى من ذلك ...الزيادة الغير مدروسة لرواتب الموظفين ..مماشجع الفقراء وابناء الطبقة الوسطى الى الرشوة والتزوير والوساطات والانتماء الى الاحزاب السياسية الحاكمة والاستقواء بالعشيرة وحتى استغلال الطائفية ..كي يحظى بالتعيين عند الحكومة (براتب مجزي ولكي يرتاح ولايعمل في الزراعة او الصناعة او القطاع الخاص ) ...
من هنا نلاحظ ان الفلاح وابنه واخيه وكل عائلته بدأ يتعالى عن العمل في الارض او المزرعة لانها غير مجدية امام تعبها وكذلك فعل العمال من المهنين .. ولجأوا الى الدولة طلبا للتوظيف والرواتب المجزية ...فتركوا الزراعة والصناعات البسيطة والمهن الحرة ..وتحولوا اما الى شرطة او عناصر صحوة او جنود ومن لم يحالفه الحظ في ذلك تحول اما الى حرامي بنوك ومحلات ذهب او خاطف للناس مقابل فدية بالاف الدولارات او قاتل ماجور او مزور اوتاجر مخدرات او سمسار تعقيب معاملات المواطنين مقابل عمولة وهذه تشمل رشوة الموظفي او يستغل قرابته من المسؤول لتوفير وظائف مقابل عمولة مدفوعة مقدما ...اويستلف مبلغ ويشتري سيارة و يعمل كسائق تاكسي او يفتح دكان او يفترش الارض على ارصفة الشوارع وراء بسطة (الى درجة اصبح عددها بالملايين )...او ينصب مولدة ويبيع كهرباء للمواطنين ...واما يتفق مع محطات الوقود ويبيعها بضعف السعر خارج المحطة والمحظوظ والذكي منهم تحول الى رادود في التعازي الحسينية والمواليد الدينية ..والاكثر حظا دخل مدرسة دينية وتخرج معمم واشتغل بتجارة السياسة ..وبنفس هذا الوقت فتح الامريكان حدود العراق لكل من هب ودب ولاستيراد كل زبالة ونفايات العالم الزراعي والصناعي ...
هذه الحالة غير الطبيعية دمرت الانسان العراق وحولته من عنصر انتاج الى عنصر استهلاكي خامل ومخدر... ولا ابالي بما يدور حوله ..
ولا ابالغ اذا قلت ..ان تدمير الطاقة الكهربائية ...وتلكؤ الحكومة في اعادتها هو جزء من خطة التدمير اعلاه ..وهذا ينطبق على المنتجات النفطية ورداءة نوعيتها وغلاءها ..والا متى كان العراق يستورد المنتجات النفطية ...كلها تهدف الى تدمير المواطن العراقي نفسيا وبدنيا واخلاقيا .. ووكمثل لا على سبيل الحصر.. متى ترك العراقي عمتنا النخلة بلا رعاية ؟؟الان تركها الفلاح او المالك بلا رعاية لسبب بسيط ..منتجها لايغطي التكاليف التي تصرف عليها ...ودودة الدوباس والحميرة فتكت بها ...
ومن هنا نجد ان العراق ومواطنيه اعتمدوا كليا على استيراد المنتجات الزراعية السورية ...لان العراقي عجز عن المشاركة بالانتاج الزراعي للاسباب اعلاه ...لغلاء المنتج والمستورد اسهل وارخص وافضل وبدون مخاطرة بالخسارة ...
ولنعد الى موضوعنا الاساس...اهلنا في سوريا يمرون بنفس السيناريو الذي مر به شعب العراق مع بعض الاختلاف البسيط بسبب طبيعة الظروف التي يمر بها النظامان السوري والعراقي وشدة الهجمة الاستعمارية ..وفي كل الاحوال فالهدف الاستعماري واحد ..وهو استعباد الشعوب وحماية اسرائيل وذلك بتدمير كل دعائم القوة النفسية والاجتماعية والاقتصادية والعسكرية السورية ...وباكاذيب واهية ومدسوسة كما فعلوا بالعراقيين ..سيكتشفها السورين بعد ان تدمر سوريا وتقسم ويتفرق شعبها طائفيا واثنيا وتصبح تابع لامريكا وسوق رائجة للمنتجات الاسرائيلية كما يحدث اليوم في العراق ودول الربيع العربي ...والا لماذا يفجر المتمردون انابيب النفط او المعامل او المؤسسات او استهداف الجيش والاجهزة الامنية ؟؟؟كل هذا لخلق الفوضى الخلاقة ...وما الغاية من تدريب وارسال المسلحين والانتحارين وتوزيع المليارات وباعتراف احد قادتهم البارزين وهو هيثم المانع ..ولماذا يشارك العراق بحصار السوريين ويمتنع عن استيراد المنتجات الزراعية ...ولمصلحة من ؟؟؟ الفلاح السوري عندما لايصدر ما يزرع ..بالتاكيد سيتوقف عن الزراعة ثانية ...اما بالنسبة للعراقي ..فانه سيضطر الى شراء المنتجات الزراعية بثلاثة اضعاف سعرها ...لقد اصبح سعر كيلو الطماطة 2500 دينار ...فهل تستطيع ميزانية العراقي التعبانة تحمل هذا الغلاء وانا شخصيا احدهم . ولماذا ؟؟؟لكي يرضى الاخوان المسلمون او ترضي السعودية او قطر او امريكا واسرائيل عن الحكومة العراقية .. اهذه هي العروبة ؟؟؟ ام هذا ما يدعوا اليه اسلامنا السياسي ؟؟؟ نقدم خدمة مجانية لاعداء امتنا ...والغريب لكي يرضى عنا اعداء امتنا ..كيف يستسيغ المسؤول العراقي محاصرة اخيه السوري ؟؟؟وهل نسينا وقفة الشعب السوري الرائعة والانسانية عندما احتضن اخوته العراقيين الهاربين من جحيم الحرب الاهلية الطائفية ...والذي لفت انتباهي ان بعض العراقيين من (المتعصبين الطائفيين )..يفرحون بقتل وحصار اخوتهم السوريين بحجة ليذوقوا مما ذاق العراقيون ...ولا اعتقد ان هذه الكراهية البغيضة هي من شيم واخلاق العراقيين الاصلاء...
بربكم ياناس ...هل يعقل ان يكون موقف روسيا والصين او فنزويلا او كوبا تجاه الشعب السوري ...انبل وافضل وأشجع واكثر انسانية من اشقاءهم العرب العراقيين ...واأسفاه على هذه الامة التعبانة ؟؟؟
اللهم ارفع هذه الغمة عن هذه الامة ..
اللهم احفظ العراق واهله اينما حلوا او ارتحلوا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - نوري المياحي مراءت الحياة العراقية والناطق با
الدكتورصادق الكحلاوي ( 2012 / 3 / 18 - 12:37 )
تحية استاذ نوري المياحي على مقالتك هذه
بصراحة ان اهم مايجمعني واياك-واعتقد معنا ملايين العراقيين هو حبنا لشعبنا
ولوطننا واستهدافنا لتخليصه مما وقع فيه من محن ومضائب خاصة في ال32سنة الاخيرة
ولانني لااتملقك وقلت بصراحه وانا من الجيل الذي عايش المرحوم ابو كاطع وكان صديقي وكنت استاذا لاكبر اولاده بجامعة البصرة قبل حوالي 40سنه-اقول انني واياك
اخي ابو الشهداء قد نختلف كثيرا او قليلا وهذه حقيقة لان الافكار تتولد عن الوقائع على الارض وتختلف رؤية الناس حتى للواقعة الواحدة التي امامهم حتى ان العراقيين قالوا-الشوف مو بالعيون-ولكن النعمة الكبرى التي تجمعنا هي اخلاصنا للعراق
وتفتيشنا للحلول التي تحميه وتنقذه وتطوره-اليس كذالك اخي نوري ابو الشهداء
وللحقيقة اقول ان الاستاذ نوري ليس اقتصاديا ولا يدعي انه استاذ في علم السياسة ولكنه اليوم بمقالته وفي غالبية مقالاته استطاع ان يرى في المراية العراقية مالم يره ليس فقط اخوتنا الدافئين في بلاد الدمقراطية بل حتى العديد من المتهوبزين المتعنقرين ممن هم ببغداد ولكنهم -كما قال لي احدهم وهو من السياسيين-منشغلون بمصالحهم حتى لو قل عدد قطع الثلج في بيكهم الويسكي


2 - اسف واعتذار
نوري جاسم المياحي ( 2012 / 3 / 28 - 14:09 )

استاذي الفاضل ...كلماتك اخجلتني واحرجتني لانني عاجز عن ايجاد الكلمات المناسبة التي تليق بمقامكم الغالي ...لان روحك الوطنية العراقية ومشاعرك الصادقة تدفعني لان انحني امامها اجلالا واحتراما واكراما واعترافا بنبل اخلاقك ..وعلو همتك واخلاصك لوطننا العراق الحبيب
وهنا لابد لي ان اعبر عن شديد اسفي لتاخري في الاجابة ..والسبب هو انني قمت بزيارة جد اولادي المريض في كربلاء ومكثت هناك عدة ايام...فاكرر اعتذاري ..وكلي امل بكرم اخلاقك ..ان تقبل عذري واعتذاري ..


3 - اسف واعتذار
نوري جاسم المياحي ( 2012 / 3 / 28 - 14:10 )

استاذي الفاضل ...كلماتك اخجلتني واحرجتني لانني عاجز عن ايجاد الكلمات المناسبة التي تليق بمقامكم الغالي ...لان روحك الوطنية العراقية ومشاعرك الصادقة تدفعني لان انحني امامها اجلالا واحتراما واكراما واعترافا بنبل اخلاقك ..وعلو همتك واخلاصك لوطننا العراق الحبيب
وهنا لابد لي ان اعبر عن شديد اسفي لتاخري في الاجابة ..والسبب هو انني قمت بزيارة جد اولادي المريض في كربلاء ومكثت هناك عدة ايام...فاكرر اعتذاري ..وكلي امل بكرم اخلاقك ..ان تقبل عذري واعتذاري ..

اخر الافلام

.. مراسل الجزيرة يرصد آخر تطورات اقتحام قوات الاحتلال في مخيم ن


.. اضطراب التأخر عن المواعيد.. مرض يعاني منه من يتأخرون دوما




.. أخبار الصباح | هل -التعايش- بين الرئيس والحكومة سابقة في فرن


.. إعلام إسرائيلي: إعلان نهاية الحرب بصورتها الحالية خلال 10 أي




.. السلوك العدواني.. من أسباب التأخر عن المواعيد