الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العودة للوطن سرا لحضور المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي

سعاد خيري

2012 / 3 / 20
سيرة ذاتية


العودة للوطن سرا
لحضوري المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي
دعينا زكي وانا الى المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي , كاشخاص غير مرغوب فيهم لان مواقعنا الحزبية تفرض حضورنا , ولاسيما بالنسبة الى زكي خيري عضو المكتب السياسي ولم يمض اكثر من سنة على اعادة انتخابه بالاجماع لعضوية المكتب السياسي بعد ان اعد مشاريع اهم مواد المؤتمر , مشروع برنامج الحزب ووثيقة تقييم سياسة الحزب الشيوعي في فترة التحالف مع البعث.
لم يجر تسفيرنا على الطريق المختصر والمريح الذي سلكه قادة الحزب الاخرين , طريق القامشلي وعبور الخابور بالزوارق ومن ثم بالسيارة الى دركلة حيث يعقد المؤتمر, وانما عبر طهران , اسوة مع بقية المندوبين. سافرنا الى طهران بالطائرة وبقينا ثلاث ايام في بيت ابي علاء مسؤل التنظيم الحزبي في ايران. واثار حزني ما احدثته الحكومة الاسلامية من تغيرات سلبية ارجعت طهران عشرات السنين الى الوراء عما كانت عليه عام 1961, عندما مررت بها اثناء هروبي من الوطن الى موسكو للدراسة. فقد كانت طهران لا تقل جمالا عن اروع المدن الاوربية . حيث البولفارات باشجارها الوارفة واسواقها المنظمة ونساؤها الجميلات باحدث الازياء الاوربية , رغم الهوة السحيقة بين مستوى طهران ومستوى الاطراف ولاسيما في الجنوب. وكان ما يميز طهران هذه المرة , الاكتضاض السكاني في جميع المناطق التي زرناها ولاسيما بالغابات السوداء للنسوة المحجبات . فلم يعد لي رغبة بالخروج الى الشارع . ومن هناك سافرنا بالسيارات الى الحدود العراقية الايرانية . كان معنا رفيقان عدا المرافق وكنا نحلم برؤية ارض الوطن بعد فراق ستة سنوات لنقبل تربتها ونشم عطر هواءها ونستظل بسمائها .
واذا بالمحطة الاولى التي بلغناها بالسيارة تحتلها القوات الايرانية. وكانت احد مقرات الحزب الشيوعي السابقة وسلمت للايرانيين بكل ما صنعه وابتكره البيشمركة من وسائل لتنظيم حياتهم. تألمنا كثيرا واصبنا بخيبة امل. وحاول الرفاق تخفيف ذلك بالقول انهم على استعداد لمساعدتنا ومن بينهم اعضاء في حزب تودا.
ومن هناك بدأ الانتقال سيرا على الاقدام الى حيث يعقد المؤتمر. وكردستان كلها جبال ومرتفعات مختلفة . التفت الى زكي بعد ان تاخر بالصعود الى احد المرتفعات ولاحظت ساقاه متقوستان ووجهه ممتقع وعلى وشك السقوط. فصرخت فالتفت الركب اليه وتقدم احد الرفاق الاكراد وحمله على ظهره الى القمة . وفي المحطة الثانية امدونا ببغلين لحملنا.
لاول مرة في حياتي اركب البغل وساعدني في الركوب رفيق بعد شبك يديه لاصعد عليها. فترددت ولم اتحمل ان ادوس على يد رفيق لاصعد. ولكنهم ابلغوني بان هذا شئ اعتيادي ولابد منه. وبعد الجلوس المريح والمخيف في وقت واحد اخذت ارقب سلوك البغل وخطواته الواثقة. فقد كان كثير التروي في وضع اقدامه ولاسيما في المنحدرات الخطرة والاماكن الضيقة التي يؤدي اي خطأ في وضع القدم الى هلاكه مع راكبه بالسقوط من اعلى القمم الى الوادي عبر اشكال من الصخور. ولم استطع الثبات على ظهر البغل عندما يشرب الماء من الينابيع الرقراقة , فكنت انزلق عن ظهره الى الارض وعلي ان اعاود الصعود بمساعدة الرفاق.
ما اجمل كردستان واغنى طبيعتها ولكننا كنا نتوق لرؤية البشر فالمناطق الجميلة التي مررنا بها كانت مهجورة بسبب تبادل القصف من الجهتين , العراقية والايرانية على المنطقة واثار القصف وبقايا البيوت المحفورة في الجبال وعلى منحدراتها . ونادرا ما كان يمر راعيا مع اغنامه وبين حين واخر نرى مفرزة من البيشمركة , يحمل احدهم ترانزستر ويستمعون معه الى الاغاني العراقية . واخيرا وصلنا الى المحطة الاخيرة ووجدنا الوضع صاخبا . فالنقاشات في كل زاوية وتحت اي شجرة وعلى القمم والمنحدرات.
ذهبت لاستلام مكاني مع المندوبات وزكي ذهب مع القيادة. وبعد مطرة مفاجئة تسرب الماء الى فراش زكي فاصيب بالانفلونزة وارتفعت حرارته فاخذت ارعاه واعد له السفرجل الذي اجمعه من الاشجار واشويه بالنار. وساعدنا اصغر بيشمركة كردي واسمه ارام بايصال الطعام لنا حتى تحسنت صحة زكي واستطاع ان يخرج من الكبرة. وهي غرف تصنع من جذوع اشجار خاصة في كردستان , السبندار , رفيعة وقوية جدا, تحاط بالبطانيات الصوف للتدفئة في الشتاء وتبقى عارية في الصيف للتهوية. وسقوفها مغطاة بالاشجار والطين.
والتقيت مع مجموعة من النصيرات الباسلات اللواتي اقتحمن ميدان الكفاح المسلح , وشعرت امام وقفتهن وتقاطيع وجوههن وسلوكهن منذ البداية بانني امام تجربة انسانية رائعة تستحق الدراسة والتقييم. وبدأت اسأل واغوص في اعماق شابات بعمر الورد تركن الاجواء العائلية الحميمة ومقاعد الدراسة او العمل, واخريات تركن مقاعد الدراسة في بلدان اوربا ليتجولن بين شعاب الجبال حاملات السلاح في مجتمع قروي ولغة اخرى, يدفعهن شعور طاغ الى تحمل كل تلك الصعوبات التي لم تخطر على بالهن اوتصورتهن, من اجل تحرير الشعب العراقي من الدكتاتورية ومن الكوارث التي سببتها. وبكل التحدي ليس فقط لما يحملنه من ارث سايكولوجي ثقيل ورومانتيكية حالمة فضلا عن مواجهة المحيط الفلاحي والقروي الذي يعتبر الكفاح المسلح هو مهمة الرجال فقط والمرأة المسلحة التي تجوب الجبال اما مسترجلة او فاسقة. وحتى نظرات زملائهن الانصار على تباينها من العطف الاخوي على شقيقاتهم الاناث الاضعف الى نظرات الاعجاب والهيام بالجنس الاخر . وبكل شجاعة قبلن التحدي وتصرفن بود دفاعي مع الجميع ليصبن كل حقدهن وطاقاتهن على اعداء شعبنا. فخضن المعارك في مفارز مشتركة مع الرجال وقدمن العديد من الشهيدات. وساهمن في الاعمال الادارية والاعلامية وبرزت منهن مذيعات وصحفيات وفي جميع ميادين الفن. وكان للطبيبات والممرضات والمعلمات الدور الاكبر في التحام البيشمركة بجماهير الشعب الكردي المحروم من الرعاية الصحية والاجتماعية والثقافية لعقود. وبرزن في النشاط الجماهيري وكسبن حب واحترام الجماهير الفلاحية بما قدمنه من مساعدات طبية واجتماعية وفي العمل على رفع الوعي الوطني والاجتماعي والصحي وكافحن الامية في صفوفهم. والتقيت بينهن هندية ابنة الشهيد وصفي طاهر وهي تتقد حماسا واعتزازا بمهمتها كخبيرة تلفاكس. وجدت بينهن من مارست هذه التجربة الرائدة لعدة سنوات ومن هن حديثات العهد ولكن على وجوه الجميع كانت تطفح اشراقة الحب والامل والثقة بالمستقبل بانتصار شعبنا على اعدائه واعتزازا باسلوب الكفاح الذي اخترنه وبما يقدمنه من تضحيات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - أكتبي مقالات لا تزعل الفقيد زكي خيري
حسين قادر ( 2012 / 3 / 20 - 13:22 )
المناظلة أم يحيى
تحية شيوعي.., لم أتفق مع عبارتك
دعينا زكي وانا الى المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي العراقي , كاشخاص غير مرغوب فيهم لان مواقعنا الحزبية تفرض حضورنا ...الخ كذلك لم أتفق مع عبارتك الآتية
لم يجر تسفيرنا على الطريق المختصر والمريح الذي سلكه قادة الحزب الاخرين , طريق
القامشلي وعبور الخابور بالزوارق ومن ثم بالسيارة الى دركلة حيث يعقد المؤتمر..الخ والعبارتين أكدتا لي إبتعادك التنظيمي عن الحزب وهذا شيء مؤسف لأن هذه اللغة هي ما ينجر اليها غالباً المبتعدون عن الحزب الذين يتصورون أن كل شيء يعمله الحزب لهم هو ضدهم وهذا غير صحيح ويمكنك سؤال الشيوعيين عن هذا الطريق مال القامشلي وشكد قدم به الحزب من شهداء. وخاصة شهداء مفرزة الطريق وغيرهم .تحياتي لك وأرجوا أن تنتبهي مستقبلاً في مقالاتك اللاحقة والتي ربما سيزعل منها الفقيد زكي خيري لو كان حياً ..! تحياتي لك


2 - لم يکن للطريق علاقة بـ(اشخاص غير مرغوب بهم)ه‌
هاوار ( 2012 / 3 / 20 - 13:51 )
انا لا اتناول هنا قطعا اشکاليات علاقة سعاد وزکي خيري بالحزب. ان طريقة أيصال الرفيقين العزيزين سعاد وزکي خيري الي مکان انعقاد المؤتمر لا يمت بصلة باشکاليات علاقة سعاد وزکي خيري بالحزب اطلاقا. فمعظم المندوبين القادمين من الخارج قد سلکوا ذات الطريق، الذي هو اسهل وأقصر بکثير من طريق القامشلي. فمکان عقد المؤتمر کان في خواکورك. وبالامکان عبر (گوگل- ماپ) رؤية موقعه‌ في الأراضي العراقية من المثلث الحدودي العراق- ايران- ترکيا، بينما دخول کردستان عبر القامشلي يکون من الجهة الغربية للعراق ويستغرق الوصول من خلاله‌ الي مکان انعقاد المؤتمر عدة اسابيع (لانعدام طرق السيارات)! وليس عدة ساعات کما تم.

کنت اتمني علي سعاد خيري، وهي صاحبة الخبرة والارث الکبيرين، ان تجعل من موضوع مقالها هذا اما تناولا لتلك المسائل الفکرية والسياسية التي شکلت اساس اشکاليات علاقة سعاد وزکي خيري بالحزب، او مثلا وصفها لما راتها خلال تواجدها لايام هناك، کما فعلت وبحق (ولو قليلا) مع مآثر البطلات المجهولات من النصيرات الشيوعيات.


3 - ملاحظات سريعة للعزيزة أم يحيى
كاظم حبيب ( 2012 / 3 / 20 - 16:28 )
من المفيد جداً أن يكتب المناضل مذكراته الشخصية ومذكرات من رفاقه في حياته الزوجية. ولكن هذه المهمة تستوجب وجود ثلاثة مستلزمات مهمة: أن تكون ذاكرة الشخصية طرية وحية لا تشوبها شائبة أولاً, وأن يعتمد على الوثائق التي لا يتسرب إليها الشك ثالثاً, وان يكون متواضعاً مع نفسه ويبتعد عن الذاتية ويطرح ما يقترب من الحقيقة إن لم يستطع قول الحقيقة أو نسي بعضها.
سأحاول مراجعة ثلاث مسائل طرحتها العزيزة أم يحيى ولم تكن موفقة فيها, بل بعيدة كل البعد عن الواقع والحقيقة على نسبيتها:
1. حول التسفير
لقد كان تسفير الرفاق عبر طهران امتيازاً لا يتحقق لكل رفيق شيوعي, بل للرفاق المرضى أو كبار السن أو من يجب أن يصل بسرعة إلى سوريا لمهمات حزبية. وهكذا كان الأمر بالنسبة للرفيق أبو يحيى والعزيزة أم يحيى. أذن لم يكن الإبعاد ومحاولة الإساءة لهما السبب في إرسالهما عبر طهران إلى سوريا, بل العكس هو الصحيح, أي كان امتيازاً لهما. وكان الرفيق عزيز محمد هو الذي رأى ذلك وكان على صواب كبير, إذ كان يكن لأبي يحيى ولأم يحيى كبير الاحترام, وكذا بقية الرفاق المسؤولين. كما إن أبو يحيى لم يكن كبير السن فقط, بل ويعاني من أوجاع كثيرة


4 - متابعة الملاحظات
كاظم حبيب ( 2012 / 3 / 20 - 16:29 )
2. بصدد التقييم.
لكي لا أطيل في هذا الموضوع. في العام 1981 شكل المكتب السياسي للجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي لجنة ثلاثية مكونة من: الرفيقة الدكتورة نزيهة الدليمي والرفيق عادل حبة والرفيق كاظم حبيب كلفوا بكتابة التقييم. وكان الرفيق عزيز محمد يشرف بين فترة وأخرى على الأجزاء المنجزة من هذا التقييم. ولم يكن للرفيق زكي خير أي دخل في كتابة التقييم بأي حال. وحين انتهينا منه نحن الثلاثة عرض على المكتب السياسي. وتأخر طرحه, إذ نوقش ومن ثم عرض على المؤتمر الرابع للحزب. وعليه فأن القول بأن الرفيق زكي خيري هو الذي كتب التقييم خطأ لا مبرر له ولا يضيف ولا يقلل من أهمية الرفيق الفقيد والمناضل الكبير والشيوعي المخضرم أبو يحيى, ولكنه يجافي الحقيقة.
يتبع


5 - يتبع الملاحظات للعزيزة أم يحيى
كاظم حبيب ( 2012 / 3 / 20 - 16:31 )
3. برنامج الحزب
يبدو لي أن هناك اعتقاد لدى العزيزة أم يحيى بان الحزب دون أبو يحيى ما كان له أن يعمل ويفكر ويكتب. لقد كان لأبي يحيى موقع مهم وقيادي معروف في الحزب. ولكن كان هناك الكثير من الرفاق الشيوعيين من كانت لديهم إمكانية الكتابة والمشاركة الفكرية الفعالة. لقد وضع البرنامج على مراحل, وإحدى هذه المراحل كان الرفيق زكي خيري على رأس إحدى اللجان, ولكن لم يكتبه هو بل كتب من عدد من الرفاق واللجان كل في مجال الاختصاص, ونوقش كثيراً ثم شكلت لجنة أخرى في كردستان في الفترة الأنصارية وطرح هناك. كما إن الرفاق القياديين في دمشق حينذاك ومنهم الرفاق فخري كريم والدكتورة نزيهة الدليمي وعادل حبة وعامر عبد الله وزكي خيري وغيرهم دور في ذلك.
كم أتمنى على العزيزة أم يحيى أن تكف عن كتابة المذكرات من خلال الذاكرة فلم تعد ذاكرتها تسمح لها بذلك, كما لاحظت من متابعة المقالات الأخيرة بهذا الصدد, أو أن رغبتها هي التي تتجلى على الورق. وهو أمر غير مقبول
مع ودي واحترامي


6 - تصحيح
مسعـــــــــود ( 2012 / 3 / 21 - 05:49 )
سيدتي العزيزة ، وددت جذب انتباهك الى ان المؤتمر الرابع للحزب الشيوعي الذي اشرت اليه عقد في خواكورك، وليس في دركله كما تفضلت، والفارق بينهما مسير ايام.

اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا