الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابعادنا عن وطننا الثاني سوريا

سعاد خيري

2012 / 3 / 22
سيرة ذاتية


بعد العودة الى دمشق قلقت جدا على تاثير ما حدث في المؤتمر الرابع على مهماتي الحزبية , واذا بالسكرتير الاول للحزب لعشرين عاما يزورنا وباسلوبه المداهن حاول تطيب خاطر زكي خيري ودعاه الى السفر معه الى بلغاريا . فاعجبت من قبول زكي الدعوة وسألته , كيف قبلت الدعوة وانت تعرف كل مواقفه واساليبه التي تقول عنها انه يستطيع ان يذبح بقطنة!!.
وتسلمت بعدها كل مهامي الحزبية دون ان يهدأ الصراع الفكري بل ازداد احتداما مع تطور الحرب العراقية الايرانية واصرار ايران على احتلال العراق واقامة حكم اسلامي تابع لها. فاصيب زكي خيري بذبحة صدرية في بداية عام 1986 وبقيت حياته في خطر ليومين في الانعاش . فعرضت قيادة الحزب عليه الانتقال الى موسكو للعيش هناك. رفض زكي العرض قائلا , لا اترك ساحة النضال في دمشق ولا اريد ان اتقاعد من النضال وانني في دمشق اشعر وكأنني في بغداد!!
كانت رسائل يحيى ووداد البلسم الشافي لقلوبنا في تلك الاجواء المتوترة . وقد اصريت عليهم ان يستمروا بالكتابة باللغة العربية وكنت في رسائلي الجوابية اصحح لهم الاملاء والقواعد وبالنسبة ليحيى حتى الخط. وكانت رسائل وداد تتميز بروح النكتة والمرح حيث تكتبها اثناء الدروس وتنقل لنا اجواءها وتؤجل اكمالها الى اليوم التالي . فكنا نتمتع بقراءتها ونتوقع ان تصبح كاتبة مبدعة. وما زلت اتوقع ذلك رغم احجامها عن الكتابة حتى الان. في حين بدأ يحيى الكتابة ويتمتع بقابلية ادبية كوالده حتى في الكتابة السياسية والاقتصادية . فبحوثه تشد القاريء,وقد نشرت له عدة بحوث اقتصادية عن العراق باللغة الانكليزية.
ثماني سنوات عشنا في دمشق ونظمنا حياتنا وكاننا في بغداد الحبيبة وكم تجولنا في مناطق دمشق القديمة وزرنا متاحفها وتجولنا في منتزهاتها كجزء من برنامجنا اليومي مساء. وكم تقنا للسفرات السياحية في انحاء سوريا دون جدوى . ففي كل مرة نبحث الموضوع مع الشيوعيين السوريين يتصدى احدهم الى دعوتنا ولكن بعد حين, حتى غادرنا سوريا بعد ثماني سنوات, ولم نشاهد سوى القنيطرة المدينة التي ترك العدوان الصهيوني بصماته الاجرامية على معالمها. وذلك بدعوة عامة من الحكومة السورية والمنظمات الاجتماعية . وبقيت في نفسي حسرة زيارة اللاذقية والسباحة في مياه البحر الابيض المتوسط. وكم وعدنا الرفاق السوريون الذين يملكون الشاليهات على شواطئ البحر بدعواتهم المؤجلة . ولم استطع تحقيق حلمي هذا الا عام 2001 برفقة ثلاث فتيات كرديات رائعات في احدى زياراتي السنوية لمثوى زكي خيري في دمشق التي استمرت حتى عام 2010 .
وفي صيف عام 1987 نشر زكي كتابه , الحرب العراقية الايرانية وقضايا الثورة, بمساعدة الحزبين الشيوعيين السوري واللبناني لاتفاقهما مع وجهات نظره وينتقدان مواقف الحزب الشيوعي العراقي ولاسيما في استمرار الكفاح المسلح ضد الجيش العراقي الذي يواجه العدوان الايراني. واثار الكتاب الحكومة السورية ايضا لانها كانت في تحالف مع النظام الايراني ضد النظام العراقي بقيادة صدام الذي افشل مشروع الوحدة بين العراق وسوريا عام 1979 الذي اجهضه بالانقلاب على البكر. وهاجمت صحيفة كيهان الايرانية زكي خيري وعرفته بزوج اليهودية سعيدة ساسون مشعل!! فتصاعدت الضغوط على زكي خيري للسفر الى الخارج والعيش في براغ . ورفض !! فاخذوا يبوحون بمواقفهم منا بما في ذلك, باننا اصبحنا عالة على الحزب!!وكم كان هذا يؤلمنا ومع ذلك لم نرغب بترك دمشق وكم كنا نتمنى ان يتقدم احد الحزبين الشيوعيين السوري واللبناني لاعالتنا , ولكن دون جدوى في حين رفضنا بشكل قاطع عرض الحكومة السورية عام 1986 اعالتنا اثر عدم انتخابه للجنة المركزية.
وتكاثرت الضغوط علينا لمغادرة دمشق فقد كان مسؤل لجنة الاعلام لا يكف عن مهاجمة زكي خيري واتهامه بخدمة النظام الدكتاتوري عند كل اجتماع لمناقشة اي موضوع في قضايا الاعلام وكم كان يحز في نفسي عدم تصدي اي من رفاق الاعلام لهجومه غير المبرر والظالم . وعينت الحكومة السورية مخبريين دائميين امام بيتنا يرافقنا احدهم حتى في نزهاتنا اليومية مساء , حيث يقف امامنا بشكل مزعج عند جلوسنا للاستراحة في احدى حدائق اجمل شوارع دمشق , ابو رمانة, . واخيرا جاءنا عامر عبد الله بعد غياب طويل ليخبرنا بانه مكلف من الحكومة السورية بابلاغنا بانه لم يعد بقاؤنا في دمشق مرغوبا فيه. وحذرنا قائلا , صحيح انهم لا يجرأون على اعتقال زكي خيري, ولكنهم يمكن ان يختطفوا ام يحيى ويخفوها ولا يمكن لاحد معرفة مكانها او مصيرها, . واخذت مالكة البيت السورية تلح على تركنا البيت وبغضب قالت , حتى حزبكم لا يعرف كيف يتخلص منكم!!, ما اقسى كل هذا!!
واخيرا وبالم ومرارة اخبر زكي خيري الحزب بموافقته على السفر الى براغ في ايلول 1989 وبعد بضعة ايام جاء ابو داوود لتوديعنا في المطار ودفع المبالغ المفروضة على الحمولة الزائدة من الكتب التي كانت معنا . واستقبلنا الرفاق في براغ وانزلنا في احد بيوت مجلة قضايا السلم والاشتراكية المهجورة بعد ان جرت تصفية اعمالها وتوقفها عن الصدور في مطلع الانهيار الذي تعرضت له الحركة الشيوعية في نهاية الثمانينات ومطلع التسعينات, باعتبارزكي خيري من اعضاء هيئة تحريرها لعدة دورات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرة حاشدة نصرة لفلسطين في ساحة الجمهورية وسط العاصمة الفر


.. أصوات من غزة| أثمان باهظة يدفعها النازحون هربا من قصف الاحتل




.. واشنطن بوست: الهجوم الإسرائيلي على رفح غير جغرافية المدينة ب


.. إندونيسيا.. مظاهرة أمام السفارة الأمريكية بجاكرتا تنديدا بال




.. -مزحة- كلفته منصبه.. بريطانيا تقيل سفيرها لدى المكسيك