الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطريق الى الشورجة

عبد جاسم الساعدي

2012 / 3 / 24
الادب والفن


أنطفأ التيار الكهربائي في المنزل فجأة، بقيت في مكاني. سادت البيت ظلمة، خوف، فزع ... لا صوت غير أصوات الرصاص في الخارج. تسّمر مهيار في مقعده ، ربت على كتفه لأطمئنه .
تحركت بحذر أبحث عن المسدس . وضعته بين يديّ ، أقبض عليه ، وكأني أحتمي من خطر داهم .
ازدادت كثافة الرمي حول الدار ، سحبته إلى غرفة خلفية .
أظهر مرونة في الانتقال من دون اعتراض، غير أنه كان يردد: come down, come down تمنيت أن يقتنع بالعودة إلى هناك .
- الظروف غير مواتية لوجودك هنا يا بنيّ؟
- والظروف التي تواتيك أنت للبقاء هنا ؟ أجابني على الفور .
- لزمت الصمت أمام سؤاله ، فعاودتني عشرات الأسئلة المماثلة التي تواجهني في المعهد ، الشارع ، البيت.
- كان شاب في الثلاثين من عمره ، قصير القامة ، ممتلئ ، بيده منشفة صغيرة ، يمسح بها وجهه لشدة حرارة تموز ، ابتدأ غاضباً يسرد حكايات سياسية صغيرة ثم يبني عليها أحكامه، استولى على الركاب بالقصّ من دون توقف ، ابتدأ من نقطة انطلاق سيارة نقل الركاب في " المشتل إلى " الشورجة " كان إلى جنبه شابان آخران ، يحمل أحدهما جهاز راديو مستعملاً ، ويمسك الآخر بقفص صغير به " عصفوران " كان الجميع ينصت إليه ، يؤيده البعض بحركة رأس أو مجاراته بعدم الاعتراض عليه .
- يحرك يديه بقوة ويقسم بـ " الأئمة " بأن العراق يسير نحو الهاوية ، نحو المجهول ، حكومة " الجعفري " فاشلة ، لم تحقق شيئاً للعراقيين، يستدرك في الحين، بأنه رجل مخلص ، لكنّ الحاشية حوله تبحث عن منافعها الشخصية .
ظهرت انتهازية " المتدينين " الجدد في مناطق الجنوب ، وأعاد القسم وهو يرتجف غضباً ، تحولوا من " حرامية " و " سلابة " و " مهربين " وأزلام صدام ، إلى متدينين لمجرد أنهم غيروا ملابسهم فاستلموا المناصب الرفيعة ولهم " الوجاهة والجاه " ويتقاضون الرشاوى علناً .!!
توقف السرد وتحول الغضب على القوات الأمريكية التي قطعت الطريق ، ثم توالت شهادات الركاب عن جرائمها اليومية في الشوارع .
صفق الشاب يديه ، فأنتبه الركاب
- كم حاولت الهرب من هذا العراق ، دون جدوى ، كنت أعرف ما سيحصل .
- وماذا ستفعل في الخارج ؟ سألته
- أبحث عن حريتي وأتنفس هواء آخر . أجاب .
- كان يواجهني في مقعده ، بابتسامة هادئة جداً قلت : هذا الذي أمامك ، وأشرت إلى نفسي ، أمضيت ثمانية وعشرين عاماً في الخارج ، خمسة عشر عاماً منها في انكلترا وكما تراني معك .
- هزّ يده مع ابتسامة ساخرة.
- ركز الركاب نظراتهم نحوي ، بابتسامة ودية.
- انك صيد ثمين ، اسكت والاّ بعناك لجماعات الخطف والسلب ، علق أحدهم : بالله عليك ، ما الذي حملك على العودة إلى العراق ، سأل الشاب ها ، ها ، الوطن ، الوطنية ، الحنين للموت ! أتمشى معكم صباح الجمعة في سوق الغزل والشورجة …


بغداد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد عز الفيلم المصري اسمه الفيلم العربي يعني لكل العرب وا


.. انطلاق فيلم عصابة الماكس رسميًا الخميس في جميع دور العرض




.. أوس أوس: هتشوفونا بشكل مختلف في فيلم عصابة الماكس وكل المشاه


.. مؤلفين عصابة الماكس: الفيلم قائم على العائلة وأهميتها.. ومشا




.. لبلبة وأوس أوس ونجوم مسرح مصر يحضرون العرض الخاص لفيلم عصابة