الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب العمال الثوري العربي

محمد الحاج ابراهيم

2005 / 1 / 17
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رحلة قاربت الثلاثين عاما بدأت يوم كان الجسد قويا والعقل راجحا ،وانتهت حين أصبح الجسد ضعيفا والعقل(؟)
في مقابلة على صفحات مجلة أبيض وأسود التي تصدر في دمشق ،وتحت عنوان ((جسد صغير وعقل كبير))كانت مع السيد عبد الحفيظ الحافظ ،الذي قصد من العبارة هذه أن يُعطي لحزب العمال الثوري العربي الذي أسسه المفكر السوري الكبير ياسين الحافظ صفة العبقري ثقافيا والضعيف تنظيميا ،ولو ناقشنا هذه العبارة لاستنتجنا أن هذا الحزب لشدة بلاغته الثقافية تغرب عن الواقع ولم يعد هناك أحد يفهم عليه ،وبالتالي لم يستطيع استقطاب أحداً فأفلس تنظيميا وخرج من الفعل السياسي ،وأنا كعضو أمضى أكثر من عقدين من الزمن معه ،أرُدُّ التغرب والإفلاس إلى أسبابه الأساسية التي أوصلته إلى حالته البائسة هذه.
بمقارنة نقدية للحزب بين مراحل التأسيس الأولى ككتلة(الفكر+حملة الفكر)،وبين ما هو عليه اليوم، نجد أن مؤسسه كان ملتقطا للّحظات السياسية التي تعبرُ أمامه ،محلّلا إياها علميا ،لأنها تُمثِّلُ إحدى إفرازات الواقع ،وهو الذي كان يقول:((علينا أن نُخرِجَ رؤوسنا من الواقع ،لاأن نخرج الواقع من رؤوسنا))وهذا شكلٌ اعتُمد ليكون ناظما لنا في اندماجنا في الواقع الذي نتعلم منه ونضيف له مما تعلمناه من الكتب دون شروخ بيننا، لقد كانت مرحلة قيادة ياسين الحافظ للحزب بكلمة حق تُقال مرحلة الإبداع المعرفي والسياسي ،وهذه الحال استمرت حتى أوائل التسعينيات من القرن الماضي حين بدأ التراجع السياسي الذي وصل حد الإفلاس في العام 2000م ،وبدأ التراجع المعرفي حين لم يعد هناك نقد علمي مترافق مع المتغيرات في العالم والمنطقة ،وخاصة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي ودول الكتلة الشرقية ،فأصبحت المعرفة التقليدية هي الأساس المُمِلِّ التي يعتمدها الحزب ،وهذا ماكان له منعكسه السلبي التنظيمي عليه.
فقد الحزب بريقه وألقه بعد عام 2000م رغم أنها فترة الحراك الحقيقي له ،ومقارنة بين أداءه في أوائل الثمانينات من القرن الماضي مع هذه الفترة ،نخرج بنتيجة مؤداها أنه كان يؤذن بتوقيت دقيق والآن يؤذن في غير أوقات الصلاة ،أي صار خارج السرب وأصبح يُخرج الواقع من رأسه بعد أن كان يُخرج رأسه من الواقع،هكذا رأيته خلال رحلة قاربت الثلاثين عاما ،وهكذا كانت المقارنة بين البداية والنهاية المحزنة لحزب أفنى نفسه مؤسسه ليكون حزبا ،لكن الانغلاق الذي تحدث عنه أد غار موران في كتابه مقدمات للخروج من القرن العشرين الذي كان أحد الأسباب التي أدت إلى انهيار الاتحاد السوفييتي ،نفس الإنغلاق هو الذي أدى إلى غربة الحزب عن الواقع واضمحلاله وتلاشيه في أوساط الناس،يُضاف إلى ذلك أسبابا أخرى ساهمت في هذا الانغلاق والغربة في الواقع ،وتلك أسباب خاصة يمكن طرحها مع المعنيين بها.
قضية الجدل بين العقل والواقع إحدى المرتكزات الأساسية التي اعتمدها المؤسس لمواكبة المتغيرات فكريا وسياسيا وتنظيميا ،لكن التقليد ألغى الجدل فحول الحزب إلى حالة كلاسيكية لا تستطيع الاندماج بواقع متغير ،ما أفرز روح وعقلية المؤامرة لدى البعض وخاصة في المسألة التنظيمية التي صارت تصيّدا ودخولاً في دوّامة اللاجدوى ،ما أوصل العديد من أعضائه إلى اليأس والخروج دون النيّة بالعودة إليه ،لأنّه لم يعد يمثل المشروع الذي قام على أساسه ،وهذا عائدٌ لحَمَلَة لوائه إن كانوا مؤمنين به، بالمسارعة في ترميمه مما أصابه من رضوض وتشوُّهات ،علّ هذا الترميم يعيده لما كان عليه ،والترميم هذا مشروط بتحقيق ثلاثة مسائل أساسية هي:1- تجديد آلية التفكير والتحرر من عقدة المثقف النوعي 2- الانغراز في الواقع ميدانيا وليس تنظيريا 3-ضابط الارتباط المتميز المتحرر من التكسُّب.
إذ من اللامعقول لحزب ثوري بعد أربعين عاما أن يكون عدد أعضاءه عشرات ،وهذا مؤشر شيخوخة له وهو شاب بعد أن كانوا أعدادا ،ما يستدعي المراجعة النقدية التي توضح الأسباب التي أوصلته إلى هذه الحالة البائسة ،بعد أن كان ((غيفارا))الوطن بثورته فكريا وسياسيا وتنظيميا،وعلى السيد عبد الحفيظ أن يسأل نفسه عن الأسباب الرئيسية والثانوية التي كانت وراء التراجع هذا ،وعن دوره هو بذلك ،ودور الرفاق الآخرين في القيادة المركزية أيضا ،لأنه الحزب الوحيد الباقي على هذا الوضع لأنه يعاني من تخلفا في بنيته وهو ماحذر منه مؤسسه الذي اعتبره مع غيره يشكل رافعة لنهضة الأمة حين يكون حزبا حديثا متجددا بكل مقومات وجوده ،وتطور الحزب أيا كان مرتبط بأشخاصه وحملة لوائه وطبيعة مشروع التطوير الذي يقدموه كحلاًّ لأزمته الحالية التي صنعتها عقلية غير ديمقراطية واحتكارية بوقت واحد ،فصارت تتعامل معه كجزء خاص بها أو من أملاكها ،فتقيم الحد وتلغيه على أسس غير معقوله وأمور أخرى يمكن تناولها مع المعنيين كما قلت في سياق الموضوع. ختاما….لعبد الحفيظ ورفاقه تحية تكتنفها دعوة لقول الحقيقة بما يتعلق بحزب أصبح ككتلة(الفكر+حملة الفكر)من الماضي وهم في الحاضر ،أي أصبحت الكتلة غريبة في حاضر متفاعل نشط.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البقاع شرق لبنان: منطقة استراتيجية بالنسبة لحزب الله


.. بعد مقتل حسن نصر الله.. هل كسرت إسرائيل حزب الله؟




.. تباين| مواقف هاريس وترمب من العمل في ماكدونالدز


.. عواصف وفيضانات غمرت مناطق متعددة في ولاية فلوريدا جراء ضرب إ




.. أمين عام المجلس الإسلامي العربي يتهم إيران بتسليم إحداثيات -