الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إلى أمي

إيمان البغدادي

2012 / 3 / 21
الادب والفن


أمي

كم أشتاق لطعم كلماتكِ المُمسّكة
ودعاءكِ لي صُبح مساء

كم أشتاق لرائحتكِ
وأنت تعانقيني بشدّة

كم أشتاقُ لِخفّة دمكِ

وأنت تعترضين
كيف أصبحتْ قامتي أطول
من قامتكِ


أمي
أحنّ كثيراً لصوتكِ الجميل
وخاصةٌ حين يعلو قليلاً
وأنتِ تعاتبين أبي
فكيف يشتري ثلاثة صناديق من التفاح الأخضر؟
ونحن لا نحبّ التفاح الأخضر!!

وكأنّي أرى صورتكما الآن
تتراكضان حول البحرة
أنتِ تسقين الزهور
وهو يحاول أن يمسككِ من خصرك
وقهقهاتكِ تملأ الدار فرحاً و حُبّاً
و يولد من ثناياكِ فجرٌ جديد
و يولد فِيَّ حُبُّ يمتد من شرايين قلبي
ليعانق شرايين قلبكِ
ليعانقَ تجاعيد وجهكِ القليلة
وكل تفاصيلك التي أعشقها


أرانا الآن
كما قبل خمسة عشر عام
أنا عائدةٌ من مدرستي مُتعبة
أعانقكُ في المطبخ
وأذهب لغرفتي
لأبدّل ثيابي
فتدخلين و بيدك
صحنٌ صغير
لتُطعميني بضع لُقيمات
فما كنتِ تطيقين صغيرتكِ جائعة
بضع دقائق أخرى
ريثما ترتدي المائدة روائعكِ الشهية


كم أشتاق لتلك اللُقيمات
وكم أشتاق لتقبيل يديكِ

و كم أشتاق لأصابعكِ الحريرية تُمشّط شعري
و رأسي يرتاح في حضنكِ
فيذبل تعبي
و تنمو أحلامي بأمانٍ و محبّة


أمّي
أِحِنّ كثيراً لكِ
و لدارنا الدمشقيّة
و لشغبنا
ولدالية العنب
أنا و أنتِ على سطح الدار
وأنا عفريتتكُ ذاتُ السبع سنوات
أحمل بيدي سلّة القش
أنتظر معها خصلاتَ العِنَبْ القرمزيّة

أتعرفين؟
لطالما تلصلصتُ على ساقيك
وأنتِ واقفة على السلم الخشبي الصغير
بينما الهواء الخفيف يبعد فساتينكِ الجميلة عنهما

كم كنتِ جميلة و رائعة
وكم تزدانين جمالاً عاماً بعد عام

أتذكّر وجهكِ عندما كنتِ تقبضين عليّ
وأنا أدسّ رأسي في فستانكِ

فتضحكين و تضحكين
فتضحكُ الدالية
و تتساقط عناقيد العنب

تضحكين و تضحكين
و ثقولين
كفا شغباً يا عفريتتي

كم أشتاق لأعود عفريتتكِ
كم أشتاق لضحكاتكِ


أمي

أشتاق لكِ و لقهوتكِ
وللصباح يشرق حين تبتسمين

أشتاق لأحاديثنا الطويلة
ونقاشاتنا التي لا تنتهي

أشتاق لوشوشاتنا
أشتاق لعناقك وأنا عائدةٌ من عملي
ليذوب تعبي بلحظة
و أتجدّد فيكِ و معكِ و لأجلكِ


كم أشتاق لشموعكِ
تُشعلينها من أجلي
وكم أشتاق لمشاويرنا الصغيرة الكثيرة
ولخطاكِ السريعة

كم وكم وكم أشتاق
لكِ يا أمي

فهلاّ تقبلين اليوم
و لا يبعدني عن صدركِ إلاّ الحدود
هل تقبلين
دعوتي لنذهب سويّةً إلى مدينة ذكرياتنا الرائعة؟
هل تقبلين قبلاتي
التي لا أُحصيها عبر الأثير؟


أحبّكِ يا أمي
أحبّكِ يا صغيرتي
أُحبّكِ يا صديقتي
أحبّكِ و أشتاق
أحبّكِ و سأبقى








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |


.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه




.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز


.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال




.. محمود رشاد: سكربت «ا?م الدنيا 2» كان مكتوب باللغة القبطية وا