الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طوافات عرفانية (1) صوم الكلام

عادل علي عبيد

2012 / 3 / 18
الادب والفن




طوافات عرفانية (1)

صوم الكلام
عادل علي عبيد

هناك ../ على سفح النفس / تنوء قبرة بوحدتها / توغل بغربتها / تسكن مساحة الروح / هائمة تنوح .. / تسهم بالأفول / تنأى عن ذلك الصخب المريب / الذي يتوجس مسافات العقل والفعل / تستتر بظلها المفضوح / وتخفي شيئا من وجودها / تنشر استغاثاتها / لكن ثمة هتافات تناهز الضجيج / الضجيج الملتبس مع زحام الشك / الريبة التي تساور القلوب / توزع كشافات التقصي على امتداد أمارات التوجس / ومساحة المسافات المنتهكة / .. هناك / حيث الظواهر الدلالات ، راحت تحث الخطى متحرية فيض المداد / وجاهدة في كشف ظلمات الأوراق / ناصعها الذي يتماوج مع الاصفرار الزمني / .. على أديم الطرقات الممتدة / قبع ذلك الراهب بجلبابه القماط ، وخرقته التي تستر بقايا عظام / راح يتلو بصمت مفضوح تراتيله الترانيم / بهمهمة الخيول المتوجعة / تتسابق مفرداته المتعثرة وهي تلتف على لسانه المخشوشب / ذلك الذي يلهج ليل نهار بذكر خالق الوجود / المحرك الآلي / الأزلي / الهيولي / مفرداته التي تبحث عن مخارج لمآزقها المتجددة / الإثم الذي يقض ليله الطويل / والغور في الشك الملتبس مع توجس الذات / راح يبحث عن زمن الهزيمة / الأرواح التي تستبين نزعاتها / جالت تطوف بمحرابها متأرجحة بين الشهوة والعزوف / هناك ، تتمايل القبرة / نعم ، فثمة هزة أشعلت تلك القشعريرة الخجلة / العيون السكرى راحت تجول / تطوف بلا قرار / في فضاءاتها المزدانة بجموح الخيال / تبحث عن محطتها المغادرة / .. دون جدوى / فما عاد للنفس قرار ! / ناعسة تارة / وتارة في هيام / كم جرى النور بأحداقها / بلا استئذان / الجزع الذي راود أحلام القبرة / والسقم الذي هيمن على المكان / راح التفكر يخرق عبابه الثقيل / يتحسس أغنياته النادبات / لم يخلف عباب التأمل سوى لوحة من العذوبة والجمال / وراحت غرابة المواقف تفتق وجه الخيال / وتزيح شارد المشاهد نحو عالم يضج بالصخب المستديم / لم ندرك لحظة أثرا للهدأة / فحسبك سيدي ذلك التعنت الذي تتجاهر به نفسك / ودونك ذلك التعالي الذي لا يفضي إلا للهزيمة / نفسك المحتجبة خلف روحك / وروحك المتوارية خلف نفسك / تصرخ بحيرتها / وهي تفيض بزعيق تيهها / الخفاء الذي راحت تمتطيه وصولا إلى نشيد عالمها القلق / وعالمها الغيبي / ووجودها الذي استطال إلى العنان الشاهق / والفردوس الذي يقبع في الأقاصي البعيدة / الفيوضات التي تجتاحك تترك فيك نشوة تمتزج بين الارتجاف والدفء / بين الحقيقة والوهم / الوجود والعدم / الألفاظ التي أرغمته على الكلام / خرجت تتعثر بمعالم الوجود / وهي تخترق بريق العبارات وشعاع المعاني / راحت كشافات الشعر تفصح عن الق التوصيف / بمعان مجردة توحي للسمع جمال الأغنيات / وتثبت الحقائق / لامعة تترك شعاعا مستلا من خيوط الشمس / تبان مقاصدها جلية كصفاء البحيرات / تسلك سبلا مزدانا بزاد العارفين / إرادتهم ، إصرارهم الذي حجم أدوات الأفعال / الألطاف التي حصلوا عليها شاهدة مؤيدة لفعل ذلك الارتياض المستديم / وهو يجوب في دنيا المعارف والعرفاء / الوجد الذي يضغط على هوى الروح ويسحق غمرات النفس ، راح يتلو صلوات وأناشيد / وطوافات تطوي القريب البعيد / بضاعتهم العامرة بالتقوى / وانجذابهم إلى ما يبعد النفس عن مراحل الشهوات / أجنحتهم المرتعشة لم تستر سوى وجود هش / غادر ريشه من فرط اشتعال الدهشة / الغفلة التي تعتري النفوس تقترب خطاها من السن النار / تصطلي بحكايا الإثم / منغمرة من هول مشاهد الشهوات / المسوخ التي استهلكت صورها / أتحفت النفس بالتفكير / بالهيام في متاهات النفس والوجود / وراحت تمني أيامها وهي تحلم بعشبة الخلود / او تحصل على شيء من إكسير الحياة / فمثلهم سيدتي قد اغتر بفهمه غير عالم بما يحيطه من جهل يطبق حتى على بقايا أنواره / فالجهل وحده من ينخر ذاكرة العارفين / ويثقب جدر الفهومات ، ويخترق غليظ حجر القلاع الحصينة / فلا بيان او توضيح يكشف جلي الحقيقة / ولا حجب تحول دون شعاع تلك الأنوار / المقتربات من أفكارنا راحت تنأى بعزلتها وهي تغادرنا وتطوي شعاب الزمن / لم تدركها خطانا السابحة فينا / راحت تتألق وتغوص في رمال الزمن من دون أن تخلف عبارات للوداع / فما زالت خطانا الوئيدة تبحث عن أولى المحطات / وهي لا تدركها على الرغم من قريب المسافة وبسيط الطريق / إن خطانا المتخبطة بطرقنا المتشابكة لم تفصح عن معالم السبيل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - الناقد الرياضي فتحي سند : فرص الأهلي في الفوز بالبط


.. كل يوم - الناقد الرياضي فتحي سند : لو السوبر الأفريقي مصري خ




.. مهرجان كان السينمائي: آراء متباينة حول فيلم كوبولا الجديد وم


.. أون سيت - من نجوم شهر مايو الزعيم عادل إمام.. ومن أبرز أفلام




.. عمر عبدالحليم: نجاح «السرب» فاق توقعاتي ورأيت الجمهور يبكي ف