الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شبكة الإعلاف العراقي

احمد حسين

2012 / 3 / 26
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


اليوم واحتفاءً بقمة حكومة نوري المالكي، رغم أنفي كنت أشاهد قناة العراقية الفضائية، إحدى تشكيلات وزارة الإعلام المنحلة - عفوا خطأ طباعي – إحدى تشكيلات شبكة الإعلام العراقي، والدتي التي ختمت القرآن عشرات المرات بحيث ما عادت تعرف كم مرة ختمته، لا تجيد استخدام جهاز التحكم عن بعد (الريموت كونترول)، لكنها مقتنعة بأن حزب الدعوة الذي وبسببه أعدم أربعة من أبناء حماها (عمي) هو حزب يحفظ للإسلام هيبته.
والدتي تطلب مني أن اختار لها القنوات الإخبارية العراقية لكي تشاهد الحدث، وبما أن الاختيار مرتبط بمسمى (العراقية) فهي وبحسن نية تعتقد إن قناة العراقية الناطق الرسمي باسم الشارع العراقي، المفاجأة أن هذه القناة التي من المفترض أنها (عراقية) لما بعد التغيير، لم تكن كذلك، فقد استمعت إلى أغنية بثتها تتغنى وتمجد بما انجزته حكومة نوري المالكي من منجز عظيم وهو عقد قمة عربية في بغداد، الأغنية ذكرتني بزمن ظننت أنه ولى، زمن كان فيه الشعراء والملحنين والمطربين ما إن يتمشدق القائد الضرورة بجملة أو فعل حتى ينظموا أغنية فيه، كذلك هي قناة العراقية، بثت عبر أثيرها أغنية تمجد بمنجز الحكومة المالكية وتفرش بغداد بالأسلاك والجيوش، - عفوا خطأ طباعي آخر – تفرش عاصمة الرشيد بالرمل امتنانا للقادة العرب، القادة العرب الذين كانوا حتى وقت قريب متهمين من قبل نفس الحكومة المالكية بتجييش وحوش العقائد المنحرفة، والمؤتلفة في الوقت نفسه على قتل الإنسان العراقي، لكنهم الآن أصبحوا ملوكا وقادة تفرش لهم السجادة الحمراء.
أغنية قناة العراقية الممجدة لحكومتها والمهللة لضيوفها ذكرتني بزمن ظننت جزافا أنه ولى، وذكرتني أيضا بقصة رواها أحد أصدقائي الذين اضطروا في أواخر تسعينيات القرن الماضي إلى تسول لقمة العيش في المملكة الأردنية الهاشمية أبان حكم حزب البعث غير المحظور في العراق الجديد القديم، يقول صديقي هذا أن كاسبا أردنيا كان يعمل معهم وحين عرف أني صديقي عراقي بادره بالقول: (أنتم العراقيين عجيبين، ما أن يحدث حدث أو يقوم صدام بفعل أو قول حتى تظهر بعد ساعات أغنية تتغنى بما قاله أو فعله، من أين لكم هذه المقدرة على التأليف الشعري والموسيقي والغنائي)، ويجيب صديقي (الجوع والخوف سلطانهما قاهر، والعراق بلد الشعراء لذلك تأليف الأغاني مهنة من لا مهنة له).
اليوم أتذكر هذه القصة، وأتذكر أن شعراء وموسيقيي ومطربي البلاط المباد ما زالوا بيننا يتبخترون بيننا، هذا أمر طبيعي فلكل زمان أبواقه، لكن غير الطبيعي أن تعود وزارة الإعلام مرة أخرى إلى الظهور وبالمال العام نفسه الذي كان النظام ينفقه لتمجيد نفسه، لكن بمسمى آخر، مسمى اختار من التغيير كلمة (شبكة الإعلام) بدلا من (وزارة الإعلام)، وتغييرا منحته الحكومة حق احتكار المال العام لشراء ذمم وأصوات من يرتضون لأنفسهم أن يكونوا أبواقا ناعقة، وبموافقة برلمان أصبح جزافا يحكم باسم العراقيين لأن بعض المخدوعين انتخبوه.
المفارقة الأكثر غرابة أن مدير شبكة الإعلام العراقي (محمد عبد الجبار الشبوط) الذي يتغنى بمنجزات حكومة نوري المالكي هو نفسه مراسل صحيفة (الوطن) الكويتية الإلكترونية التي كتب فيها تقريرا خائنا للعراق عنوانه (العراق يتهرب من ديون الكويت)، ولا أدري ماهية هذا التهرب، والعراق كان منذ العام 1991 وما زال يدفع من ثرواته نسبة للكويت لتعوض ما سلبه منها صدام الذي دعمته وساندته في حربه المجنونة ضد إيران والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين، وكذلك في حربه ضد الانتفاضة الشعبانية التي أيضا راح ضحيتها مئات الآلاف من العراقيين أيضا، ولا أدري كذلك ما هو معيار الوطنية هنا، هل هو الولاء للكويت التي كانت تدعم صدام في حربه الموهومة ضد إيران والتي راح ضحيتها مئات الآلاف من العراقيات والعراقيين، والتي هي نفسها بعد أن حررتها أميركا من جبروت هذا الصدام رفضت أن يتحرر العراقيين من قبضة حكم البعث وارتضت أن يعود صدام إلى حكم العراق من أجل أن لا يتحرر العراقيين من حكمه، أم الولاء لنوري المالكي الذي نصب الشبوط وزيرا لإعلامه؟!.
هذا الـ(نوري) وشبوطه هم يحكمون الآن، ويتحكمون بالإعلام العراقي الممول من المال العام، ويمن يتغنون بأمجادهم هم من منحوا الشرعية الدستورية لاستلاب المال العام، لكن هل سيواصل هؤلاء إستراتيجيتهم الهادفة إلى إفراغ العراق من العراقيين؟، هذا هو السؤال.
أنا أعرف جيدا أن ما أكتبه لا يغير ولا يحرك شيء، لكنني أكتب لكي أبرئ ذمتي وضميري أمام ذمتي وضميري، ليس إلا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - للماليك زمان وينقضي
ضياء شما ( 2012 / 3 / 26 - 22:03 )
تحية للكاتب أحمد حسين
وتحية لارهاصاته ومعاناته الوطنية في زمن اعدام الوطن والوطنيين
وتحية لقدرته التمييزية بين الشبوط والبوري وملاك الشط
لكل زمان وقت ولا بد يعود العراق بعد انقضاء زمان المماليك هذا عزيزي الكاتب..

اخر الافلام

.. دمار شامل.. سندويشة دجاج سوبريم بطريقة الشيف عمر ????


.. ما أبرز مضامين المقترح الإسرائيلي لوقف إطلاق النار في غزة وك




.. استدار ولم يرد على السؤال.. شاهد رد فعل بايدن عندما سُئل عن


.. اختتام مناورات -الأسد الإفريقي- بالمغرب بمشاركة صواريخ -هيما




.. بايدن: الهدنة في غزة ستمهد لتطبيع العلاقات بين السعودية وإسر