الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيد النيروز

علا جمال

2012 / 3 / 21
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


من العادات القديمة أن يكون لكلّ أمّة يوم من أيّام الفرح العام وفي ذلك اليوم يبتهج جميع الأمّة وتهيّىء وسائل البهجة والسّرور. أي أنّ الناس ينتخبون من أيّام السّنة يومًا واحدًا وقعت فيه واقعةٌ عظمى أو أمرٌ جليل ويظهرون في ذلك اليوم منتهى السّرور والحبور والابتهاج فيزور بعضهم بعضًا، وإذا كانت بينهم كدورة فإنّهم يجتمعون ويزيلون ذلك الكدر والاغبرار وانكسار القلوب ويقومون مرّة أخرى على الألفة والمحبّة. وحيث إنّه وقعت للإيرانيّين في يوم النّيروز أمور عظيمة لهذا اعتبرت الأمّة الإيرانيّة النّيروز يومًا بهيجًا وجعلته عيدًا وطنيًّا لها.
وفي الحقيقة إنّ هذا اليوم مبارك جدًّا لأنّه بداية الاعتدال الرّبيعيّ وأوّل الرّبيع في النّصف الشّماليّ من الكرة الأرضيّة وتجد جميع الكائنات الأرضيّة أشجارًا وحيوانات وأناسًا روحًا جديدة فيه، وتجد نشاطًا جديدًا من النّسيم المحيي للأرواح فتنال روحًا جديدًا وحشرًا ونشرًا

بديعين لأنّ الفصل فصل الرّبيع، وتظهر في الكائنات حركة عموميّة بديعة.
لقد حدث في إيران في أحد الأزمان أن اضمحلّت السّلطنة ولم يبقَ منها أثر، ثم تجدّدت في هذا اليوم وجلس جمشيد على العرش ونالت إيران الرّاحة والاطمئنان فنشطت قوى إيران المفكّكة مرّة أخرى وتجلّى على القلوب والأرواح اهتزاز عجيب بحيث وصلت إلى أسمى ما وصلت إليه في عهد سلطنة كيومرث وهوشنك، ووصلت عزّة الدّولة والأمّة الإيرانيّة إلى درجة أعلى من العزّة والعظمة، وكذلك وقعت وقائع عظيمة جدًّا في يوم النّيروز كانت سبب فخر إيران وعزّتها. ولهذا تعتبر الأمّة الإيرانيّة هذا اليوم منذ ما يقارب الخمسة أو السّتّة آلاف سنة يومًا سعيدًا ويستغنمون به ويعتبرونه يوم سعادة الأمّة وبركتها ويقدّسون هذا اليوم ويعتبرونه مباركًا إلى يومنا هذا.
وخلاصة القول إنّ لكلّ ملّة يومًا تعتبره يوم سعادتها وفيه تهيّئ وسائل سرورها. وهناك في الشّرائع المقدّسة الإلهيّة في كلّ دور وكور أيّام سرور وحبور وأعياد مباركة. وفي تلك الأيّام يكون الاشتغال بالتّجارة والصّناعة والزّراعة محرّمًا بل يجب أن يشغل الجميع بالسّرور والحبور ويحتفلوا احتفالاً عامًّا لائقًا يتّسم بالوحدة حتى تتجسّد في الأنظار ألفة الأمّة واتّحادها.
وحيث إنّه يوم مبارك فيجب أن لا يقضى عبثًا وسدى دون نتيجة بحيث تنحصر ثمرة ذلك اليوم بالسّرور والحبور. وفي يوم كهذا يجب تأسيس مشروع تبقى فوائده دائمة لتلك الأمّة حتّى يبقى مشهودًا معروفًا على الألسن ويكتب في التّاريخ أنّ المشروع الفلانيّ قد تأسّس في نيروز السّنة الفلانيّة، إذن يجب على العقلاء أن يتحرّوا ويحقّقوا في ذلك اليوم في ما تحتاج الأمّة من الإصلاحات، وأيّ أمر خيريّ يلزمها وأيّ

أساس من أسس السّعادة يجب وضعه حتّى يتأسّس ذلك الإصلاح وذلك الأمر الخيريّ وذلك الأساس في ذلك اليوم. فمثلاً لو وجدوا أنّ الأمّة تحتاج إلى تحسين الأخلاق ففي ذلك اليوم يؤسّسون مؤسّسة لتحسين الأخلاق فإذا كانت الأمّة تحتاج إلى نشر العلوم وتوسيع دائرة المعارف يتّخذون في هذا الخصوص قرارًا أي يلفتون أنظار العموم نحو ذلك المشروع الخيريّ ولو وجدوا أن الأمة تحتاج إلى توسيع دائرة التّجارة أو الصّناعة أو الزّراعة فإنّهم يشرعون في ذلك اليوم بالوسائط المؤدّية إلى ذلك المقصود، أو إنّهم يلاحظون أنّ الأمّة تحتاج إلى حماية الأيتام وسعادتهم وإعاشتهم فإنّهم يقرّرون إسعاد الأيتام وقس على ذلك. فتتأسّس في ذلك اليوم مؤسّسات تفيد الفقراء والضعفاء البائسين حتّى تحصل فِي ذلك اليوم من الألفة العموميّة والاجتماعات العظيمة نتيجة ويتجلّى يمن وبركة ذلك اليوم. وخلاصة القول إنّ يوم النّيروز يوم مبارك جدًّا فِي هذا الدّور البديع أيضًا ويجب عَلَى أحبّاء الله فِي هذا اليوم أن يتّفقوا فِي الخدمة والعبوديّة ويجب أن يتكاتفوا فِي منتهى الألفة والمحبّة والاتّحاد وينشغلوا بذكر الجمال المبارك بكمال الفرح والسّرور وأن تتّجه أفكارهم إلى إيجاد نتائج عظيمة في مثل هذا اليوم المبارك وليس هناك اليوم نتيجه أو ثمرة أعظم من هداية الخلق لأنّ البشر المساكين محرومون من جميع المواهب الإلهيّة وبصورة خاصّة إيران والإيرانيّون فيجب على أحبّاء الله قطعًا في مثل هذا اليوم أن يتركوا لهم آثارًا خيريّة مادّيّة أو آثارًا خيريّة معنويّة بحيث تشمل هذه الآثار الخيريّة جميع النّوع البشريّ. لأنّ كلّ عمل خيريّ في هذا الدّور البديع يجب أن يكون عموميًّا أي أن يشمل جميع البشر ولا يقتصر على البهائييّن وحدهم. ففي جميع أدوار الأنبياء كانت المشاريع الخيريّة مقصورة على الملّة وحدها ما عدا المسائل الجزئيّة كالصّدقة فقد أجازوا شمولها العموم أمّا في هذا الدّور البديع فحيث إنّه دور ظهور الرّحمة

الإلهيّة فإنّ جميع المشاريع الخيريّة تشمل جميع البشر بدون استثناء لهذا فكلّ مشروع عموميّ يتعلّق بعموم العالم الإنسانيّ هو مشروع إلهيّ وكلّ أمر خصوصيّ ومشروع لا يتعلّق بالعموم فإنّه محدود، لهذا أتمنّى أن يكون كلّ واحد من أحبّاء الله رحمة إلهيّة لعموم البشر وعليكم البهاء الأبهى.
وفي احتفال النّيروز لعام 1915 خاطب حضرة عبد البهآء أحبّائه قائلاً:
هناك في السّنة نقطتا اعتدال حيث تطلع الشّمس من أفقهما، إحداهما هي نقطة الاعتدال الرّبيعيّ حيث تدخل الشّمس برج الحمل، وهذا اليوم هو يوم النّيروز، أما الأخرى فهي نقطة الاعتدال الخريفيّ حيث تدخل الشّمس برج الميزان، وهذا ما يسمّى بالمهرگان (المهرجان) ففي هذين الموسمين تطلع الشّمس من أفق الاعتدال فتقسم الأرض إلى قوسين، حيث تحيي الكائنات جميعًا من حدائق وسهول والجبال والصحارى من بعد موتها في هذا الفصل، وكانت خاملة خامدة تتحوّل إلى خضلة نضرة. يا لها من الطّراوة والحلاوة والنّورانيّة والرّوحانيّة الّتي تحصل من جرّاء ذلك. يحتفل الإيرانيّون في الحقيقة احتفالاً لائقًا فالعيد هو العيد في الواقع وليس صوريًّا، وعندما كنت في إيران كانت تقوم قيامتهم وبالأخصّ في القرى كانوا يعدّون العدّة لجميع أسباب السّرور والبهجة، ومع أن المراسيم خفّت الآن بالنّسبة للماضي إلا أنّهم يعيّدون عيدًا لائقًا، إنّ هذا العيد كان عيدًا محترمًا من قديم الأيّام ولقد جدّده حضرة الأعلى روحي له الفداء وصرّح بذلك جمال القدم في الكتاب الأقدس وأكّده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قيادي بحماس: لن نقبل بهدنة لا تحقق هذا المطلب


.. انتهاء جولة المفاوضات في القاهرة السبت من دون تقدم




.. مظاهرة في جامعة تورنتو الكندية تطالب بوقف حرب غزة ودعما للطل


.. فيضانات مدمرة اجتاحت جنوبي البرازيل وخلفت عشرات القتلى




.. إدارة بايدن وإيران.. استمرار التساهل وتقديم التنازلات | #غرف