الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مرحبا بكم في دولة الإخوان الفاشية

نادية الشربيني

2012 / 3 / 22
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


بعد فرحة الميلاد الأولى للبرلمان المنتخب بعد الثورة أصيب الناس بالذهول الممزوج بكثير من عدم التصديق لأداء البرلمان البعيد عن آمالهم وتطلعاتهم وانتهى بهم الحال إلى التحول بالأمل في حياة أفضل إلى جهة انتخاب رئيس قد يصلح ما انكسر. وفي الواقع فإن البرلمان وصمه الكثيرون بأنه "برطمان" و"مكلمة" لما ظهر من أدائه الركيك ومضيعته للوقت ودوره الرقابي الأشبه بالتمثيلية أمام حكومة يعلم الجميع أنها باقية حتى يشاء المجلس العسكري أمرا آخر. إلا أن البرلمان الذي توالى فشله بطريقة يومية حتى التخمة قد تقدم عضوه الإخواني صبحي صالح مؤخرا بمشروع قانون يضع قيودا استبدادية على حق التظاهر. وهو أمر وإن كان صادما إلا أنه كان متوقعا من الذين يفهمون المنهج الإخواني الذي يتميز بالبراجماتية والخداع والفاشية حيث رأي القمة هو الأوحد ومجال المناقشة محدود وحيث يذوب الفرد في الجماعة ويصبح لسانها الذي تتحدث به وذراعها الذي تبطش به. وصبحي صالح لمن قد لا يتذكر هو بطل التلفيقات الدستورية التي استفتي الشعب عليها والتي كانت بداية السقوط في مشوار الثورة. وهو صاحب تصريح زواج الإخواني من الإخوانية كي ينجبوا النسل الأرقى. وعندما حوصر من الدكتور خالد منتصر في محاورة تلفزيونية، ادعى أنه لم يكن يعلم بأمر هذه المحاورة ولا بوجود الدكتور منتصر فيها، إلا أن المذيعة سارعت إلى تكذيبه مؤكدة، بأغلظ الأيمان، أنه كان يعلم لأنها، وللمصادفة، كانت جالسة بجوار معدة البرنامج أثناء الاتفاق مع صالح. والآن بعد أن أصبح له كرسيا في البرلمان فقد اتحفنا بتحفة قانونية من النوع الشديد السمية وهو قانون تنظيم التظاهر، الذي أثار ضجة كبيرة ورفضا من أعضاء البرلمان أنفسهم، دعت المايسترو صالح إلى التنصل من مشروع القانون وحتى من صفته كنائب برلمان. فقد ادعى أنه مجرد "مُجَّمِع" للقانون وليس صانعا له! وكأنه ساعي بريد يسعى بين النواب في الخير ويستعمله النواب الذين يريدون تمرير قوانين فاشية كمخلب قط. وهذا يذكرنا بمحاولته التملص من تصريحاته العنصرية في مقابلته تلك. ولكن على أية حال، كلام الإخوان يمتزج فيه العسل بالسم حتى لا تكاد تفقه منه شيئا لأنه يعني كل المتناقضات في نفس الوقت. ولكن ما الذي يحتويه مشروع هذا القانون الذي جلب العار على من قدموه؟
يشترط القانون أن يقوم منظمي المظاهرة أو الاجتماع بإخطار الجهات المختصة قبل المظاهرة بثلاثة أيام على الأقل أو 24 ساعة إن كان الأمر يتعلق باجتماع انتخابي. وهو شرط حاول الحزب الوطني المنحل تمريره في مشروع مشابه قبل الثورة، ولكن أقل استبدادا من مشروع صالح، ولقي مقاومة عنيفة من المدافعين عن حقوق الإنسان، وربما كانت هناك بعض الأصوات الإخوانية المناهضة له في ذلك الزمان الذي ولى. ويبدو أن أصحاب الأغلبية في البرلمان الذي يهذي أكثر مما يتكلم بما يُعقل لم يكتفوا بموقفهم المتخاذل تجاه قضية الشهداء ودعمهم المريب لوزير الداخلية وجهازه الأمني، وإنما أرادوا أن يكونوا أداة تشريعية تمارس بها الأجهزة الأمنية قمعها باسم القانون. والقانون المقترح يلزم منظمي الاجتماع أو المظاهرة بتحديد مكان وزمان وموضوع المظاهرة وكأنه اعتراف مسبق يقر به المنظمون كي يستخدم ضدهم فيما بعد، وكله بالقانون. أي أن ينظم البعض مثلا مظاهرة تندد بحكم العسكر ويكتبون إلى داخلية العسكر، نريد تنظيم مظاهرة ننادي فيها باسقاط ولي نعمتكم. وطبعا لأننا نعيش في أفضل عالم ممكن حيث تحلق الفراشات وتتمايل الورود مع النسيم العليل، فإن أجهزة الأمن ستوافق باسم احترام حرية التعبير عن هذا النوع من المظاهرات. كما أن الإخطار يشمل معلومات مفصلة عن الداعي إلى المظاهرة وتحديد اثنين نائبين له، حتى يتمكن الأمن من قطع الرؤوس أولا بأول وتحميل مسؤولية التخريب، الذي لابد وأن يحدث على يد مأجورين وبلطجية الداخلية، على عاتق هذه الأسماء. وبالطبع هناك عقوبة وهي الحبس ستة أشهر لمن يشارك في مظاهرة بدون تصريح أو مظاهرة رفضها الأمن. أي أن كل من يجرؤ على فتح فمه بما لا يعجب النظام سوف يقطع لسانه، وسوف يجر الجميع إلى السجن. والعجيب أن الغرض الأعم من تنظيم مظاهرات هي التنديد بشيء ما أو الدعوة لتغيير ما. ومن الصعب تخيل كم سيكون عدد المظاهرات التي ستحصل على رضا الأجهزة الأمنية وفق قانون كهذا.
هل الإخوان بتقديمهم لهذا المشروع الفضيحة يقدمون الشكر إلى الشعب الذي وثق فيهم وتمنى أن يشهد حرية وكرامة وعدالة على أيديهم؟ هل يكرسون بهذا لدولة فاشية استبدادية وهو أمر يتسق مع منهجهم ومبادئهم الأساسية التي تعتمد على التراتبية في اتخاذ القرار؟ هل هذه واحدة من خطوات تأسيس دولة العسكر-إخوان التي بدأت معالمها تتضح رويدا رويدا؟ وهل سحبهم الاعتراف بوليدهم غير الشرعي هو حرص منهم على البقية الباقية من شعبيتهم أم أنها مناورة؟ الواضح أن أداء الإخوان داخل البرلمان بعيد عن الحرص على تأسيس أي قواعد لدولة ديمقراطية تتمتع بسيادة القانون.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اسلاموفوبيا ام تحبون النوم في العسل
الجزائري ( 2012 / 3 / 22 - 18:32 )
اذا اجمعت الاغلبية على حكم الاخوان فهذا يعني انكم لن تمنعوا من شرب الخمر او الردة او مغازلة النساء


2 - لا تعطوهم فرصة
حكيم فارس ( 2012 / 3 / 22 - 21:27 )
عزيزتي الكاتبة لايجب ان يعطى الاخوان والسلفيين اي فرصة في التلاعب في الحرية والديمقراطية التي حصلتم عليها لقد قام الشباب الثوري التونسي بمظاهرات كبرى هزت حزب النهضة الاخواني وجعلته يحسب الف حساب للقوى المضادة لهم وقد تم هزيمة الاسلاميين في الجامعات التونسية شر هزيمة..عليكم اتباع التوانسة الذين اشعلوا فتيل الثورات على ما يبدو انهم قد بادروا في اشعال فتيل ثورة اسقاط الاخوان وكما لحقتم بهم بالثورة عليكم ايضا اشعال فتيل ثورة اسقاط الاخوان والسلفيين

اخر الافلام

.. اعتصام لطلاب جامعة غنت غربي بلجيكا لمطالبة إدارة الجامعة بقط


.. كسيوس عن مصدرين: الجيش الإسرائيلي يعتزم السيطرة على معبر رفح




.. أهالي غزة ومسلسل النزوح المستمر


.. كاملا هاريس تتجاهل أسئلة الصحفيين حول قبول حماس لاتفاق وقف إ




.. قاض في نيويورك يحذر ترمب بحبسه إذا كرر انتقاداته العلنية للش