الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


البرنامج النووي الإيراني والابتزاز الإسرائيلي لواشنطن

عليان عليان

2012 / 3 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


من تابع تهديدات رئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو لإيران عشية لقائه مع الرئيس الأميركي باراك أوباما في التاسع من شهر مارس- آذار الجاري، اعتقد أن (إسرائيل) باتت على مسافة أيام معدودات من توجيه ضربة جوية للمنشآت النووية الإيرانية، خاصةً أنه سبقت هذه التهديدات تصريحات من قبل نتنياهو نفسه أن الكلفة السياسية والمادية والأمنية المترتبة على (إسرائيل)، في حال توجيهها ضربة للمنشآت الإيرانية في هذه الفترة، ستكون أقل بكثير من الكلفة الأمنية والسياسية والمادية المترتبة عليها، في حال امتلاك إيران للقنبلة النووية.
يضاف إلى ذلك تصريحات صادرة عن وزير خارجيته ليبرمان بأن (إسرائيل) غير معنية بالتشاور مع الولايات المتحدة بخصوص توقيت الضربة لإيران، وان قرار قصف المنشآت النووية الإيرانية مسألة سيادية محضة (لإسرائيل)، حيث جاءت هذه التصريحات في مناخ المزايدة الانتخابية التي يمارسها الحزب الجمهوري على الحزب الديمقراطي، حين أعلن السناتور الجمهوري جون ماكين من داخل تل أبيب أن من حق (إسرائيل) أن تقرر الضربة وتوقيتها بدون ضغوط خارجية.
لكن القراءة المتأنية لتلك التهديدات تكشف وكما قلت في لقاء لي مع فضائية القدس قبل لقاء نتنياهو مع أوباما "بأنها تهديدات ذات طابع ابتزازي" للرئيس الأميركي وهو يستعد لمارثون الانتخابات في مواجهة خصمه من الحزب الجمهوري، حيث يدرك الأول المأزق الانتخابي لأوباما وتراجع حضوره الانتخابي في استطلاعات الرأي جراء استمرار الأزمة المالية والاقتصادية التي تعصف بالولايات المتحدة منذ عام 2008، خاصةً وأن الاقتصاد الأميركي لم يتعافى في عهده من آثار وتداعيات تلك الأزمة التي ورثها عن الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن.
فنتنياهو أراد أن يساوم واشنطن في مسألة الضربة الجوية لإيران بحيث يؤجل موعد الضربة المحتملة لها، وبالتنسيق والتشاور مع الحليف الأميركي لمرحلة ما بعد الانتخابات – نزولاً عند رغبة واشنطن - إذا لم تتراجع ايران عن برنامجها النووي العسكري، وإذا لم تنجح العقوبات الدولية والغربية المفروضة عليها في تحقيق هدف وقف تخصيب اليورانيوم اللازم لإنتاج القنبلة النووية.
لقد امتلك نتنياهو في مساومته مع أوباما بالإضافة إلى ورقة التهديد بقصف إيران في هذه المرحلة، ورقة ضغط اللوبي اليهودي الذي جرى التعبير عنه في مؤتمر اللجنة الأميركية اليهودية " الأيباك" ذلك اللوبي الذي يلعب دور بيضة القبان في فوز هذا المرشح الرئاسي أو ذاك في الانتخابات الرئاسية المقبلة، والذي يشكل مرجعية للإدارة الأميركية في رسم سياستها الخارجية بشأن الشرق الأوسط والصراع العربي- الإسرائيلي ، وفي الذاكرة المؤلف الشهير للسناتور الأميركي بول فندلي" من يجرؤ على الكلام" الذي يشرح فيه بالتفصيل مدى خضوع السياسة الأميركية الشرق أوسطية للاملاءات اليهودية.
ونتنياهو مقابل الامتناع عن توجيه ضربة جوية وصاروخية لإيران هذا العام وريثما يجري تقييم العقوبات الاقتصادية الغربية لها، يريد من إدارة أوباما ما يلي:
أولاً: إبقاء موضوع المفاعل النووي الإيراني على رأس جدول أعمال الإدارة الأميركية في الفترة الراهنة، وحتى موعد إجراء الانتخابات الأميركية.
ثانياً: الحصول على ضمانات من الرئيس أوباما باستمرار التصعيد ضد إيران في حال فوزه في الانتخابات الرئيسية، والحصول على ضمانات بتحديد الخط الأحمر، الذي في ضوئه تتخذ الإدارة الأميركية قراراً بالمشاركة في عملية عسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية.
ثالثاً: الحصول على مساعدة عسكرية نوعية من الولايات المتحدة.
وقد تمكن نتنياهو من الحصول على معظم ما ذهب من أجله إلى واشنطن، إذ صعدت الإدارة من لهجة تهديداتها لإيران مؤكدة أن كافة الخيارات مفتوحة في المرحلة القادمة بما فيها الخيار العسكري ، وحصل كذلك على ضمانات بإبقاء قضية النووي الإيراني على رأس جدول أعمال الإدارة الأميركية.
والأهم من ذلك كله حصل نتنياهو على الدعم العسكري المطلوب عبر الحصول على وعد أميركي، بتزويد (إسرائيل) بقذائف صاروخية متطورة قادرة على اختراق التحصينات الخراسانية للمنشآت النووية الإيرانية.
ما يجب الإشارة إليه أن حكومة العدو الصهيوني تدرك وهي تمارس هذا الابتزاز للإدارة الأميركية مسألتين هما:
أولاً: أن الإدارة الأميركية لا يمكنها أن تخوض حرباً ضد إيران وهي لا تزال غارقة في أوحال أفغانستان ، وفي عام الانتخابات الرئاسية وفي ضوء عدم تعافي الولايات المتحدة من الأزمة الاقتصادية .
وثانياً: أن (إسرائيل) أعجز من أن تشن حرباً ولو محدودة لوحدها ضد إيران لاعتبارات عديدة، كونها من جهة لا تملك التقنيات والقذائف الصاروخية القادرة على اختراق التحصينات الإيرانية ومن جهة أخرى فإنها لو وجهت هذه الضربة فسيكون تأثيرها محدوداً بحيث يكون بوسع طهران ترميم آثار الضربة بزمن قياسي، ناهيك أن هذه الضربة لو تمت ستكون غير مغطاة بقرار دولي، ما يعزز الموقف السياسي لإيران في مواجهة الحملة الغربية ضدها.
ومن جهة ثالثة فإن (سرائيل) تدرك أن رد إيران وحلفائها سيكون في غاية القسوة، فإيران تهدد بقصف عمق الكيان الصهيوني بكم هائل الصواريخ المتطورة، والتي جرى اختبارها في سلسلة المناورات التي أجرتها القوات الإيرانية مؤخراً في بحر العرب، وتهدد بإغلاق مضيق هرمز، وبضرب البنية التحتية النفطية في دول الخليج.
وتدرك (إسرائيل) أيضاً أن حزب الله اللبناني لن يقف مكتوف الأيدي حيال أي ضربة توجه ضد إيران، وسيمطر العمق الإسرائيلي بآلاف الصواريخ من مختلف الأنواع المتطورة، على نحو يفوق بكثير تأثير الصواريخ التي أطلقها في حرب عام 2006 ، وهذا ما لا يستطيع الكيان الصهيوني تحمله في حال خوضه الحرب لوحده، بحكم المفاعيل المتوقعة لتلك الهجمات الصاروخية على الجبهة الداخلية الإسرائيلية، وعلى سؤال وجود الكيان الصهيوني برمته.
وهنالك عامل لا يمكن تجاهله من قبل الخبراء الإستراتيجيين في الكيان الصهيوني، ألا وهو الموقف الروسي، حيث أنهم يرصدون موقف القيادة الروسية من الأزمة في سوريا ويرون وقوفها إلى جانب النظام في سوريا، ويتوقعون ذات الموقف في وقوف موسكو إلى جانب النظام في إيران، لأن المسألة باختصار تخص الدفاع عن الجانب الجيوبوليتكي لروسيا إضافة لعوامل أخرى تتعلق بضرورات الوجود الروسي في منطقة الشرق الأوسط.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عزوف واسع عن التصويت في جولة الإعادة بالانتخابات الرئاسية ال


.. من وراء تسريب بيانات ملايين السوريين في تركيا؟




.. وزارة الداخلية الإيرانية: نسبة المشاركة في الانتخابات الرئاس


.. نافذة خاصة من إيران ترصد جولة الحسم من الانتخابات الرئاسية




.. تسريب بيانات 3 ملايين لاجئ سوري في تركيا.. والمتورط في الواق