الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كفاية استقرار واستمرار

محمد حماد

2005 / 1 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


ما كرهت مصر كلمة قدر كراهيتها لكلمتى الاستقرار والاستمرار..
أكثر شيء لا تريده مصر الآن هو شعار الاستمرار الذى يرفعه البعض فى مواجهة التغيير الملح.
لم ترفض مصر شيئا طوال تاريخها بقدر ما ترفض الآن الحديث الممل عن الاستمرار والاستقرار.
مصر الآن موجوعة بالسؤال عن أى استقرار يطلبون وقد استقر بها الحال فى القاع، وبقاء هذه الأوضاع لا يبشر بأمل فى الطفو إلى سطح الحياة من جديد!
عن أى استقرار يتحدثون؟
وأى استمرار يطلبون؟
هل المطلوب استمراره هو نهب أموال البلاد والعباد، هل مطلوب استمرار تجريف الأموال إلى خارج مصر، هل مطلوب زيادة احتكار المحتكرين، وافقار المحتاجين، هل المطلوب استقرار الحاكم فوق كرسيه أو فوق جماجم شعبه ،أيهما أسهل..
هل مطلوب أن يستمر الحاكم يحكم شعبا أغلبيته الساحقة فى حالة عوز، ونصفه تحت خط الفقر، والبطالة تأكل شباب شبابه، وذلك كله بفضل سياساته ؟..
هل المطلوب الاستمرار بعد 4 دورات رئاسية كاملة، وهل لا يكفى الحاكم أن يبقى حاكما 24 سنة، وهل لا يكفى المواطن تعاسة أن يظل محكوما بالطواريء لمدة ربع قرن بدون توقف ولو لمدة ساعة من نهار!
هل يمكن أن تتسع الشهوة فى الحكم لأكثر من عقدين ونصف، وهل يمكن أن يبقى شعب تحت حالة الإفقار كل هذا الزمان!
استقرار ماذا؟
واستمرار من؟
أوصلنا الإصلاح الاقتصادى على طريقة نظام الرئيس مبارك إلى حافة انهيار اقتصادى، فهل المطلوب استمرار الرئيس حتى إشهار افلاس مصر؟
أوصلنا الاصلاح السياسى الذى يؤكد الرئيس على أنه بدأ من فترة طويلة إلى تقنين حالة الاستبداد، فهل المطلوب هو استمرار وتصاعد وتيرة الاستبداد حتى إعلان وفاة مصر؟ أكثر شيء لا تريده مصر الآن هو هذا الاستقرار، وأكثر شيئ ترفضه مصر الآن هو الاستمرار..
مصر تريد أن تخلع عن نفسها عار أن تظل محكومة بشرعية الأمر الواقع!
انتظرت مصر طويلا، ولم يعد فى مقدورها المزيد من الانتظار.
استقر النظام طويلا، بلا معارضة حقيقية تهدد وجوده، والنتيجة خراب اقتصادى، وتخلف سياسى..
انتظر الشعب طويلا، بأكثر من طاقة الشعوب الأخرى على الانتظار وكان الأمل أن يأتى لنا بشيء فإذا الاستقرار يؤدى بنا إلى استمرار الحكم بالأنجال!
بلد كل شيء فيه مؤجل، وعلى أهبة الانتظار منذ 23 سنة، ولا شيء يتقدم إلى الأمام، وكل شيء يسير إلى الخلف، والمشاكل تتفاقم..
كرهت مصر سياسة الاستقرار والاستمرار لأنها تعنى فقدان أى شرعية للحاكم إلا شرعية الأمر الواقع!
مصر تضج الآن من طول الانتظار، وملت من تأجيل مستقبلها المرهون بمشروع وحيد لا هدف له إلا التهيئة لنقل السلطة بأقل خسائر من الرئيس إلى نجله!
نمنا خلال عصر النهضة الكبرى الذى أعلنه الرئيس منذ سنوات مضت، لنصحو على خيبة كبرى اسمها الفكر الجديد وحقوق المواطنة!
ولم يسأل أصحاب الفكر الجديد أنفسهم فى أى عصر أهدرت حقوق المواطنة، ألم يكن ذلك فى عهد الفكر القديم؟
مصر لا تطلب الاستمرار ولا الاستقرار، بل أجازف بالقول بأنها تتشوق إلى العكس على طول الخط..
مصر لم تعد تحتمل استمرار ما نحن فيه.. مصر لن تحتمل الاستقرار المطلوب لتمرير عملية التوريث بسلاسة..
المطلوب الآن وقبل الحريق - أن نتوافق على الدخول فى عصر الجمهوريات البرلمانية، لا أن ندخل إلى عصر الجمهوريات الوراثية..
مصر أحوج إلى الخروج من كنف الحاكم الفرد، والدخول إلى حكم برلمانى دستورى، يقوم على تداول السلطة عبر صناديق الاقتراع!
مصر اليوم لا تحتاج إلى تجديد الحكم الحالى ولا تحتاج إلى تمديده، ما تحتاجه مصر أن تغير نظام الحكم نفسه..
مصر أحوج الآن إلى اسقاط النظام الرئاسى الذى يعطى الرئيس كل السلطات وكل الصلاحيات، ليقوم محله نظام برلمانى تكون للشعب فيه الكلمة الأخيرة، يسقط بنفسه الحكومات ويقيمها على أساس برامجها وانجازاتها!
مصر لا تريد أن تمشى فى طريق التمديد الذى آخره تسليم السلطة لنجل الرئيس، ولا تريد أن تمضى فى طريق التجديد، الذى آخره أوضاعًا أسوأ مما نحن فيه!
مصر تريد التغيير.. تريد تغيير الوجوه.. وتريد تغيير السياسات.. وتريد تغيير النظام..
مصر تريد التغيير.. وكفي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. قطر تلوح بإغلاق مكاتب حماس في الدوحة.. وتراجع دورها في وساطة


.. الاحتجاجات في الجامعات الأميركية على حرب غزة.. التظاهرات تنت




.. مسيرة في تل أبيب تطالب بإسقاط حكومة نتنياهو وعقد صفقة تبادل


.. السيناتور ساندرز: حان الوقت لإعادة التفكير في قرار دعم أمريك




.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال