الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إحتفال القتل البربري

قاسم هادي

2012 / 3 / 21
مواضيع وابحاث سياسية


أليس الموهومين بالإنتخابات كانوا أشد دفاعا عن الحرية التي سيتعرف عليها الجماهير يوما بعد آخر؟ عن ان الحكومة التي ستفرزها الإنتخابات ستحقق الدستور المدني الذي يحلمون به؟ بينما اثبتت الأحداث الواحد تلو الآخر بطلان ذلك حدثا تلو آخر تجر السلطات المجتمع الى الهاوية، يوما تلو آخر الى الرجعية والتخلف مضافة الى الفقر، البطالة، إنعدام الخدمات، والتهجير الذي يجري على قدم وساق دون توقف.
إنتشرت قبل فترة ظاهرة بربرية أخرى، بعمليات قتل علنية جرت بحق شباب غالبيتهم لم تتجاوز أعمارهم العشرين. وقد جرى ان تمسك مجموعة من المسلحين بشاب ويحيطونه ثم يبدأ الضرب والركل والإهانه وتمزيق الملابس ثم تنتهي بالرجم الذي تتبعه خاتمة أشد بشاعة من العملية برمتها وهي تحطيم رأسه أو رأسها بقطعة كونكريتية تعارف على تسميتها بـ "البلوكه." أضف الى هذه البشاعة ان كل تلك الأحداث تم تصويرها لحظة حدوثها من قبل الميليشيا المجرمة نفسها من دواعي فخرهم بالعمل البطولي الذين يقومون به وهو اجتماع هذا العدد المسلح من الأبطال لقتل مراهق برئ أعزل. ان ظاهرة قتل المراهقين الأبرياء هي واحدة من سلسلة الهجمات على مدنية المجتمع، على حريته، وبالتالي فرض التراجع على اي من الإحتجاجات التي من الممكن ان تتفجر هنا او هناك. بالنظر الى التهم التي وجهت الى هؤلاء الشباب وفراغ محتواها فان هذه الظاهرة هي واحدة من ظواهر فرض السلطة في وضع غياب الدولة والسلطة. إذا توخينا بحث التهمه مع اعتبار حرية اختيار الشريك الا ان الضحايا ليسوا بمثليين حيث ان جميع الضحايا ومن كلا الجنسين من المراهقين مما يعني ان بعضهم أطفال تم إغتصابهم مرارا وتكرارا بحيث ان الأمر لم يتم باختيارهم الواعي وهذا ينفي التهمه. القسم الآخر هم من الشباب الذين يعانون من شكل الحياة التي تتوفر لديهم. حتى ان من ضمن ماذكرة قادة التيار الصدري ان اعراض الظاهرة التي نسبوها لإتباع الشيطان هي الإكتئاب والإنزواء والتشاؤم وهي النتائج الطبيعية لمجتمع فقد كل مقوماته المدنية والحضارية. الا ان الشباب الذين اختاروا ملبسهم بهذا الشكل او ذاك هم اكثر انفتاحا وتعلقا بالحياة المدنية وارادوا اختيار تلك التقليعة محاولة منهم لإستعادة الجزء الحضاري المفقود حولهم بغض النظر عن اتباعهم الـ "إيمو" او اي شكل آخر متوفر.
لقد ذهب الكثير وراء ما بثته وسائل اعلام الميليشيات الإسلامية الدموية عن كونها ظاهرة مستوردة، شيطانية، ومنظمة الا ان الذي جعلها ظاهرة هي البشاعة والوحشية التي جرت بشكل احتفالي او حتى ماحدث اليوم حين ترك احدهم مشنوقا علنا على احد الجسور. ليس هنالك مايتخم تلك الميليشيات ويزيدها قوة اكثر من الموهومين بها وهم بشكل عملي الأبواق المجانية التي تنعق بعدالة ونزاهة وجدارة هذا التيار او ذاك بالسلطة. بينما يرزخ المجتمع باكمله تحت حكم الميليشيات وغياب السلطة والأمن تجد الكثير من الذين يعانون البطالة والفقر وانعدام الخدمات يجتر الوهم ويعيد تكرار الوهم على مسامعه حتى يصبح لديه حقيقة. بينما تجد الجماعات الأسلامية الدموية تزيد تنكيلا وقتلا وتزيد تخمتها من اموال ايران والسعودية بنهب الثروات التي لم ينعم بها الجماهير منذ بدء النهب الأمريكي المنظم حتى استلمت العصابات البرلمانية والوزارية عمليات السرقة والقتل المنظمين باحتفال السيادة الوطنية، تجد في الوقت ذاته عمليات الدفاع المجانية او مدفوعة الثمن عن ان تلك العصابات والعملية بالكامل ستؤول يوما ما الى الديمقراطية والحرية. بالرغم من هذا كله الا ان بذرات الوعي الجماهيري تنثر يوما بعد آخر وتتفتح عن ان احداث المجتمع الدامية هي ليست الا تلك الصراعات على السلطة المدعومة من الدول المتحاربة على ارض العراق، وسلسلة الهجمات الوحشية التي راح ضحيتها الأبرياء هي واحدة من الوسائل الدموية المتبعة للوصول الى السلطة من خلال تلك الهجمات والتفجيرات والحملات الدموية فان ارهاب المجتمع وتحويله الى ساحة الصراع وضحيته سيؤول أيضا الى ارهاب المنافسين السياسيين ويزيد من حصة الجماعات الإسلامية والقومية كل واحدة على حساب الأخرى.
إن إحتفالات القتل البربرية التي حدثت علنا تثبت ان إرهاب المجتمع يجري على قدم وساق، وتثبت أيضا ضلوع كل أطراف الحكومة في هذه الأحداث مع غياب واضح للأمن. تلك الأحداث لن تجعل اي من الذين يقفون معها او ضدها او يطالبون بوقفها لن تجعل اي منهم علما من اعلام الدفاع عن الحرية الشخصية فكلهم يقف في زاوية الإشتراك الفعلي والعملي بالأحداث او السكوت المهين عن الجرائم بحجة التوافق وادامة العملية السياسية. ان نفي او تأكيد صحة الأحداث لن ينفي هو الآخر تلطخ أيادي كل القائمين على العملية السياسية بدماء الأبرياء التي لن يوقف نزيفها الا إلتفاف الجماهير حول راية الحرية والمساواة وإقامة سلطة الجماهير بعد الإطاحة بسلطة الميليشيات، سلطة القوائم والأحزاب التي يتستر بعضها على بعض من اجل التوافق وادامة العملية السياسية التي تعني بالتالي العملية الدموية، وتعني ان كل جهة سترهب اكثر ستخيف المجتمع وتحكمه وتخيف ايضا الجهة الأخرى التي ستتنازل بالتالي عن بعض النفوذ لصالح القائمة الأكثر إجراما وأكثر ترهيبا. ترهات أخرى خاوية تلك التي يصرح بها بعض من المجرمين الذين يحتلون البرلمان والوزارات الحكومية كالتي يصرح بها الصدر للمدى او غيره ممن نفوا الظاهرة او صرحوا بان هذا القتل حرام!!! ان عمليات القتل حدثت علنا حتى انها لم تكن مثل عمليات الإختطاف الى جهات نائية كما في الكثير من الأحداث السابقة. انها حدثت أمام أعين الناس لإرهابهم وأمام أنظار السلطات لإبراز كونها شرعية من جهة وإبراز القوة والنفوذ الى الطرف السياسي المنافس في هذه المنظقة او تلك وبالتالي اعلان سلطة التيار الصدري على مدينة الثورة بالكامل وبلا منازع، او اعلان سلطة المجلس الأعلى على الكرادة وهكذا...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون يعلنون بدء تنفيذ -المرحلة الرابعة- من التصعيد ضد إس


.. ”قاتل من أجل الكرامة“.. مسيرة في المغرب تصر على وقف حرب الا




.. مظاهرة في جامعة السوربون بباريس تندد بالحرب على غزة وتتهم ال


.. الشرطة الأمريكية تعتقل عددا من المشاركين في الاعتصام الطلابي




.. بعد تدميره.. قوات الاحتلال تمشط محيط المنزل المحاصر في بلدة