الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة اللوحة بقلم رصاص

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2012 / 3 / 23
الادب والفن


قراءة اللوحة بقلم رصاص
سامي البدري
كمتابع ومتذوق وقارئ – أحيانا – للمعارض الفنية، لطالما إستوقفني السؤال التالي: هل تلبي طروحات اللوحة التشكيلية العربية الحديثة حاجاتنا الثقافية المتوخاة منها؟
معروف أن اللوحة الفنية عمل إبداعي، كالقصيدة والمقطوعة الموسيقية والقصة والمسرحية، تنحصر مهمتها الثقافية في طرح السؤال وتعديد زوايا النظر إليه.. فهل نجحت اللوحة التشكيلية العربية الحديثة في تلبية حاجاتنا الثقافية والمعرفية في طرح السؤال إبداعيا وجماليا؟ لطالما توقفت أمام عشرات اللوحات، في المعارض الشخصية وقاعات العرض الدائمة، أبحث عن أوجه تمظهر أسئلتها وطريقة سوقها وميكانزم طرحها وهارموني تفجرها عبر ضربات ألوانها ونسب كتلها ومساقط ضوئها وزوايا رؤيتها فوجدتني أتساءل: هل طور هذا الفنان سؤالا جديدا من المعاني المطروحة على الطريق – بتعبير الجاحظ – عبر ضرباته هنا أو عبر إختياره للموضوع في هذه اللوحة؟
لكم وجدتني أدخل لوحة – ومعرضا كاملا أحيانا – وأخرج منها دون أن أضع إصبعا على سؤال محدد أو زاوية نظر جديدة إقتنصها الفنان بطريقة طرحه ومعالجته في تلك اللوحة.
أحيان كثيرة تركتني لوحات معلقا في فراغ ضبابي ورمادي يضع مسافة ذراع كامل بين المتلقي وبين إشاراتها، التي من المفروض أن تكون مبثوثة في ثنايا ضربات الفرشاة وكتلها اللونية لتوصلني إلى شفراتها التي تشكل موضوعها وتتطلب الفك والكشف عن أسرار أسئلتها الفكرية والمعرفية والجمالية، ليسقط إصبعي على هوة لونية بلا خريطة... بل وبلا تضاريس يتابع سير مدلولاتها من الأساس.
إذ أتوقف أمام لوحة تشكيلية فإن أول ما أبحث عنه في تخطيطاتها وضرباتها وكتلها اللونية هو ما يقهر قناعاتي الزائفة والقديمة ويدحر حصونها عبر سيل من الأسئلة المحاججة التي ترافقني إلى السرير وتشاركني وسادته تلك الليلة.
في أحد معارض الحروفيات الذي عرض فيه صاحبه (22 ) لوحة سألت صاحبه وأنا أقف أمام آخر لوحات المعرض: أتعرف أين أقف الآن؟ فأجابني بإبتسامة شفقة: أمام لوحتي هذه طبعا...؟ فقلت: بالفعل، وهذا دليل على فشلك لأني من المفروض أن أكون الآن داخل اللوحة أفكك شفراتها وأصطلي بوهج أسئلتها الجديدة والمحيرة!
مثالي هذا لا يعني إني أطالب الفنان، أو حتى أن أقترح عليه ما يقيد حريته في الاختيار في اسلوب أو طريقة الطرح والمعالجة، إنما أحاججه بمساحة شحن لوحته والأفق الذي يتطاول على ملامسته ودغدغته هذا الشحن.
في لوحة حقل عباد الشمس لفان كوخ، كنت أتعثر بقامات شفراتها مندسة بين صفوف سيقان وزهور اللوحة التي غطت كامل مساحة ذلك الحقل البرتقالي.. وفي لوحة لفنان عربي رسم فيها مربعا برتقاليا ينزوي في الزاوية السفلى من أقصى يسار اللوحة في فضاء من الرماد المطلق، سألت صاحبها عما يمثله ذلك المربع فقال: إفترض إنه صندوقا... فقلت سأفعل فيما لو كنت قد علقت لي أحد مفاتيحه في جهامه هذا الرماد القاحل ولكنت الآن في داخله أبحث عن إشاراتك التي أودعته!
هل كنت أنا العاجز عن اللحاق بإشارات صندوق فناننا ، رغم صرفي ساعات إندهاش طويلة وأنا أحاول تلمس مفاتيح حقل فان كوخ البرتقالي؟
ربما!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نصير شمة في بيت العود العربي


.. مفاجاة صارخة عرفنا بيها إن نصير شمة فنان تشكيلي ??? مش موسيق




.. مش هتصدق عينيك لما تشوف الموسيقار نصير شمة وهو بيعزف على الع


.. الموسيقار نصير شمة وقع في غرام الحان سيد درويش.. شوفوا عمل إ




.. بعيدا عن الفن والموسيقى.. كلام من القلب للموسيقار نصير شمة ع