الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفخخات الجهل.. جنود التخلف

احمد حسين

2012 / 3 / 22
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


حين قاد محافظ بغداد كامل الزيدي حملته الإيمانية لغلق النوادي الليلية في بغداد العام الماضي، وضع العديد من العراقيين أيديهم على قلوبهم خوفا من عودة حزب البعث المحظور بحلة جديدة ووجه جديد، وحتى أولئك الذين لا وفاق بينهم وبين الخمر والنوادي الليلية كانوا متوجسين من دول إسلامية كالتي تتحكم بمقدرات السعوديين وتطبق بقبضة من حديد على رقاب الشعب الإيراني، وانحسرت الحملة الزيدية، ربما تحت ضغط الحملة الإعلامية المضادة، وربما بتأثير من بعض الساسة المنخرطين في ملذات الثمالة والحفلات الحمراء، لا أظن أن أحدا منّا بإمكانه البت بأسباب تراجع الزيدي عن حملته الميمونة، لكن ما لم ينتهي هو استهداف محال بيع الخمور والنوادي الليلية بالسيارات المفخخة والعبوات والأحزمة الناسفة، و(تأديب) محتسي الخمر من قبل جنود النهي عن المنكر.
حيث أسكن تنتشر محال بيع الخمور، وبشكل أسبوعي تستهدف هذه المحال ومن فيها أو بالقرب منها من محال ومنازل وسابلة بعبوات ناسفة أو (صليات) من كلاشنكوفات غير مجهولة الهوية، وبين الحين والآخر يتناهى إلى مسامعي قصة شاب أو كهل ظفرت به عصابات النهي عن المنكر متلبسا بالانتشاء، واقتادته إلى (مكاتب) غير مجهولة الهوية أيضا، لتقيم عليه الحد الشرعي، ومثل هؤلاء محظوظين فهناك من أقيم عليه الحد أمام منزله أو في الشارع على مرأى من الناس وقوات من المفترض أنها المسؤولة عن تطبيق القانون وحماية المواطنين.
القضية ليست قضية خمر وملاهي بقدر ما هو قضية الإنسان العراقي الذي امتهنت كرامته من قبل النظام المباد ليأتي معارضوا ذلك للإجهاز على ما تبقى من كرامة، فمنذ سقوط النظام المباد ولغاية الآن، المواطن البسيط نهبا لقوى الشر والتخلف، لجنود الجهل والظلام، لميليشيات عقائدية وأخرى حزبية، لشيوخ القبائل ودراويش التابوات، لساسة لا هم لهم سوى بطونهم وكراسيهم.
كنّا نظن عكس ذلك، كنّا نظن أن النظام المباد الذي تاجر بالإنسان العراقي وكرامته وبدمه وثرواته لن يعود مرة أخرى، كان نظاما همجيا مسعورا لا نتوقع منه إلا الرذيلة، وحين سقط صنمه ظننّا أن كل ما يمت له بصلة سقط معه، توسمنا في قادة العراق الجديد خيرا وتحضرا، توسمنا فيهم أن يكونوا مصابين بعدوى الدول المتمدن التي هاجروا إليها هربا من جحيمنا، لكن ليس بالظنون وحدها تبنى البلدان ويحيى الإنسان.
لا أدري ما الذي تريده جيوش الرجعية القادمة من كهوف تورا بورا أو صوامع البداوة؟، هل يدفعونا إلى هجرة جماعية، في الداخل ليس أمامنا سوى إقليم كردستان، لكن الإقليم لن يقبل بنا خوفا على مجتمعه من العدوى، ودول العالم ما عادت تستقبل العراقيين ما لم يكونوا بعثيين أو قتلة ملطخة أيديهم بدمائنا، أين نتوجه إذا؟!.
متاهة هذه التساؤلات المحيرة والتي لن تجد لها إجابة يمكن الخروج منها بجواب بسيط وهو أننا لن نترك لكم العراق، لن نترك لكم بلدنا، ولن نخلي لكم أرضنا لتعيثوا فيها فسادا، سنظل هنا وقوفا بوجوهكم الكالحة، سنحتسي الخمر حتى وإن كنّا لا نستسيغ مرارته فهي أعذب من زقومكم، سنرتاد الملاهي حتى وإن لم نكن من محبي اللهو فهي أمتع من النظر إلى وجوهكم، سنسمع الأغاني فهي أجمل من حشرجاتكم، سنزني حتى وإن كنّا أوفياء لزوجاتنا وحبيباتنا فالزنا أثوب من مصافحتكم، سنكون أحرارا رغم أنوفكم المتعالية التي لا تستنشق سوى حرائق التفجيرات ورائحة الدماء وادخنة البخور المعتق، سنظل ها هنا، في بلدنا، في أرضنا، في وطننا الذي ظننتم أنه بستانا من بساتينكم المغتصبة، وسنواصل محاربتكم بأسلحتنا، بأقلامنا وأصواتنا وشجاعتنا حتى نطهر الأرض من جهلكم ومن مفخخاتكم وأحزمتكم الجبانة وعبواتكم الغادرة وكواتمكم المرتعشة خوفا من المواجهة.
العراق ملاذنا الأول والأخير والأمة العراقية هي حصننا المنيع، لسنا مثلكم نلوذ ببدو الخليج وإيران وخفافيش القرون الوسطى، لا نتقاضى أثمان قتلنا لبعضنا البعض من خارج الحدود، لأننا لسنا بقتلة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح