الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفدرالية حصان خاسر يراهن عليه السنوسيون

محمد عبعوب

2012 / 3 / 19
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


ارتكب السنوسيون ومن لف لفهم خطأً فادحا بامتطائهم لمشاعر التهميش والحرمان التي عان منها سكان بنغازي خلال عقود من حكم الطاغية المنهار ، ومشاعر الخوف من استمرار هذا الوضع بعد ثورة 17 فبراير، للوصول الى السلطة تحت لافتة الفدرالية كحل لوأد التهميش وضمان الحصة الاكبر من موارد البلاد .. متناسين انهم يراهنون على حصان خاسر خبره اهل بنغازي وبرقة قبل ستة عقود ونفضوا ايديهم منه لأنه لم يحقق لهم ما كانوا يصبون له من اسباب القوة والرفاه والتقدم الذي لايمكن لأي من أقليم ليبيا الثلاثة منفردا ان يحققه في ظل ما عرف بالفدرالية التي استعملها ادريس السنوسي بعد تأمره على برقة كخطوة لضمان حكم ليبيا كمملكة متحدة .

يكمن خطأ اباطرة الاسرة السنوسية الحاليين الذين دفعوا بالفدرالية كحصان طروادة لاستعادة عرشهم ، في ان هذا الحصان فاقد للفاعلية واصبح سلاحا قديما لا قيمة له في معارك اليوم التي تستخدم فيها اسلحة حديثة تواكب العصر.. نعم نجح ادريس السنوسي بطرحه للفدرالية كمدخل للوصول الى عرش ليبيا التي كانت قد خرجت لتوها من تحت الانتدابات الثلاثة الفرنسية والامريكية والبريطانية.. لقد كرس ادريس موطئ قدم له في برقة بإعلان نفسه أميرا عليها عقب تحريرها من قوات المحور حيث كانت الاقرب الى معقله الروحي في الجغبوب، ومنها اطلق مريديه نحو الجنوب والغرب ليؤسسوا له جسورا للسيطرة. وبعد الانتهاء من دحر قوات المحور، واستنفاذ الانتداب الثلاثي على أقاليم البلاد اسبابه، تبلورت رؤية لليبيا الجديدة، اعلن ادريس السنوسي وبمساعدة الدول المندبة على ليبيا دولة فدرالية في البلاد ليضمن صمت وولاء القيادات السياسية التي كانت ستخرج عن طاعته لو اعلن ليبيا دولة متحدة تسحب منهم سلطاتهم واختصاصاتهم المناطقية. وما إن اطمأن الى فرض سيطرته الكاملة على البلاد وولاء قياداتها المناطقية والقبلية له حتى قفز الى مركب الاتحاد الذي كان يقوده زعماء وطنيون يدركون ويؤمنون ايمانا كاملا بأن بناء الدولة المتحدة بإدارة مركزية في ليبيا هي الرافعة التي يمكن ان تنقل هذا الفضاء الصحراوي الفقير للموارد من وهدة الفقر والتخلف الى تحقيق نوع من الاكتفاء ورفع المستوى المعيشي للسكان الذين ابتليوا على مدى قرون بالاستبداد والاستعمار .

وقد نجح ادريس السنوسي في استخدام هذه النقلات السياسة في انجاز مشروعه السياسي النهائي لليبيا الموحدة، لأن الظروف كانت مواتية ، حيث نسبة الوعي السياسي بالانتماء لليبيا السياسة العروفة اليوم في أدنى مستوياته، ودرجة التواصل بين سكان الاقاليم الثلاثة على غير ما هي عليه اليوم، إذ تكاد تكون منفصلة طبيعيا وعمليا بحكم المسافات الفاصلة بينها وانعدام وسائل الاتصال والتواصل بينها، وهو ما اصبح اليوم متوفرا بكل الاشكال ، ملغيا بوجوده للجغرافيا التي كانت حاجزا أمام التواصل بين الليبيين.. هذه العوامل وغيرها هي التي اعطت لادريس السنوسي اسباب النجاح في التدرج من مرحلة إمارة برقة الى مرحلة ليبيا الفدرالية ثم بعد ذلك مرحلة ليبيا المتحدة .

أما اليوم، وفي العقد الثاني من الالفية الثالثة وعصر الفضاءات والتكتلات الاقتصادية القارية ، اصبح سلاح الفدرالية على مقاس ليبيا، كمن يشهر سيفا في وجه دبابة من آخر جيل انتجته ترسانات الغرب العسكرية!! لقد الغت ثورة المعلومات الرقمية الجغرافيا واختزلت الزمن، واصبح قادة حلف الناتو يجتمعون عبر الفضاء الافتراضي وهم في مكاتبهم كل بعاصمته!! الحكومات الألكترونية في دول نامية يلتقى أعضاؤها وكبار موظفيها عبر الهواء الافتراضي وهم في بيوتهم !! أخطر القرارات تتخذ من خلال التواصل عبر الاقمار الصناعية!! الحروب والمعارك تقاد وتدار بفاعلية من غرف عمليات لاوجود لها على الارض بل هي في اجهزة محمولة يتنقل بها القادة بين المدن والمكاتب !! وامام هذا الواقع الذي يلغي الجغرافيا على مستوى الكرة الارضية، وليس ليبيا فقط، تسقط واحدة من أقوى حجج دعاة الفدرالية التي يتعلل دعاتها ومسوقيها بالمسافات التي تفصل بين اقليم البلاد لفرضها كبديل لادارة البلاد وتقديم الخدمات .

أما مستوى الوعي السياسي المتقدم لدى الليبيين اليوم بخطورة النكوص والعودة الى مرحلة بدائية في البناء السياسي للدولة فقد عبروا عنها بوضوح لا يقبل الجدل او التشكيك، وذلك في المظاهرات العفوية التي انطلقت في كل مدن ليبيا شرقا وغربا وجنوبا رفضا للفدرالية ، بل يمكننا رصد حالة من الدهشة والاستهزاء والسخرية عند رجل الشارع العادي لدى الاعلان عن موعد طرح هذا المشروع الخدج، وذلك من خلال اللامبالاة التي قوبل بها الاعلان من قبل السواد الاعظم من المواطنين الذين ظنوا ان الامر يتعلق بشطحة صبيانية مماثلة لشطحات ناكر وغيره من امراء الحرب في البلاد الذين أغراهم الفراغ السياسي الذي احدثه الانهيار السريع للنظام، وتوفر بعض قطع السلاح بأيديهم بالخوض في مسائل أكبر من حجمهم ، فلم نرصد اي تفاعل مع التنويه عن موعد الاعلان عن المشروع المتآمر على وحدة ليبيا ، إلا بعد أن نظم له رعاته من بقايا الاسرة السنوسية الحالمين باستعادة عرشهم وقوى عربية وأجنبية لها أجندتها الخبيثة في ليبيا ذلك المهرجان المصطنع وتلك الفرقعة الاعلامية التي أوقدت غليانا شعبيا عبر عن وعي شعبي متقدم على هذه الثلة من اللاهثين وراء سلطة شبحية ولو على ثقب نملة .

كان جديرا بوريث عرش السنوسيين ومن يقفون وراء مشروعه المهترى إن كان لهم مشروع لحكم ليبيا ان يدخلوا حلبة السباق نحو السلطة عبر بوابتها الشرعية وهي صناديق الاقتراع والانتخاب الحر، وليس عبر استنساخ مشوه لألاعيب الطاغية بالقفز على الحقائق وتغييب الشعب الذي ضحى بأكثر من ثلاثين الف شهيد ومئات آلاف الجرحى والمشوهين ليبني ليبيا الجديدة القائمة على التعددية والديمقراطية والحريات عبر الوسائط المتعارف عليها دوليا وهي صناديق الاقتراع والانتخاب الحر وليس بتلفيق المهرجانات والكرنفلات الفوضوية لتمرير المشاريع المشبوهة والتلطي بنظريات وافكار سياسية لا يقبلها الليبيون ولا تتسع لها بلادهم التي يفرض عليها الواقع الدولي اليوم السعي لإقامة تكامل محسوب ومدروس مع دول مجاورة حتى تتمكن من امتلاك اسباب الوجود، وليس بالرجوع الى الخلف وتقسيم الوطن تحت ذرائع وشعارت وتلفيقات تجاوزها الزمن








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - امه متخلفه
جميل مزوري المانيا ( 2012 / 3 / 19 - 12:01 )

والله عمي دعيني اقول لك ايها الكاتب الكريم لاتوجد نظام افضل من الفيدرالية هي النموذج الديموقراطي السليم البلاد العربية. لأن الحكم المركزي ,المباشر مستحيل في بلاد العرب لكثرة الأعراق والمذاهب والفئات الإجتماعية المتمايزة. فالسلم الإجتماعي الداخلي لا يمكن التوصل اليه بدون نظام سياسي فيدرالي أي (اتحادي). وهذا النموذج هو الأصلح


2 - امه متخلفه
جميل مزوري المانيا ( 2012 / 3 / 19 - 12:03 )

والله عمي دعيني اقول لك ايها الكاتب الكريم لاتوجد نظام افضل من الفيدرالية هي النموذج الديموقراطي السليم البلاد العربية. لأن الحكم المركزي ,المباشر مستحيل في بلاد العرب لكثرة الأعراق والمذاهب والفئات الإجتماعية المتمايزة. فالسلم الإجتماعي الداخلي لا يمكنالتوصل اليه بدون نظام سياسي فيدرالي أي (اتحادي). وهذا النموذج هو الأصلح
.النظام الفيدرالي الاتحادي سوف يبقى دائمالمفتاح ان لم نقل الوحيد ولكن هوالقادر لحل جميع او اغلب المشاكل للدول التي تعاني من الانقسامات الداخليه والتباينات الطبقيه والدينيه والمذهبيه والعرقيه والقوميه والى ما شابه ذلك والعراق خير دليل على ذلك .
الفيدراليه كانت دائما والى حد كبيرالحل والمخرج الوحيد لنظام حكم مستقر وعادل والقادر على ان يضمن جمع الحقوق والحريات وتقسيم الثروات بدون استثناء وتباين بين فرد واخر ولجميع مكونات الشعب في تلك الدولة .تسير عليه .ان سوء الخدمات و تردي الاحوال المعيشية و البطالة و الفساد الاداري او بمعنى اخر السياسة الداخلية المتبعة من قبل الحكومة المركزية خلقت نوع من اليأس الذي ادى بالناس الى المناداة بالاقاليم


3 - لا للكنفدرالية ولا للدولة المدنية
مسلم ( 2012 / 3 / 19 - 12:11 )
الليبيون لم يقوموا بثورتهم كي يحكموا بالديمقراطيةوالتعددية والحريات الشخصية وكل القيم التي اتتنا من الغرب الكافر والماجن بل ضحوا من اجل ارساء دعائم دولة الاسلام والخلافة الراشدة والجهاد ضد الغرب الكافر وضد الصوفية والشيعة والعلمانيين والديمقراطيين

اخر الافلام

.. التبوريدة: فن من الفروسية يعود إلى القرن السادس عشر


.. كريم بنزيمة يزور مسقط رأس والده في الجزائر لأول مرة




.. بعد إدانة ترامب.. هل تتأثر فرص فوزه في الانتخابات الرئاسية ا


.. لابيد يحث نتنياهو على الاستجابة لمقترح بايدن بخصوص اتفاق غزة




.. الوسطاء يحثون إسرائيل وحماس على التوصل لاتفاق هدنة في غزة